النمل.. وما ادراك ما النمل! في حياته وعيشه ومعاشه العجب العجاب. انه يدب في الارض وفي جذوع الاشجار وفي الحقول وفي المحيطات الرطبة بانتظام وفي قوافل متناسقة متتابعة متعاونة وله مخازن وجحور ومداخل سرية وعلنية يدخر فيها قوته ليوم الجوع الأسود. والنمل لا يتعب لأنه يتعاون ويتكاتف ويتعاطف ويحمل هم بعضه البعض وعندما يثقله عبء حمل رزقه الى جحرة الصغير يتدافع في حماس عجيب لحمل حبة قمح أو شعير وهو يفعل هذا بدون ضجر. هذا النمل ليس له وزارة للشؤون الاجتماعية ولا لجان لمعالجة الفقر ولا ضمان اجتماعي ولا هيئة عليا لتقصي الحقائق، إنه يقوم بكل المهام لتدعيم أواصر بقائه في هذه الدنيا بدون بروتوكول أو انظمة أو قوانين. لقد جاء الى هذا العالم وقوانينه معه يعمل ويشقى ويتعب ويدخر ولا يجوع. والنمل الذي جاء ذكر تعاونه وتكاتفه في القرآن الكريم نحن أحوج الناس إلى أخذ العبر منه. واذا كان لكل من اسمه نصيب فالدكتور علي النملة وزير الشؤون الاجتماعية الأحق والأجدر بان يكون له من اسمه نصيب في إشاعة روح التعاون والتكاتف بين الفقراء والأغنياء من البشر في هذا الوطن ولا أعتقد أنه قد اختير كوزير من اجل اسمه فقط لوزارة تهتم بشؤون الفقراء وانما لجهده ومثابرته في حل العديد من مشاكل الفاقة والعوز وايجاد حلول سريعة لها. ولعل من أهم صفات النمل الصبر والمثابرة والجهد والعمل وإذا توافرت هذه الصفات لدينا بشر حلت العديد من مشاكلنا المهم ان تكون وزارة الشؤون الاجتماعية قادرة على تلمس حاجات المجتمع ومشاكله والتعمق في أدق خصائصه وعاداته فهناك العديد من الفقراء الذين لا يعرفون ابواب الضمان الاجتماعي أو وزارة الشؤون الاجتماعية وهناك العجزة والشيوخ والمسنون الذين ينبغي ان نذهب اليهم لدراسة أحوالهم وعونهم ومساعدتهم ولا ننتظر أن يأتوا الينا وهناك العديد من القرى الفقيرة في السهول والجبال والصحراء وبعضهم في حاجة الى حبة الدواء وبعضهم لا يجد قوت يومه والبعض الآخر سقفه السماء الأكثر رحابة وسعة ورحمة. هؤلاء الناس ينبغي أن يذهب اليهم منسوبو وزارة الشؤون الاجتماعية فعملهم في تقديري ليس في المكاتب المكيفة والمترفة وإنما عملهم الحقيقي هو في الطريق وفي الصحراء وفي الجبال وفي السفوح الملتهبة التي تكتظ بالبشر الذين هم في حاجة الى عطف البشر واهتمامهم.. ولا أزيد.