هو ابوبكر محمد بن زكريا الرازي عرف عند الغرب باسم رازيس ولد في الري (مدينة صغيرة تقع على بعد خمسة اميال في الجنوب الشرقي من طهران فتحها العرب في عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وولد فيها ايضا هارون الرشيد والمهدي بن المنصور الذي بنى فيها مسجدا كبيرا) ولقب بالرازي نسبة الى مسقط رأسه، عاش فيما بين 250 320 (864 932م) قضى معظم حياته في بغداد، وتوفي فيها، وكان موسوعة في العلوم وهناك رواية متواترة بين مؤرخي العلوم ان الرازي كان في بداية حياته يتعامل بالصرافة ولكنه سرعان ما حول اتجاهه الى دراسة العلوم. ويذكر محمد عبدالرحمن مرحبا في كتابه المرجع في تاريخ العلوم عند العرب ان ابا بكر محمد الرازي احد افذاذ مفكري العرب والمسلمين فاقام علم الكيمياء علما تجريبيا مستقلا بعيدا عن اوهام الرمزية والتنجيم والخزعبلات. مؤلفات العلامة جابر بن حيان الازدي اهم المصادر التي اعتمد عليها ابوبكر الرازي وكان هذا الاخير يعترف ويفخر بذلك ويقول في كتبه المؤلفة في الكيمياء: قال استاذنا ابوموسى جابر بن حيان الازدي. وقد صرف ابوبكر الرازي جل وقته في الصغر لتعلم الموسيقى، والفلسفة، والرياضيات، ولما بلغ الثلاثين من عمره استقر ببغداد واتجه الى علمي الطب والكيمياء وجمع بينهما، ويعده كثير من المؤرخين من اعظم اطباء القرون الوسطى حتى اطلق عليه اسم (ابوالطب العربي) واضاف ابوالعباس بن الخلكان في كتابه وفيات الاعيان وانباء ابناء الزمان نقلا عن ابن جلجل ما نصه: ومن اخبار الرازي انه كان في شبيبته يضرب بالعود ويغني فلما التحى وجهه قال: (كل غناء يخرج من بين شارب ولحية لا يطرب) فنزع عن ذلك واقبل على دراسة كتب الطب والكيمياء والفلسفة فقرأها قراءة رجل متعقب على مؤلفيها فبلغ من المعرفة غايته واعتقد الصحيح منها وعلل السقيم والف في الطب كتبا كثيرة. ابوبكر الرازي اول من طبق معلوماته الكيميائية في علاجاته الطبية للكثير من مرضاه وحقق بذلك نجاحا باهرا وعمله هذا جعل معظم المؤرخين للعلوم في العالم يعتبرون كلا من جابر بن حيان الازدي وابي بكر محمد الرازي مؤسسي الكيمياء الحديثة التي يتعامل معها العلماء الحاضرون والجدير بالذكر ان ابا بكر الرازي تميز عن غيره في كل من الطب والكيمياء، فكان مثالا للصدق والنزاهة العلمية. وصدق سامي خلف حمارنة عندما قال في تاريخ الصيدلة والطب العربي منذ نشأته حتى العصور الحديثة وفي مطلع القرن العاشر كان يسطع في فضاء عالم الطب والكيمياء نجم لامع بانتاجه في علم الطب السريري والكيمياء الطبية وعلم النفس والمداواة النفسية والفلسفة الاجتماعية هو ابوبكر محمد بن زكريا الرازي الذي طبقت شهرته الآفاق قرونا عديدة وكان الرازي معتدلا واقعيا في صفاته واهدافه يكره النفاق والرياء رجل جد واجتهاد سهر الليالي بجانب كتبه تلميذا وعلى مرضاه، وتأليفه معلما وطبيبا، حارب التدجيل والجهل بين متعاطي المهن الصحيحة، وحاول رفع مستواها الى اسمى الدرجات.