من المؤسف التلويح بورقة التقاعد ببلوغ الستينيات من العمر في مجال العمل الوظيفي خاصة في النطاق (الأكاديمي) حيث يفترض أن يكون العلم والخبرة قد وصلا للذروة بعد مشوار طويل من البحث والدراسات والدرجات العلمية، فيكون إقصاء الاستاذ الجامعي حينها خسارة كان يمكن أن تعوض لو أن قنوات جديدة أكثر مناسبة لقيمته العلمية تفتح أمامه كي يستمر في العطاء بدلا من أن نقول: هاهنا ينبغي أن تحط الرحال! ورغم مرارة توقف الانسان عن المنح بعد رحلة طويلة من البذل.. تحت أي ظرف كان.. إلا أن ما يثير الأسى أكثر.. أن يتوقف المرء قبل أن يسير!! تماما.. كمايجف البئر وهو بعد لم ينضح منه! أتساءل أين تختفي طوابير خريجي وخريجات جامعاتنا وكلياتنا؟ لا أقصد هاهنا من قد نالوا فرصهم الوظيفية من الجنسين أو من انشغلن من الإناث خاصة بإرساء دعائم أسرة، بل أعني أولئك الذين مازالوا يعانون عسرا وظيفيا!! أو اللواتي لم يكتب لهن الله حتى الآن إنشاء مملكاتهن، ماذا يفعلون بشهاداتهم؟ ماذا يفعلون بمشوار ستة عشر عاما أو أكثر من التنقل بين المراحل الدراسية؟ هل التذمر والقبوع حتى تلج وظيفة ما سم الخياط.. حلا؟ لماذا يغيب الجامعيون والجامعيات عن واجهة المجتمع؟ أين تندثر تلك الأرواح النشطة التي غالبا ما تكون قد أتحفتنا بالحيوية والتفاعل عبر مراحلها الدراسية وان تكن تجنح للسكون في المرحلة الجامعية؟ لماذا لا يكون لهم دور في المراكز الصيفية على الأقل؟ أين هم عن ابتكار أنشطة تطوعية عبر الهيئات والمؤسسات الخيرية التي تتيح لهم تواصلا مع المجتمع طوال العام؟ ولماذا يغيبون عن التخطيط الايجابي لمشاريع اقتصادية حرة نحتاجها مهما ستبدو للوهلة الاولى بسيطة مضحكة بالنسبة لهم؟ إن (انتظار) (هطول) الوظائف من السماء.. جريمة يقترفها الجامعيون والجامعيات بحق أنفسهم ومؤهلاتهم دون أن يشعروا فأبواب العمل.. لا يمكن أن تغلقها دوائر الخدمة المدنية وأجنحة الأحلام.. مهما نازعها الواقع.. لابد أن تجد يوما قمة تحط عليها بإذن الله.. اذا كنت تملك العزيمة والاصرار والقدرة على الحلم ابتداء.