ما من شك ان احترام النظام والالتزام بقواعده هو احد مظاهر التقدم والرقي لكل المجتمعات سواء في وقتنا الحالي او على مر العصور كما ان الانظمة والقوانين الوضعية الموجودة في أي مجتمع هي عادة ما يكون هدفها تنظيم العلاقات بين بني البشر, والحد من احتمالات ان يكون لكل منا نظام او قانون خاص يلتزم به مما يؤدي الى الفوضى العامة في المجتمع. ولست في صدد استعراض تاريخ نشأة الانظمة والقوانين الوضعية في المجتمعات البشرية على مر السنين, ولكن ما يهمني عبر هذه السطور واريد ان يشاركني القراء الاعزاء هو الاشارة الى سلوك واساليب بني البشر في التمسك بالانظمة والقوانين الوضعية فيها واحترامها باعتبارها اكبر مظاهر التقدم والمدنية. ومن اللافت للانتباه ان تطبيق النظام بخصوص إلزام سائقي المركبات والركاب بربط حزام الامان هنا في المملكة بلغ ذروته وبالاخص في محافظة الرياض بينما يعاني تطبيق النظام الامرين في محافظة كبيرة ولا تقل اهمية عن محافظة الرياض كمحافظة جدة. وحقيقة لا ادري ما سر عدم متابعة رجال الدوريات الامنية في محافظة جدة وتطبيقهم نظام المخالفات المعتمد رغم صدور المرسوم الملكي الذي ينظم تلك العملية, كما لا ادري لماذا يتهاون البعض وكأن تطبيق نظام ربط حزام الامان هو اختراع سعودي نفاخر به بينما هو موجود في كافة نظم وقوانين المرور في معظم دول العالم الغرض الاساسي من ورائه حماية قائدي المركبات ومن معهم من مخاطر الطريق. ان الالتزام واحترام الانظمة والقوانين والقواعد بوجه عام هو نتيجة التربية في المنازل منذ الصغر والتعليم في المدارس, فالانظمة والقوانين الوضعية ايا كان مستواها الاداري تحقق لكل فرد منا مصالحه الشخصية تحت رعاية النظام العام الذي لا يتعارض مع المصلحة العامة بما يخدم المجتمع وحتى لا يصبح المجتمع مع التطورات الحديثة والكثيرة مجتمعا بدائيا وغير متحضر. ولا ريب ان النظام السياسي والاجتماعي في اي مجتمع يلعب دورا اساسيا في هذا النطاق فاحترام الحكومات الأنظمة والقوانين الوضعية وتطبيق احكامها يظل المثل الذي يقتدي به جميع المواطنين عندما يصبح احترام الانظمة والقوانين والالتزام بقواعدها أمرا يتماشى مع تطويعها بما يخدم مصالح هذه النظم نفسها وما تراه يتناسب مع أهدافها. ويجب ان نعي حقيقة هامة وهي الا نعتبر احترام الانظمة من باب الرفاهية لانه ليس كذلك على الاقل في المجتمعات المتقدمة بل يجب ان يكون مبدأ يلتزم به الكافة على اختلاف مواقعهم وسلطاتهم. وتنتابني دهشة فيما نراه في حياتنا اليومية من عدم الالتزام بتطبيق الكثير من الانظمة التي ادت الى ازدياد مظاهر التسيب والفوضى في مجتمعنا, بل ان الامر قد تطور لدرجة اصبحت الاستجابة لتطبيق الانظمة والعمل بها في بعض الحالات هي شواذ القاعدة وعدم الاستجابة لتلك الانظمة هي القاعدة نفسها. ان عدم معالجة هذه الظاهرة التي اوشك على ظهورها كمشكلة اجتماعية كبيرة ستؤدي في نهاية المطاف بما لا يدع مجالا للشك الى فوضى عامة قد يصعب الخروج منها لذلك وجب ايجاد علاج فعلي للتغلب عليها. ولا ننسى دور وسائل الاعلام المرئية منها والمسموعة والمقروءة كوسائل هامة وفاعلة في تقويم ما نراه من خلل في هذا الصدد, ولان تأثيرها في المجتمع لا يمكن ان ننكره, يجب عليها المشاركة في توعية كافة طبقات المجتمع بأهمية احترام النظام من قبل الجميع دون استثناء. فهل هناك أمل اذا في مستقبل يحترم فيه الجميع النظام دون استثناء ويلتزمون به؟؟ *كاتب ومستشار مالي واداري