يعد الأديب والشاعر عبدالله بن ادريس من الوجوه الأدبية والصحفية التي كان لها الريادة في الإبداع والصحافة فقد كان له دوره في الحقل الصحفي فقد تمكن من إصدار (صحيفة الدعوة الإسلامية) ورأس تحريرها بنفسه منذ صدورها في غرة عام 1385ه وحتى عام 1392ه وكانت كما يقول.. اعوام حافلة بالذكريات والانجازات التي جعلت الدعوة تقرأ في اكثر من ثلاثين دولة اسلامية باللغة العربية او مترجم بعض موضوعاتها الى عدد من اللغات.. ثم عين بعد ذلك عام 1393ه امينا عاما للمجلس الأعلى لرعاية العلوم والفنون والآداب ثم في جامعة الإمام محمد بن سعود وعمل رئيسا للنادي الادبي بالرياض ثم رئيسا لتحرير مجلة (الأدبية) و(قوافل) اللتين تصدران عن النادي الأدبي وفي ذلك يقول: (عملت رئيسا للنادي الأدبي بالرياض بمساعدة الزملاء من اعضاء مجلس الادارة على ان يسير النادي سيرا متزنا ورسمنا له طريق الاعتدال والعطاء الجيد المنتقى. وقد عين ابن ادريس عضوا اساسيا بمجلس (دارة الملك عبدالعزيز) وهيئة تحرير مجلة الدارة ومجلس ادارة مؤسسة الدعوة الاسلامية واللجنة العليا لجائزة الدولة التقديرية للآداب والمجلس العلمى لجامعة الإمام محمد بن سعود وعضوا شرفيا في رابطة الأدب الاسلامي وفي رابطة الادب الحديث في مصر). وقد حصل على العديد من الاوسمة وجوائز الابداع منها وسام الريادة والميدالية الذهبية من مؤتمر الادباء السعوديين عام 1394ه عن كتابة شعراء نجد المعاصرين وايضا عن بحثه عن الشعر السعودي في قلب الجزيرة العربية ومنح جوائز واوسمة من عدة دول عربية منها قطر والمغرب. وقد القى ابن ادريس العديد من المحاضرات وكتب الكثير من المقالات في المجلات والصحف المحلية والعربية. آثاره المطبوعة وريادته لعبد الله بن ادريس مجموعة من الاصدارات منها: شعراء نجد المعاصرون وصدر عن دار الكتاب العربي القاهرة 1960م. في زورقي - ديوان شعر - 1992م. كلام في أحلى الكلام - دراسات نقدية - 1990م. عزف أقلام 1992م. ولعبدالله بن أدريس إبداعات شعرية كثيرة فقد نظم الشعر منذ سن مبكرة. ويعد ابن ادريس، اول صحفي يمارس الصحافة كمهنة وحرفة من منطقة سدير واول من كتب عن الشعر والأدب في نجد، واول من عرف بشعراء نجد وهو ايضا اول من دعا الى انشاء مجمع لغوى. ويعتبر من الادباء القلائل في المملكة الذين دافعوا عن الفصحى ازاء هجمة اللهجات الدارجة والشعبية يقول محمد الشقحاء: تلمست جانبا مهما في حياة ابن ادريس وهو دفاعه القوى عن اللغة العربية الفصحى وهجمة العامية التي استطاعت ان تجد لها منفذا في حياتنا الحاضرة. مولده ونشأته ولد عبدالله ادريس عام 1349ه في قرية (حرمة) من مقاطعة (سدير) وتلقى تعليمه الاولي في بلدته ثم على يد الشيخ عثمان بن سليمان حيث تعلم القرآن الكريم والتوحيد وفقه العبادات وشيئا من الحساب وبعض العلوم الاخرى. ثم انتقل الى الرياض عام 1367ه ليدرس في حلق التعليم الديني بالمسجد الجامع (بدخنة) حيث درس علوم العربية والفقه وعن الكلام على شيوخ افاضل وفي عام 1369ه عين مدرسا بالمدرسة الفيصلية الابتدائية بالرياض ثم اتيح له ان يدرس دراسة نظامية فالتحق بالمعهد العلمي بالرياض عام 1371ه وحصل على الشهادة الثانوية بعدها يلتحق بكلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الاسلامية ويتخرج منها عام 1376ه في اول دفعة تتخرج في الكلية. وشغل بعد تخرجه عدة وظائف تعليمية وادارية بوزارة المعارف وجامعة الإمام محمد بن سعود ليصل الى مستشار لوزارة المعارف في شؤون الكتب وبعض القضايا وليعود مرة اخرى عام 1393ه امينا عاما للمجلس الأعلى لرعاية العلوم والفنون والآداب. وقد قام بتثقيف نفسه ثقافة ذاتية واسعة فعكف على القراءة في مختلف المجالات. ابن إدريس شاعرا يقول د. محمد الصادق العفيفي في كتابه (عبدالله بن ادريس شاعرا وناقدا) يلمس الدارس في شعر ابن ادريس اكثر من موطن على كلمة (يعرب) (العرب) و (العروبة) وتوجيه الخطاب لأمة (الضاد) باعتبارها وحدة واحدة متماسكة وكلا لا يتجزأ.. واراد ابن ادريس ان يجعل من قصائده في ميدان العروبة رسالة للتحرير ودعوة للنهضة ودعما للروح النضالية فهو شاعر ملتزم ولم يعد مفهوم الشعر عنده تجميل الاسلوب وتشجير التعبير وابداع التركيب بل غدا ملاءمة بين الجمال الفني الذي لا يختلف بين شاعر صادق وآخر. وقد قدم ابن ادريس العديد من القصائد المتنوعة في الطبيعة وفي الوطن وقد اتسمت مفرداته اللغوية وتراكيبه تشع في سياقها ايماءات تزيد من خصوبة اشعاره ولا تكاد تخلو قصائده من الحس الديني والحكمة وكان للصورة الشعرية الكلية دورها في ثنايا شعره. في عيون الأدباء في كتاب عبدالله بن ادريس شاعرا وناقدا قدم د. الصادق عفيفي مجموعة من الشهادات استقاها من (مجهر الآراء) التي نشرت في حلقتين متتابعتين عن ابن ادريس ويرى العفيفي ان لهذا النوع من الآراء اعتباراته التاريخية والاجتماعية والفنية والمعياريةلاسيما عندما يصدر من شخصيات لها ثقلها العلمي والأدبي. قول عبدالله الحميد:(لقد قدم الاستاذ ابن ادريس خدمة كبيرة.. عندما اصدر كتابه (شعراء نجد المعاصرون) من قبل اكثر من ثلث قرن من الزمان، وقد احدث هذا الكتاب ردود فعل كثيرة، ومايزال المهتمون بالتأليف يستفيدون منه، ويعدونه مرجعا مهما في الترجمة والتعريف بعدد من الشعراء،ويطالبون المؤلف بإصدار الاجزاء الاضافية المكملة لهذا الجهد النبيل). ومما جاء في (مجهر الآراء) على لسان القاص..محمد الشقحاء:(وقد أسدى ابن ادريس لتاريخنا الأدبي بهذا الكتاب عملا رائد استطاع ان يجعله مرجعا من مراجع الأدب العربي) ويكمل الصورة الشاعر الرقيق.. محمد هاشم رشيد فيقول:(وكتاب - شعراء نجد المعاصرون- من الكتب الرائدة في مجال الترجمة والدراسات الأدبية، ومن الإجحاف ان نتوقع من كتاب صدر في بداية نهضتنا الأدبية (1380ه - 1960م) ما نتوقعه من كتاب يصدر هذه الايام، ولذلك نقول.. بكل صدق وموضوعية: انه من الكتب الرائدة وانه لو اتيح لأبي عبدالعزيز ان يتناول هذا الموضوع من جديد لاختلفت اسالسب