يترك العقم آثاره السيئة على نفسية المرأة، ولكن قد تنتهي سنوات العقم لدى بعض النساء بخمسة أطفال مرة واحدة! ( اليوم) كان لها وقفه مع واحدة من هؤلاء عبر هذه الحكاية: في سبتمبر الماضي، أنجبت ( نادية) 31 سنة- خمسة أطفال دفعة واحدة: محمد، دعاء، إكرام، أية، وهبة الله. بعد أن كان الحمل حلماً بالنسبة لها. و( نادية) خريجة القانون والتي حضرت إلى دبي عام 2001 لتتزوج ( شعيب) الذي يقيم هناك، وهو مغربي أيضاً وأتى لدبي عام 1996. وطيلة أيام حياتهما الزوجية كانا يدعوان الله أن يرزقهما طفلاً يملأ البيت سعادة ومرحاً. وبعد علاج سريع للخصوبة، تحقق الحلم لينشغلاً بتربية أكثر من طفل، والذين يأخذون الكثير من وقت الوالدين، فيناما لثلاث ساعات فقط كل يوم، بالإضافة لتغيير الحفاضات.. 60 واحدة في اليوم!، ويستهلك الأطفال أيضاً 80 قنينة من الحليب يومياً.. فإذا كنت تعتقد أنك مشغول جداً ومرهق وأنك تعاني حياة سيئة، فإليك قصة الزوجين (نادية) و( شعيب): حكاية ناديه تحكي ( نادية) قصتها قائلة: " عندما كنت طفلة صغيرة كان حلمي أن أكبر لأحمل.. كنت أشعر بالأمومة منذ صغرى.. وعندما جئت إلى دبي وتزوجت ( شعيب) في أكتوبر من العام 2001 حيث كنا نعمل معاً، كنت أعمل في وظيفة مريحة في سلطة الطيران المدنية بقسم خدمات العملاء، بينما كان يعمل كرجل إطفاء في المطار. كانت حياتنا بسيطة ولكن رائعة، لم نكن نفتقد شيئاً في حياتنا سوى الطفل، ولكننا قررنا الانتظار قليلاً. لم نذهب في رحلة لشهر عسل ولم نحتفل بزواجنا مع العائلة عند عودتنا لأرض الوطن، حيث كنا نريد توفير المال والاستعداد لمجيء طفلنا". وبعد 7 أشهر من زواجهما، قررا أن يبدءا تكوين أسرة وبعد 4 أشهر بلا حمل، إستشارت ( نادية) طبيباً خاصاً. وبعد التشخيص، اكتشف أن ( نادية) مصابة بداء تكيس المبايض، وأنه مرض شائع ولكن الطبيب طمأنها قائلاً انها مشكلة عقم هينة وعلاجها سهل. وأعطاها دواء ضد العقم: وتناولته لمدة ثلاثة أشهر، ولكن بلا نتيجة مرضية. فلجأت لطبيب آخر، واستشارت طبيباً آخر، فأعطاها نفس العلاج واقترح عليها كورس ل 7 أيام من حقن لها فعاليتها ضد العقم. ووثقت ( نادية) في الطبيب على أمل تحقيق الحمل. وبعد أسبوعين من كورس الحقن، أحست ( نادية) أنها نجحت أخيراً. فقد كانت متعبة وتشعر برغبة في التقيؤ، وتمنت ألا يكون ذلك مجرد توهم. وبالفعل، أكد خبراء العقم الذين تتردد عليهم حملها، ولكنهم نبهوها فيما بعد أنه قد يكون حملاً مضاعفاً! بعضهم عرض المساعدة بأخذ طفل أو اثنين وفي الشهر الثامن من حملها , ذهبت (نادية) لعمل المسح فوق السمعي لأول مرة , وهناك اخبروها بأنها حامل بأربعة , وتقول: شعرت بالبهجة كوني حاملا ولكن سعادتي امتزجت بشيء من الخوف حيث لم اكن مستعدة