بدأت علاقته بالأدب باكرا من خلال القصة القصيرة التي نشر بعضها، ثم توقف طويلا وخلال هذا التوقف إتجه للإعلام الذي درسه في جامعة الملك سعود بالرياض ومنذ هذا الوقت وعلاقته بالإعلام قائمة وحتى الآن فهو يعمل في وزارة الاعلام ويمارس عمله الصحفي ايضا الذي بدأه (اليوم) ثم (الرياض) ثم (الوطن) هو خالد الشيخ الذي فاجأنا بعد طول توقف نسينا خلاله سيرته الأدبية برواية حملت عنوان (يوم التقينا.. يوم افترقنا) ورغم أنها بداية الا انها لفتت انظارنا بشاعرية الأسلوب وسهولة الطرح.. حول الرواية والروائي كان لنا هذا الحوار. الصحافة والأدب @ من الصحافة والاعلام إلى الرواية كانت مسيرة خالد الشيخ التي بدأت إعلاميا واستمرت زمنا طويلا لنفاجأ بصدور روايته الأولى دون مقدمات فهل كانت هناك في الظل ارهاصات لا نعرفها أم ماذا؟ * اتجاهي للأدب لم يكن مفاجئا دخلت الصحافة من باب الأدب فقد سبق لى ان نشرت مجموعة من القصص القصيرة في الصحافة المحلية خاصة ملحق (المربد) ثم (اليوم الثقافي) في أزهى ايامها ووجدت في تلك الفترة التشجيع من بعض الأدباء مثل الشاعر والكاتب محمد العلي والروائي الراحل عبدالعزيز المشري وقد كتبنا عن بعض الدراسات، وعودتي الى الادب من خلال الرواية ليس جديدا بالنسبة لي. تجاور @ هل ثمة علاقة بين الإبداع الروائي والعمل الصحفي يمكن أن تؤدى إلى تبادل المواقع أو تجاورها؟ * اعتقد ان ثمة علاقة بين الابداع الروائى والابداع اجمالا بالعمل الصحفي فالرواية تتضمن بداخلها فنونا عدة كما ان السرد الروائي يقترب من السرد الصحفي خاصة في مجالات التحقيقات ذات الطابع الانساني او التقرير او غيره، وهناك الكثير من المبدعين عملوا في مجال الصحافة وانطلقوا من خلالها والعكس، وصحافتنا السعودية انشأها ادباء وكانت في الاصل صحافة ادبية، وهناك اسماء كثيرة عربية وعالمية ومحلية ايضا، فالسباعي وعواد والغيطاني وماركيز امثلة على ذلك. وسيلة للتعبير @ ما الذي دفع خالد الشيخ الى التفكير في الرواية كوسيلة للتعبير عن الذات والواقع رغم احتياجها الى زمن طويل وصبر شديد للتبلور؟ * هذه الرواية كتبتها قبل عشر سنوات كتابة اولية ثم هدمتها هدما كاملا واعدت كتابتها من جديد وظللت وقتا طويلا امارس الكتابة حتى ظهرت بهذا الشكل وانا معك في ان الرواية تحتاج الى صبر ومثابرة ووقت طويل ولكنها ايضا تحتاج الى بلورة الافكار وهذا الامر هام، ويبقى ان اشير الى صعوبة العمل الاول الذي هو بداية الخبرة التي تشكل اكثر من نصف الجهد. العنوان @ (يوم التقينا.. يوم افترقنا) عنوان روايتك الاولى وهو عنوان يوحي بتأطير زمنى يبدأ باللقاء وينتهي بالفراق.. ألا يضعك ذلك كروائى في مأزق سردي فرض عليك مواقف واحداثا وأزمنة بعينها؟ * هذا العنوان وضعته بعد الانتهاء من الكتابة وكان ضمن مجموعة من العناوين المختارة واللقاء هنا ليس محددا بشخصية معينة فجميع من قابلهم البطل افترق عنهم كذلك الأمكنة والازمنة وهذه فلسفة الحياة وطبيعتها فلا شيء يدوم ولا زمن يبقى فالزمن يتحول الى ماض دائما اى انه يفارقنا وهذا الامر لا يؤطر السرد بل يمكن ان يفتح اطارات سردية اخرى عديدة ويتوقف ذلك على قدرات الكاتب ورؤيته. السارد @ قضية السارد البطل في روايتك قضية شخصية (وجدانية) حاولت ان توشيها بقضايا الواقع ومتغيراته فهل تعتقد انك استطعت ان تقيم توازيا بين هاتين القضيتين كروائي