دعا مدير عام المنظمة العربية للتنمية الادارية المنبثقة من جامعة الدول العربية الدكتور محمد التويجري الحكومات العربية الى بذل المزيد من الجهد والمال لتكوين رأس مال بشري ووضع تصور استشرافي للخمسين سنة المقبلة. وقال الدكتور التويجري ان الادارة العربية سواء في القطاع العام او الخاص تعاني ضعفا شديدا ربما يمثل السبب الرئيسي والأساسي لعدم قدرة الدول العربية على الخروج من حالة الثبات والجمود التي تعانيها منذ فترة طويلة وعدم قدرتها على مجاراة دول العالم الاخرى في مجالات التطور والتقدم. واضاف التويجري ان مسؤولية ضعف الادارة في مختلف مؤسسات المجتمع تقع على عاتق الادارة السياسية ولا يمكن تطوير الادارة العربية الا اذا توافرت ارادة سياسية مبينا ان عدم وجود ارادة سياسية للاصلاح الاداري سابقا هو السبب الحقيقي لمشكلتنا في العالم العربي. ودعا الحكومات العربية الى تبني ارادة سياسية واضحة تعمل على تنمية الكوادر البشرية وتكون رأس مال بشري لان التطور والتحديث يعتمدان على البشر, واذا لم تتوافر خطط واضحة تبذل كافة الجهود لتحقيقها فانه من غير الممكن تحقيق اهداف الامة العربية. واكمل قائلا: كما ان اصحاب القرار في الدول العربية مطالبون بوضع تصور استشرافي مستقبلي لخمسين سنة مقبلة يتحدد من خلاله احتياجات الدول وتتوافر المقدرة على التحليل والمتابعة لدراسة درجة التغيير في العوامل الاقتصادية والديمغرافية والاجتماعية والفكرية لكي يتم التعامل معها بصورة سليمة. وقال: ان طبيعة عمل الادارة العربية يكاد ينحصر في مهام ادارة الازمات او مشاكل تستنزف جهد المجتمع بالانشغال فيها ولذلك لا تتوافر في الدول العربية مقدرة على تكوين رأس مال بشري وغالبا ما تركز الدول على معالجة الظواهر وتترك جوهر المشاكل بدون حل مما يؤدي الى تكرارها. وحول دور المنظمة العربية للتنمية الادارية في تطوير الادارة العربية ولماذا لم تتمكن من تحقيق ذلك رغم ان عمرها يزيد على اربعين سنة قال التويجري: ان المنظمة لديها مجلس تنفيذي وجمعية عمومية وكافة القرارات التي تصدر عنها ترجع لهذين المجلسين بعد ان تصادق عليها الامانة العامة للجامعة. واشار الى ان هدف المنظمة الاساسي ورسالتها هو الارتقاء بالادارة في القطاعين العام والخاص وتحسين الاستخدامات التقنية الحديثة والتكنولوجيا في الادارة مشيرا الى ان المنظمة تعمل على تحقيق هذه الرسالة في الاطارين الاقتصادي والاجتماعي. واوضح ان المنظمة تلعب ثلاثة ادوار اساسية لتحقيق هدفها هي: الدور القيادي الاستشرافي المستقبلي حيث تطلع وتتابع تجارب الآخرين وتسعى الى ان تنقل للوطن العربي ما يناسب ظروفه في مجال الشفافية والمساءلة والاستجابة. وبين ان الدور الثاني يتمثل في نشر المعرفة بين اكبر عدد ممكن من قادة الدول العربية وقادة القطاع الخاص بينما يتمثل الدور الثالث بتقديم الاستشارات الى الحكومات والشركات. وفيما يتعلق بآلية العمل المتبعة في المنظمة بين الدكتور التويجري انها تعتمد على تنظيم الندوات والمؤتمرات والملتقيات والدورات التدريبية القصيرة او الطويلة الاجل وتقدم الدبلومات والشهادات وتقديم الاستشارات. وذكر ان المنظمة انشأت جمعيات مهنية ينتسب لها كل من يرغب في المساهمة طوعا في تطوير المهنة من الناحية الادارية فتم انشاء جمعية الاداريين العرب والجمعية العربية لادارة المستشفيات والجمعية العربية لادارة المخازن والمشتريات والجمعية العربية للمجتمع الرقمي والجمعية العربية للتدريب والاستشارات. وقال الدكتور التويجري: ان المنظمة ساعدت على انتشار معاهد التنمية الادارية في العالم العربي خصوصا في المشرق وروجت فكرة اهمية الادارة في القطاع العام وتدريب الكوادر حيث ان حوالي 90 في المائة من قادة العمل في المؤسسات الحكومية العربية اخذوا دورات تدريبية في المنظمة. وفي رده على سؤال حول استمرار ضعف الادارة العربية رغم جهود منظمة التنمية الادارية اوضح الدكتور التويجري ان المنظمة عندما تقرر تنظيم الدورات تبعث خطتها السنوية الى حوالي 16 الف عنوان في القطاعين العام والخاص في العالم العربي. وقال: ان هذه الخطة تصل الى جميع الوزراء ووكلاء الوزارات والوكلاء المساعدين ومديري الادارات والمديري العامين ومديري التدريب او مديري الموظفين وذلك قبل بدء فعاليات الدورة بمدة شهرين حتى يتم ترشيح الناس لحضور الانشطة التي تنظمها المنظمة والتي يصل عددها الى 64 نشاطا سنويا. واضاف: ان المنظمة تعقد ايضا 124 دورة تدريبية سنويا اضافة الى دورة متميزة تحت اسم الممارسات الادارية الناجحة وذلك من خمس وسبع مرات سنويا. وذكر الدكتور التويجري ان حصيلة كل هذا التعب كان مشاركة 954 متدربا فقط مبينا ان اجمالي من حضر المؤتمرات والمنتديات والملتقيات التي نظمت خلال السنة بلغ 2300 شخص فقط. وتساءل مدير منظمة التنمية الادارية قائلا: من المسؤول عن التقصير اذن. وحول ما اذا كانت الخطط والاساليب التي تتبعها المنظمة ليست مناسبة لجذب المزيد من المتدربين اوضح الدكتور التويجري انه خلال السنة الحالية زادت المنظمة من الوسائل التي تعلن فيها عن انشطتها فوضعت اعلانات في الصحف العربية واجتذبت رعاة لبعض الانشطة وقدمت خدمات للمتدربين بان وفرت لهم وسائل المواصلات من المطار والى المطار. واضاف: ان المنظمة قامت ايضا بالحصول على تخفيضات في اسعار الفنادق ليقيم فيها المتدربون ووضعت برامج للترفيه للاسر المصاحبة لهم وكثفت استخدام البريد الالكتروني ومع ذلك فان عدد المشاركين في انشطة المنظمة سيظل يتراوح كما تشير المؤشرات حول مستوى ارقام عام 2003. وتحدث الدكتور التويجري عن التطورات التي شهدتها المنظمة منذ عام 1999 وقال: ان ميزانية المنظمة كانت تعتمد على الدعم الحكومي العربي وفق برنامج الحصص وكانت نسبة سداد الحصص انذاك لا تتجاوز 45 في المائة من القيمة الكلية للموازنة البالغة 1.2 مليون دولار سنويا وبذلك كانت ايرادات المنظمة بالكاد تكفي رواتب موظفيها. واشار الى انه بناء على ذلك كان دور المنظمة محدودا جدا ويقتصر على تنظيم مؤتمر واحد في السنة وتقديم استشارة واحدة خلالها ايضا موضحا انه لم يكن في المنظمة انذاك سوى اربعة اجهزة كمبيوتر تستخدم للطباعة فقط ولم يكن لها مبنى خاص بها. وبين انه منذ عام 1999 وضعت المنظمة سياسة مالية تقوم من خلالها بتوفير ايرادات غير تلك التي تتلقاها من الحكومات وتمكنت من خلاله هذه السياسة من تحقيق دخل بلغ 650 الف دولار في عام 2002 وحوالي 1.3 مليون دولار في عام 2003. ومن المتوقع ان يرتفع الدخل في السنة الحالية، كما تم انشاء مبنى حديث جدا ليكون مقرا للمنظمة في القاهرة واصبح يستخدم في مكاتب المنظمة 70 جهاز كمبيوتر ولها موقع متميز على الانترنت يحتوي على حوالي 230 الف صفحة. وافاد بان المنظمة تقوم حاليا بانشاء المكتبة الرقمية على الموقع بتكلفة تتجاوز المليون دولار تبرع بها سمو امير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة ال ثاني ستكون جاهزة قبل نهاية العام الحالي لتكون مرجعا كبيرا في مجال الادارة وقد شاركت حتى الان حوالي 43 دورية عربية محكمة في هذه المكتبة. كما تنظم المنظمة بدعم من حاكم الشارقة الشيخ الدكتور سلطان القاسمي جائزة الشارقة للطلاب الذين يقدمون اطروحات للحصول على الدكتوراة. واكد الدكتور التويجري ان المنظمة تعمل على الدوام على تطوير خدماتها لكنه قال: ان الاهم من ذلك انه لابد من ان يكون هناك عمل استشرافي في الدول العربية لانه بدونه سوف تستمر الجهود عشوائية وغير مؤثرة في صناعة المستقبل المنشود.