لاربعة أطفال. وعندما ناقش الزوجان الطبيب فيما يتعلق بعدم استطاعتهما تحمل كل هذا العدد من الأطفال , قال لهما أن التخفيض الانتقائي عمل لا تقبله الثقافة الإسلامية لذا فهو مرفوض. وتوضح (نادية) قائلة: كنت اريد من حواري مع الطبيب ان يتفهم ظروفنا لا أن يحاكمنا ؟! للأسف , لم اسعد كثيرا بحملي الاول فقد كنت محتارة دائما .. كيف سأحمل أربعة أطفال مرة واحدة ؟! فانا فعلا ملتزمة بديني ولكن ظروفي صعبة؟!! وخلال حملها , جاءت عروض غير ملائمة لمساعدتها من بعض الغرباء الذين عرضوا عليها اخذ واحد أو اثنين من اطفالها مقابل مساعدة أخرى.. ولكنها لم تقبل. وتتابع قائلة: لقد اعجبت بالحمل في طفولتي وكان حملا لأنني كنت اراه شيئا وجميلا, ولكنه في الواقع شيء صعب! أنا اسفة لقول هذا ولكنها الحقيقة. لم اكن ارغب بارتداء ملابس الامومة , ولم اكن ارغب في الخروح للتباهي ببطني الكبير , أخذ صورة كلما كبر بطني , لن افعل أي من تلك الأشياء كبقية الحوامل , بسبب الغثيان ولأنني كنت منهكة كل الوقت. وفعلا , الحمل المضاعف متعب جدا أكثر من الحمل العادي. وتتابع (ناديه) قائلة: كان بطني نازلا جدا بحيث أتفقد الراحة تصوروا 18 اسبوعا من الإجهاد الهائل , حيث شعرت مع تطور أطفالي بداخلي , أن قلبي يدق بقوة أكثر مما يتطلبه جسمي وكنت بالكاد اترك شقتي أيام الصيف الحارة. اسئلة وبالتأكيد ستدور في عقل قرائنا الان عدة أسئلة : كيف سيديران حياتهما مع الأطفال, كيف سيدفعان لكل شيء ص, وهل سيواصلان, وماذا إذا......؟ وتجيب(نادية): كنت سعيدة بأنني سأنجب أخيرا . والتقط (شعيب) بعض الصور لزوجته وهي حامل في شهرها الأخير ,والتي تقول ساخرة/ كان شكلي سيئا, ولكن التصوير الشيء الوحيد الذي جعلني ابتسم أخيرا!! وتحت رعاية مستشفى دبي , كان الأطباء يرون (نادية) كل أسبوعين لمتابعة حالة أطفالها , ومع المسح فوق السمعي , شهريا كان كل شيء يبدو على ما يرام. وبعد ثلاثة اشهر من الحمل , تلقت (نادية) بعض الأخبار السيئة , قائلة: بدأت أنزف مما أفزعني مع المسح كانوا يرون ثلاثة أطفال فقط، ولكن بعد يومين، ظهر الطفل الرابع مرة أخرى ولكن مزاجي مازال عكراً من الخوف الشديد، حيث كنت خائفة أن يسقط بعد أن نما بداخلي . وبعدها بدأ زوجها (شعيب) بالاهتمام بها أكثر مما مضى، لدرجة أنه كان يقوم بجميع الأعمال المنزلية واعتزت به كثيراً، فليس هناك العديد من الرجال الذين يهتمون بزوجاتهم هكذا وتقول: لقد ساعدني حبه وولاؤه وصبره علي على أن أتحمل متاعب الحمل، وأنا ممتنة جداً. وأثناء كشف عادي في سبتمبر الماضي، بعد (29) أسبوعاً من الحمل، شرحت (نادية) لطبيبها قلقها من الخمود الذي أصاب أطفالها، وبعد فحص أولي أخبرها الطبيب السبب، وهو أنه قد حان الوقت لخروج