مبتدئ. * بالتأكيد هذه تجربتي الروائية الاولى وهي محاولة للكتابة بطريقة حاولت ان اجتهد لتكون غير تقليدية وان ازاوج بين الهم الشخصي والهم العام لان البطل في النهاية نموذج من نماذج المجتمع العديدة. ولقد حاولت بالفعل ان (اصنفر) هذه العلاقات في اطار كلى هو اطار الرواية، ولا تنسى ان تلك محاولة اولى وخبرات الروائي تتأكد بعد ذلك عندما يمتلك القدرة على مراوغة الواقع وطرح ما يريده دون الوقوع في مآزق انت تعرفها. سيرة @ (يوم افترقنا.. يوم التقينا) كرواية هل فكرت فيها واعتمدتها كسيرة (ليس بالضرورة سيرة الكاتب ولكن سيرة السارد الذي لمسنا تماهيه وتباعده في آن عن شخصيتك)؟ * العمل الروائي بالدرجة الاولى عمل متخيل والبطل ليس بالضرورة هو انا ولكنه نبت من الواقع الذي اعيشه دائما هي معه وانا التقط شخصياتي في هذا الوقع الذي اخبره واعرفه جيدا كما اعرف هذه الشخصيات وعموما يقول ميلان كونديرا، الرواية الاولى دائما رواية سيرة ذاتية ومن الضروري ان تنعكس خبرات الكاتب على العمل الابداعي. الاخر @ رغم انك اعتمدت الارتحال او الانتقال المكانى كحل ابداعي (وهو حل ابتدعته الرواية عموما) للكشف عن مأزق البطل السارد، او لوضعه امام ذاته خارج المكان المألوف الا اننا لم نلمس وجود (آخر) في هذا المكان يمكن للذات ان تتضاد او تتوازى معه والآخر الذي لمسناه لن يحمل نفس الثقافة ونفس الرؤية ومن نفس المكان الذي خرج منه البطل الاترى معي ان ذلك لم يثر العمل ويكثفه بل جعله يسير في خط واحد من البداية الى النهاية؟ * لقد ابتعدت عما يمكن ان نطلق عليه الصدام الحضاري او الفكري مع الآخر فأنا اتتبع مصير شخصية البطل وما يحيط به هو عن قرب.. لقد كان هناك انبهار بالمكان اكثر من الانبهار بالشخصيات وهذا يعود الى وان المكان هو اول ما تقع عليه اعيننا كحقيقة مجسده. تخيل @ تلخص مأزق البطل في روايتك في قضية واحدة هي (الفقر - الغنى) لتتهمش قضايا اخرى لمستها في الرواية، كقضايا التعليم والنهضة فالبطل لم يقتنع بجدوى التعليم رغم ابتعاثه كذلك صديق البطل (عبدول) لم يقتنع بذلك رغم وقوفه على الطرف الآخر من القضية، فما تفسيرك لذلك؟وهل كان على البطل ان يكتشف ذلك في لندن مثلا؟ * ثمة مقطع في الرواية يقول على لسان البطل، اننى كنت اسمع عن البطالة ولكن لم اتأكد منها إلا بعد سفري وانا هنا اناقش معاناة هذا الجيل من نواح عديدة مثل الوظائف والتعبير عن الذات وغيرها. ثانيا كان البحث عما يتوافق مع البطل ثقافيا هو الأهم ففى الغربة انت تحتاج الى من يفهمك او يعرفك او حتى يحنو عليك من ابناء جلدتك فثمة علامة استفهام كبيرة يجب ان يقل حجمها ومن جانب آخر، كانت قضية البطل ذاتية اى هما شخصيا مستقلة عن هموم اخرى منها العلاقة بالآخر والمقارنة وتضاد الثقافات فهو ايضا لم ينتقل بجسده بل نقل معه المكان الذي عاش فيه وهو الذي كان مجالا للمقارنة. اما عن تعقد العمل والتكثيف وغيرها فقد اثرت ان تكون بنائية روايتي هكذا فقد تخليت قارئى وقدراته ولذا توجهت اليه. اللغة الشعرية @ اللغة التي اعتمدتها للرواية لامست الشعرية فالسارد هو البطل (ضمير المتكلم) وقد ساعدك ذلك في هذا الجانب فهل تعتقد ان اللغة قد كبلتك كروائي في بنائية شبكة من الاحداث والعلاقات والشخصيات التي تثرى العمل؟ * بالفعل لقد كبلتني هذه اللغة الشعرية فقد اكتشفت انها مقيدة فلم اتمكن من ان اثرى الاحداث واتفق معك في هذا الامر ولكن من جانب آخر اثرت العمل ورغم محاولتي الخروج من اطارها كما تلاحظ عند قراءتك الرواية الا اننى لم استطع فربما فرضت ذلك الشخصيات او الاحداث او بنائية الرواية. نقد @ هل فكرت في النقد وانت تكتب روايتك وهل ستتأثر بقسوة هذا النقد او مجاملته؟ * نعم لقد فكرت في هذا الامر، وتوقعت ان يكون هناك انصاف نقدى وتمنيت واتمنى الا تنتقد من جانب واحد واود الا يظلم النص من قبل البعض ممن يتناولون العمل من الخارج والنقد ليس البحث عن المزالق والاخطاء بقدر ما يتوخى الموضوعية ويقدم الى جانب ذلك الايجابيات.. وعموما يجب على ألا أتأثر بالقسوة او الاطراء فالنقد ليس مرة واحدة وكفى فثمة توجهات عديدة.. وانا هنا اكتب للقارىء العادى واتوجه اليه وليس الى النقاد. الرواية الأولى @ العديد من الكتاب والمبدعين في الداخل والخارج كتبوا روايتهم الاولى وتوقفوا فهل يفكر خالد الشيخ في الخروج من تلك القائمة بكتابة اعمال اخرى؟ * هذا العمل وضعني في موقف حرج فأنا اصبحت داخل اللعبة ولدى الآن الافكار ومحاولة الدخول في عالم الرواية بتجربة جديدة مغايرة اتمنى ان ابدأ فيها قريبا ولا اعد بأنني سأصبح مثل عبده خال وتركي الحمد وغيرهما اقصد ممن قدموا الى الساحة العديد من الاعمال الروائية. أحكام @ بين ثنايا روايتك يبث السارد الحكم والاحكام والا اريد ان اقدم قائمة بذلك ولكن احيل الى الرواية فهل تعتقد ان هذا دور الرواية ولماذا لا تترك للقارىء مساحة لاكتشاف ذلك بين ثنايا النص؟ * هذه العبارات والاحكام لم تستخدم لملء فراغ قدر ماهى تضىء لبعض القراء امورا عديدة، وقد وجدت ان اختزل الاحداث في مثل هذه الاضاءات، وهى تشكل على كل حال توجهات ربما يبررها بوح البطل بما في داخله او حكمه على ما يراه ولو حكما سريعا، والبوح هنا يقود الى اللغة الشعرية. الاسم @ لماذا جردت بطلك من (اسمه) الذي يمنحه كينونته واسبغت ذلك على الآخرين (عبدول) وهدى (...)؟ وهل اردت بذلك ان تقول كلنا هذا البطل؟ * في الحقيقة لا اكذبك القول فأنا لم افكر في هذا الامر فالبطل يتجسد عبر الرواية وهو الذي يسرد وكان في يده قرار الكشف عن نفسه بتعريفها للآخر ولكنه لم يفعل فربما كما تقول انه اراد ان يمثل المجموع او يقول كلكم انا وان حملتم اسماء عديدة. تعددية @ كان صوت السارد هو الأعلى والاكثر حضورا مما اثر على تعددية الاصوات في الرواية فهل عمد الروائي الى ذلك؟ ام ان طبيعة الاحداث وارهاصات العمل الاول كان لها علاقة بذلك؟ * كانت هناك اصوات اخرى في الرواية منها صوت (عبدول) و (هدى) و (الحبيبة) ولكن ليس في حجم أو اطار صوت البطل - السارد وقد فرضت طبيعة الاحداث ذلك فالسارد يشارك في العمل لذا كان من الطبيعي ان يكون صوته هو الأعلى والاكثر بروزا رغم كل شىء. الوصف @ احتل الوصف في (يوم التقينا).. موقعا نصيا بارزا فكان بمثابة تزيين شكلي وزخرف لفظي أحيانا فلماذا تبوأ الوصف هذه المكانة في الرواية مما عطل السرد كثيرا ليصبح هو وسيلة توجيه القراءة؟ * صدقني وانا اكتب الرواية لم افكر في هذا الامر كانت لدي احداث وافكار وقضايا اردت ان اطرحها وربما فرض ذلك طبيعة العمل وشخصية البطل التي كانت مصدر الكشف والاضاءة للمكان والزمان والاحداث والشخصيات، ربما كان لجوؤه للوصف تقديم هذه الاماكن والشخصيات التي تشكل مسرح الحدث بهذه الصورة التي تكشف للقارىء كنتههما.