بعد أربع سنوات تبلغ الدولة ال60 من العمر. الزمن بالنسبة للدول يختلف عنه بالنسبة للناس، ومع ذلك، فإن الدولة التي تبلغ الستين من العمر لا تبقى طفلة صغيرة، ولا تعتبر يافعة، إذ أن بوادر الشيب الأولى تبدأ بالظهور على شعرها. رغم عمرها، ما زالت دولة إسرائيل تفتقد إلى صفات البلوغ الأساسية. فهي ما زالت بدون حدود نهائية يعترف بها، ما زالت تنقصها عاصمة يعترف بها العالم، وما زالت تفتقد إلى دستور، والأهم من ذلك، ما زال يفتقد سكانها إلى الطمأنينة والميراث. إن إسرائيل التي تبلغ الآن ال56 من العمر، هي دولة يحبها أبناؤها وبناتها رغم ماهيتها وليس بسبب ماهيتها. قبل سنة سادنا التفاؤل. هبت رياح جديدة. لقد هُزم صدام حسين بسهولة، نُحي عرفات لصالح قيادة فلسطينية واقعية. اجتاز الاقتصاد قعر الانحطاط، وبدأ بنشر جناحيه. وعبق الجو برائحة الانقلاب . مرت سنة، حدث فيها الكثير، لكنه قليل جداً. عملياً، يمكن القول إن السنة الماضية كانت سنة غير سيئة. فالاقتصاد عاد إلى النمو، وتم بناء الجدار في المقطع المصيري، تم مد سكك حديدية جديدة، تلقت التنظيمات الإرهابية الضربة تلو الأخرى، حقق الشاباك إنجازات عظيمة، تدفق رأس المال الأجنبي وساهم في تشحيم عجلات الاقتصاد، ازدهر التصدير، ازدهرت الثقافة المحلية، حتى السينما. فما السيىء في ذلك؟ وربما يجب تغيير مصطلح "سنة غير سيئة". إذ كيف يمكن للسنة ألا تكون سيئة، عندما يسقط فيها 185 من عناصر قوات الأمن و137 مواطنًا في الحرب الإرهابية؟ كيف يمكن لها ألا تكون سيئة عندما تقفز فيها البطالة إلى رقم قياسي؟ أو عندما يحطم الفقر الأرقام القياسية؟ كيف يمكن لها أن تكون سنة جيدة في وقت تخيم فيه غيمة كثيفة من الشبهات بالفساد والرشوة على رأس رئيس الحكومة؟ هاكم التناقض الذي تواجهه دولة إسرائيل في يوم استقلالها ال56: دولة يموت مواطنوها حباً فيها، لكنك تجد مواطناً واحداً، من بين كل اثنين، يعتقد أنها تسير في اتجاه غير صحيح، و70 مواطناً من بين كل مئة مواطن يقولون إنهم لا يجدون فيها مستقبلاً لأولادهم، وخمس المواطنين فيها، فقط، يمكنهم التأثير على طريقها، كما لو قيل: الدولة في واد والمواطنون في واد آخر. بعد أربع سنوات ستبلغ الدولة الستين من العمر. لقد آن أوان البلوغ، أوان التطبيع. آن الأوان لترسيم الحدود، آن الأوان للتسليم بالقيود، آن الأوان لإرساء الحياة العامة حسب معايير الدستور والأخلاق وطهارة المقاييس. آن أوان التجنس. آن أوان إنهاء الصراع مع الجيران، حان الوقت للقضاء على الفقر والبطالة وعلى النقص التربوي. حان الوقت كي نصبح دولة طبيعية. في الحوار المنشور في الملحق الخاص الذي تصدره صحيفة "يديعوت أحرونوت"، اليوم، بمناسبة يوم الاستقلال، يقول المربي والمفكر موكي تسور: إسرائيل اليوم، هي دولة حامل. يتحتم ولادة شيء جديد هنا. في ال56 من العمر، وفي الطريق نحو الستين، وما زالت حاملا. ما زالت تنتظر، لكن كما قلنا، الزمن بالنسبة للدول يختلف عنه بالنسبة للخليقة. @@ يديعوت احرنوت