أطفالها، وكانت هناك الكثير من العلامات المؤكدة، حيث كان هناك طفل جاهز للخروج، إلى جانب الضغط الإضافي على بقية الأطفال في الأعلى. ومع مراقبة دقات قلب الأطفال. أظهرت الآلات أن آلام المخاض موجودة ولكن (نادية) لم تكن تشعر بها. وتقول: لا أعلم إذا كنت أحاول تجاوز تلك الآلام، ولكن كل ما أتذكره أنني لم أكن أريدها أن تأتي .. لم أكن مستعدة . كنت أعلم أنها إذا أتت مبكراً فسوف أكون في وضع صحي سيئ. أربعة أطباء وفي الساعة الثانية والربع صباحا في ال 22 من سبتمبر الماضي، تجمع أربعة أطباء للتوليد وثلاثة أطباء آخرين لأجل صحة (نادية) وأكثر من 10 ممرضات. كانت (نادية) تراقب انطلاقة الأطباء والممرضات لأجل العملية القيصرية، قائلة: حدث كل شيء بسرعة، وكل ما استطعت رؤيته تلك الملابس الخضراء .. وأشخاص أكثر مما توقعت وكنت أشعر أنني أحلم . وتم حقن (نادية) بسبع حقن مخدرة، وتمت العملية بنجاح وبعد الولادة، كانت (نادية) خائفة من رؤية أطفالها .. كانت خائفة من أن ترى شيئا سيئا . وفي الساعة الثانية و45 دقيقة، صباحا، سأل (شعيب) الممرضة عن حالة زوجته، قائلا: قالوا (4) فجاءوا (5). سألت إحدى الممرضات عن حالة زوجتي بعد العملية وعن أطفالي الأربعة، ولكنها صدمتني عندما قالت إن زوجتي قد أنجبت للتو خمسة أطفال!! فقلت لها من المؤكد أن هناك خطأ ما لأن (نادية) كانت حاملا بأربعة فقط، ثم أدركت الحقيقة في النهاية، وهي أن زوجتي أنجبت طفلا آخر لم يكن ظاهراً . وأول من خرج من المواليد (محمد) وكان وزنه 1.2 كيلو غرام ، ثم (دعاء) وكان وزنها كيلو، وبعدها أختها (إكرام) وكانت تزن 900 غرام، وشقيقه آخرى (آية) والتي أتت للعالم بكيلو غرام، ثم المفاجأة الخامسة (هبة الله ) التي ولدت بأقل وزن 800 غرامات . وبقيت ( نادية) في المستشفى لعشرة أيام بعد الولادة وذهب كل الأطفال الخمسة مباشرة إلى وحدة العناية الخاصة بالأطفال في مستشفى دبي. وبقي ( محمد) هناك لشهرين، وبقيت ( هبة الله) و(دعاء) لشهرين وأسبوعين زيادة، أما ( أية) فجاءت للبيت بعد ثلاثة أشهر، وكانت ( إكرام) آخر من وصل للبيت. وتقول ( نادية): (كنا قلقين عليهم فقد قال لنا الأطباء إن حجم الأطفال ضئيل وأنهم في وضع حرج، فكنا ندعو الله ونتمنى طيلة 72 ساعة أن يبقوا على قيد الحياة). وبعدها أصبح الزوجان مرتبطين بالأولاد وكانا يقضيان معظم الوقت في البيت، وكانت ساعات نومهما قليلة وغير كافية. اكتئاب وحتى بعد الحمل والولادة، عاد الاكتئاب مجدداً ل ( نادية)، وتوضح قائلة: (كنت أقضي كل الوقت في وحدة العناية الخاصة بالأطفال لأجل أطفالي ولأتعلم كيف أرضعهم الرضاعة الطبيعية. أيضاً فقد كنت أبكي كثيراً خوفاً عليهم نظراً لحجمهم الضئيل ولأنني لم أكن قادرة على العناية الكافية