كانت بداية هذا التحقيق حين جاءت إحدى القريبات وهي حزينة ومكتئبة من عملها (مدرسة) لنقضى معاً بعض الوقت لم تكن كعادتها من المرح وخفة الظل، وعندما سألتها عما ألم بها؟ أجابت لا شيء.. تركتها ولكنها بعد فترة اقتربت مني وسألتني: هل تحتفظين بالسر.. إذا أخبرتك ما بي؟ ضحكت وقلت هذا يتوقف على نوع السر.. فأجابت ليس لدى سر جديد ولكني أسألك لأنني تعرضت لموقف مؤلم إذ أخبرت صديقتي بسر ولكنها باحت به لبعض الزميلات وهذا ما آلمني. ماذا حدث ردت قريبتي (ن.م) أنها رغم مرور عامين على زواجها لم تنجب وإزاء ما تسمعه من حديث زميلاتها في المدرسة عن الأطفال وسؤالها عن أولادها وأسرتها أخبرتهن أنها أم لطفلين ولد وبنت ولأنها كانت تعمل في مكان غير مكان إقامتها لم يتسن لأحد أن يعرف الحقيقة عدا زميلة واحدة كانت تعتبرها صديقتها باحت لها بعد ذلك بالأمر.. ولم يمض شهر واحد حتى عرفت كل الزميلات بالأمر فأصبحت مثيرة للشفقة أمام الجميع وهذا ما آلمها. وقفة قبل أن أحدثها عن أن السر لم يعد كذلك حين يخرج من قلب صاحبته أستوقفني هذا الأمر لعمل تحقيق حوله واستطلعت آراء بعض النساء حول ذلك عبر سؤال هو: هل تبوحين بأسرار بيتك لزميلاتك في العمل أو لجاراتك أو صديقاتك.؟ نوف محمد (متزوجة) وتعمل بأحد المستشفيات الخاصة عندما سألتها هذا السؤال ضحكت بصوت مسموع مستغربة ولكنها بعد فترة قالت: هنا لا توجد أسرار فعندما تعيشين هذا الجو النفسي تكتشفين أن أدق الأسرار تذاع هنا إما على سبيل التفاخر أو الشكوى وغالبية الأسرار تخص الحياة الزوجية أو العائلية، ولا أدري أهذا الأمر ظاهرة صحية أو مرضية تستدعى العلاج. وعن نفسي (استطردت نوف): استمع لما يدور وأحاول إلا أشارك حتى لا أستدرج فمن نقل إليك نقل عنك. أمر خطير سعاد. ع. طالبة جامعية أكدت هي الأخرى أن عالم الدراسة الجامعية ملئ بما يشابه ذلك أي بالأسرار المعلنة من الطالبات وخاصة الصديقات ولك أن تتأكدى من خطورة الأمور عندما تحدث مناكفة أو مشادة بين طالبتين صديقتين أو من مجموعات متآلفة أخرى. حينها تذاع كل الأسرار بالمجان وهذا يدفعني إلى أن أكون وحدي بعيدة. لا أنكر أن لي صديقة واحدة ولكني لا أبوح لها إلا بالأشياء البسيطة على سبيل الفضفضة. لن يحدث نورة. م. ( معلمة) قالت لم أفعل ذلك ولن أفعله أبداً فقد عرفت من المآسى ما يكفي للحذر، وضمن ما سمعت حكاية زميلة لنا وصديقتها المقربة التي استطاعت عبر ما عرضته من أسرار صديقتها أن تسلبها زوجها وتتزوجه لتقوم معركة حامية الوطيس أدت إلى طلاقهما معا. فالسر عندما يتداوله صاحبه لم يعد سراً حتى ولو مع أقرب المقربين له. فضفضة سماح ربة بيت أكدت أن بنات جنسها النساء لا يحتفظن بسر ولا يؤتمن على سر، وهذا من طبائعهن وروت سماح حكايتها مع إحدى جاراتها التي كانت تزورها كل صباح لتناول القهوة والفطور، وكانت الجلسة سردا يوميا لأخبار الجارات، ولم أتعلم من هذا الأمر، فذات مرة كنت أعيش مشكلة زوجية وحكيت لها الأمر على سبيل الفضفضة وسؤالها عن الحل لتفاجئ بعد فترة بجارة أخرى تزورها وتحكى لها ما سمعته من صديقتها لتقطع علاقتها بها وتندم على ما فعلت. ثقة متبادلة حصة الراجح أخصائية اجتماعية بسؤالها عن لماذا تبوح بعض النساء بأسرارهن لزميلاتهن أو صديقاتهن قالت: للقضية جانبان أحدهما ايجابي والآخر سلبي الأول يعزز الثقة بين الصديقات والزميلات شرط ألا تكون هناك مبالغة في طرح الأسرار والآخر يؤدي إلى الفرقه والآلم وربما ما يشبه الفضيحة. والمرأة بطبيعتها تميل إلى الشكوى والبوح وهذا ما يدفعها أحياناً خاصة عندما لم تجد أذانا صاغية في بيتها أو بين أسرتها إلى طرح أسرارها ولذا أقول للأسر: الآباء والأمهات والأزواج أصغوا إلى بناتكم وزوجاتكم وتحاوروا معهن في ود وألفة حتى لا تدفعهن إلى البوح خارج المنزل مما يوقعهن في الحرج والمشاكل. خاتمة هذا بعض ما استطعنا أن نقدمه إزاء هذا الأمر الذي يعده البعض خطيراً إذ أن من يذيع أسرار بيته يمكن أن يذيع أسرار عمله مما يوقعه في مشاكل عديدة. ولنا أن نرجع إلى سير الأولين وحكمتهم ونتعلم الكثير فالأمر يتطلب منا أن نعرف ماذا نقول ومتى نقول. فإذا عرفنا ذلك حافظنا على بيوتنا وأسرارنا واستطعنا أن نعيش في راحة وسعادة فهل نفعل نحن النساء؟