العرض، ومناهج الدراسة- كما رأينا في دراساته وبحوثه الحديثة). ويأتي الدكتور احمد الضبيب - مدير جامعة الملك سعود - ليبسط بعض جوانب هذه الصورة فيقول:(ترتبط ريادة ابن ادريس المبكرة في تاريخ الادب السعودي بتأليفه كتابه الشهير (شعراء نجد المعاصرون) الذي يعد احد المؤلفات السعودية الاولى التي كشفت عن الوجه الأدبي لأجزاء متفرقة من مملكتنا الحبيبة. ويقول د. عفيفي: يحتل ابن ادريس مكانة اجتماعية مرموقة في وطنه، وقد اصلها بهذا القلم المكافح الذي خاض كثيرا من المعارك الاجتماعية، وعالجها بحكمة ودقة، كي يبتعد عنها المواطنون، ويتحرروا من سلطانها، وكانت احدى نوافذه الى ذلك (صحيفة الدعوة الاسلامية) عندما كان رئيسا لتحريرها (1385- 1392ه). ولعل هذا الرصيد الضخم يرى النور قريبا - كما وعد بذلك ابن ادريس في مجهر الآراء - وقد عنون له باسم (مختارات من افتتاحيات صحيفة الدعوة) ولاسيما وقد كان ابن ادريس من اصحاب الاقلام الحرة في هذه السبيل، وكان وطنيا غيورا على دينه، وعلى مجتمعه، مما بوأه منزلة رفيعة بين ابناء وطنه، وعند اولي الأمر. ولا أذهب بعيدا اذا قلت: ان ابن ادريس ربيب الدعوة الاصلاحية، الكبرى، تلك الدعوة السلفية التي قادها الشيخ محمد بن عبدالوهاب، وتلميذ سماحة الشيخ محمد بن ابراهيم كان احدى دعامات هذه النهضة الاجتماعية الحديثة، بعد ان بدا له في مطلع حياته ومن قبل اكثر من ثلث قرن - ان كثيرا من النواحي في حاجة الى الاصلاح الاجتماعي، ومسايرة العصر، وينظر الشاعر الناقد الدكتور الخطراوي الى شاعرية ابن ادريس من جملة نواح، فقال:(حين نصل الى ابن ادريس الشاعر، فإننا نكون بإزاء شاعر فحل محب لتراثه، منافح عن دينه، وعروبته، مخلص لإنسان هذا الوطن وترابه حتى النخاع، انه من جيل الرواد الذين جمعوا بين العلم والفكر والشعر، وحب الناس). ثم ثنى بقوله:(بأنه منافح عن دينه وعروبته) والشاعر العربي المسلم (لابد له ان يتزود بقوة روحية عميقة من التيارات المادية، وتهيىء لخياله صور ما وراء المادة، وتيسر له التحليق الى القمم السامقة، وتعطيه المعنى ومعنى المعنى)، لأن البعد الاخلاقي لديه مؤتلف مع كيانه العربي، وهو في هذا الافق يتحرى نقل التجربة الشعرية، بإحساسه الروحي، وصوته العربي،(وهو في هذه المعاناة متوازن بين التصور والتصوير، فلا احساس يتجاوز حده في التصوير ولا الصورة الزائدة عن الإحساس في التعبد والكلمة). ثم مهر الخطراوي الاضاءة الاولى والثانية بقوله:(ان ابن ادريس مخلص لانسان هذا الوطن وترابه) وهذه خصيصة يلمسها كل من يقرأ شعر ابن ادريس، وهو بهذا يتلقي مع كثير من الشعراء العرب، ومع الشاعر الإنجليزي (شللي) في توظيف الحانه واحاسيسه في حبه لوطنه الصغير والكبير والدفاع عنه. خاتمة من خلال ما سبق يتبدى لنا الدور الذي قام به عبدالله ابن ادريس الذي استقال مؤخرا من رئاسة نادي الرياض الأدبي ليتفرغ لكتاباته وابداعاته الشعرية وقد صدر له اكثر من كتاب في الاعوام القليلة الماضية.