بكل هذا العدد.. كنت أتساءل كيف سأستطيع العيش إذا أصاب أحدهم أو جميعهم مكروه؟) ولكن ومع مرور الوقت استطاعت ( نادية) التخلص من القلق والكآبة، حيث تحسنت حالة أطفالها، واعتادت على العناية بهم جميعاً. والفضل يعود لله ثم للدكتور (زهير)، والذي أجبرها على الذهاب لطبيب نفسي لمعالجة الاكتئاب، ونصحها بعدم البكاء لأنه قد يضرها ويضر أطفالها. وتعافت ( نادية) ليزداد إنتاج الحليب بصدرها. ويقول الزوج ( شعيب): من أجلهم عدت للعمل قدم لنا الدكتور(زهير) كل الدعم , فقد كان يدفع بنا للإمام في كل الأحوال , وكان على اتصال دائم بنا , وكنا على ثقة بأنه سيساعدنا اذا احتجناه. وكان على (نادية) العودة للعمل بعد 45 يوما بعد الولادة حسب قانون العمل الإماراتي , وكانت الأحول المادية في اتجاه للأسوأ , وتقول (نادية) شعرت بالامتنان نحو رؤسائي في العمل الذين سمحوا لي بمزيد من الوقت تقديرا لحالتي الخاصة, ولكنني عددت للعمل, على الرغم من رغبتي الشديدة في البقاء مع اطفالي, حيث كنا في حاجة للمال اكثر مما مضى. كانت (نادية) تقسم وقتها الى عدة اقسام في العمل , مع الاطفال في المستشفى , ولمشاغل أخرى. وتقع الشقة التي تقيم فيها الاسرة في الشارقة ومساحتها صغيرة. ولا تحتمل 7 أفراد , خصوصا اذا حان موعد نوم الأطفال فجميعهم في مكان غير ملائم , ولكن الزوجين متفائلان بالغد وما قد يحمله من رحمة الله وكرمه. وبالفعل , ابتسم القدر لهما , حيث ساعدتها احدى مجموعات الدعم للجاليات بالمنطقة , حيث تبرعت لهما ببعض الملابس والأجهزة للأطفال. وأيضا مجموعة من الحفاضات ومستحضرات للعناية بالأطفال تكفي لسنة, مما حسن حياتهما قليلا. وبعد اشهر من المفاوضات مع مسؤولي الهجرة, وصلت أخيرا الى دبي شقيقة (شعيب) بعد أن دفعت عشرة آلاف درهم لفيزا واحدة فقط, حيث جاءت لمساعدتهما في العناية بالأطفال , ولكن الفرحة لا تدوم, حيث إن تأشيرات الإقامة في جوازات الأطفال لم تكتمل بعد, لأنها تتطلب مبلغا يعجز الوالديان عن دفعه حاليا , لذا فانهما يدفعان 100 درهم يوميا كغرامة لجوازات السفر أضف الى ذلك 5% زيادة على الإيجار, ومصاريف الأدوية والطعام والسيارة وغيرها من المصاريف اليومية الأخرى, والبقاء رغم الصعوبات هو نوع من التحدي بالنسبة لهما. وهناك ايضا مبلغ يحل دفعه للمستشفى : 60 درهما وهي أجرة وحدة العناية الخاصة بالأطفال , حيث دفعت جمعية محمد بن راشد تكاليف الولادة بسخاء. وعلى الرغم من كل هذه الصعوبات , يبتسم الزوجان قائلين. نجد صعوبة في العمل والعناية بالأطفال معا, ولكننا نأمل ان كل شيء سيتغير يوما ما , ونتفاءل ونشعر بان جميع الأمور ستتحسن قريبا, وما يرفع من معنوياتنا في الوقت الحاضر هو أطفالنا , وأنهم في صحة جيدة ومعنا في البيت.