يتوسط وادي «وسَط» مدينة نجران ومحافظة يدمة ومحافظة ثار وكذلك مركز الأمواه بمنطقة عسير، تكسوه طبيعة زاهية وتشكيلات صخرية بديعة، تروي بعضها كتابات العابرين للوادي، عبر نقوشهم ومنحوتاتهم التي خلفتها رحلاتهم في الزمن الماضي. ويتميز الوادي الذي يسمى مركز «السبيل» بالمزارع والواحات المتناثرة، والكثير من أشجار السَمَر والسِدر العملاقة التي يستظل بها السائحون والمتنزهون في هذا الوادي الجميل، خاصة في فصلي الصيف والربيع، حيث يعبر بين سلسلة من الجبال، من بينها جبل «عتُوُق» الذي يستطيل في السماء كأكبر الجبال في «وسَط». ويحتوي مركز السبيل على العديد من المراكز الخدمية الحكومية، فيما اُعتمد مؤخرًا طريق مزدوج يربط بين نجران والحصينية ومركز السبيل ويدمة، ويتوقع أن يقدم هذا الطريق الذي يمر بوادي «وسَط» الكثير من الخدمات والفرص الاستثمارية، إضافة إلى الجانب السياحي بوصف الوادي متنزهًا طبيعيًا خلّابًا، خصوصًَا أن العيون تتفجر من بعض صخوره إذا ما ارتوى الوادي من الأمطار والسيول، كما يحدث هذه الأيام من تدفق لعين جارية بالوادي أو كما يُسميها أهل المكان «غيْل». ويقول المواطن مبارك بن بلال الذي يسكن في مركز السبيل: إن ضفاف وادي «وسَط» كانت طريق القوافل القديمة المتجهة لنجد، أو للحجاز لأداء مناسك الحج والعمرة. وبيّن أن الطريق عرف في وقت مضى ب «طريق المُوْرَات» نسبة إلى الشاحنات الكبيرة التي تنقل البضائع والمؤن والناس باتجاه منطقة الرياض أو منها إلى مدينة نجران، مفيدًا أن وادي «وسَط» كان استراحة للمسافرين والعابرين لما يحتويه من ماء جارٍ، ومن واحات تسرّ الناظر، كما كان طريقًا يسلكه حجاج بيت الله الحرام من محافظات منطقة نجران أو القادمين من اليمن. ويقع وادي وسط شمالي شرق نجران، ويقول سكانه: إن له من اسمه نصيب؛ فهو يتوسط المنطقة جغرافيًا وتحديدًا بين نجرانالمدينة ومحافظة الأمواه، يدمة، العزيزية وثار. ويبعد عن وسط المدينة بنحو 200 كيلومتر، وامتاز وسط عن غيره من المدن والبلدات والقرى بتنوع مجموعاته السكنية وقبائله وتعددها، ما شكل انصهارًا وتمازجًا، كما يمتاز الوادي بخصوبة التربة والحقول والبساتين الزراعية الممتدة التي تشكل عِقدًا فريدًا من النخيل وبقية المزروعات الأخرى التي كانت ولاتزال معلمًا آخر من معالم الجمال في وادي وسط. وسميت يدمة بهذا الاسم نسبة إلى بئر قديمة تقع غرب المحافظة تغذي أهالي المحافظة بالماء قديمًا، ومحافظة يدمة من المحافظات الشمالية لمدينة نجران وتبعد عنها 182كم، ويلتقي الإشراف لها من الشمال منطقة عسير، ومن الجنوب محافظة ثار، ومن الغرب منطقة عسير وسلسلة جبال عسير، ومن الشرق محافظة وادي الدواسر، ومناخها قاري شديد الحرارة في الصيف، وشديد البرودة في الشتاء، والأمطار تسقط في فصل الصيف ومتذبذبة الكميات والمواعيد، ويتبع لمحافظة يدمة أحد عشر مركزًا، ويتبع كل مركز العديد من القرى والهجر، وقد احتلت محافظة يدمة قديمًا وعلى مر التاريخ موقعًا مهمًا من الناحية الاقتصادية والجغرافية، حيث تفتح بوابتها الشرقية على صحراء الربع الخالي، وتفتح بوابتها الغربية على جبال عسير، وكانت قوافل التجارة القديمة، تتوقف ببئر يدمة التاريخية ثم تتفرع إلى طريقين: الأول يتجه شمال شرق الجزيرة العربية مارًّا بقرية الفاو، والثاني يتجه إلى شمال وغرب الجزيرة مارًّا بجرش ثم مكةالمكرمةوالمدينةالمنورة والعلا ثم إلى بلاد الشام ومصر.