"الشركات التي تهتم بتحديث الأفكار وتجديدها تأخذ تفكير العاملين بها مأخذ الجد. أما العامل الذي يجهد ذهنه في التفكير والتحديث والإبداع فهو عامل واع وحي بمعنى الكلمة". هذا هو ملخص رأي مؤلفي كتاب "الأفكار حرة" آلان روبنسون ودين شرودر اللذين يعملان في المجال الأكاديمي ومجال استشارات الابتكار في المؤسسات. فالأفكار هي القوة الدافعة في حياة أي مؤسسة. والمدير الواعي لتلك الحقيقة يمكنه أن يزيد الأرباح، مع تجنب أي تقليص لحجم العمالة أو لأية أوجه إنفاق أخرى. أما قتل أفكار العاملين فيساوي فورا شركة منهارة لا مستقبل لها. شركة غارقة في البيروقراطية والإجراءات العقيمة، التي تنفذ من خلال عاملين أقرب ما يكونون للإنسان الآلي منه للإنسان المبتكر المبدع. ولكن الأفكار المبدعة المبتكرة على أهميتها هي فقط نقطة في بحر، أو هي قمة الجبل الذي نبغي الوصول إليه، وهو جبل النجاح وقمته. فمفتاح الشركة الناجحة هو تشجيع ودعم ثقافة مؤسسية تتعرف على أوجه التحسين المختلفة وتطبقها بسلاسة وبدون تعقيدات أو عوائق وعقبات. ويركز المؤلفان على أن الأفكار هي المحرك والمحفز الأول للتغيير المؤسسي، وأنها ليست هدفا في حد ذاتها. ويضرب المؤلفان مثالا رائعا هو لشركة تويوتا، التي يقوم نجاحها أساسا على ثقافة مؤسسية تشجع العاملين على التقدم بأفكارهم للإدارة العليا، وتستقبل مليون فكرة جديدة منهم سنويا. كما يقدم المؤلفان خريطة تفصيلية لتجميع الأفكار، بدءا من الإلهام إلى التطبيق العملي والتنفيذ. بالإضافة إلى ذلك يقدم المؤلفان بعض المفاجآت المتعلقة بمكافأة الأفكار الجديدة. منها مثلا أن مكافأتها عادة ما تؤدي إلى إخماد سيل الأفكار الجديدة ووأدها في مهدها وخنقها. ويبرر المؤلفان ذلك بأن رصد مكافأة للأفكار يحول تركيز صاحبها من الفكرة نفسها إلى المكافأة، مما يشتت ذهنه ويؤثر على جودة الفكرة المطروحة وإسراعه بطرحها، ربما قبل الأوان. كما يؤكد المؤلفان أن الأفكار الصغيرة التي تؤدي إلى تحسينات مستمرة وتراكمية أكثر قيمة وأعمق تأثيرا من الأفكار الكبيرة التي تؤدي إلى تغييرات جذرية. ويركز المؤلفان أيضا على فكرة أن العامل الواقف على خطوط الإنتاج - أيا كان هذا الإنتاج - هو أجدر شخص بتلقي أفكاره وتحسيناته. فهو الذي يتعامل مع المشكلات اليومية، ويلمس نقاط الضعف والقوة، وأوجه التحسين والفرص المواتية له. ولأنه لا حيلة له في اتخاذ أي قرار، نجده مجبرا على متابعة الأمور في صمت، وهو يرى المؤسسة تنهار وتحقق خسارات كبيرة وتفقد أهم عملائها، ثم كل عملائها، وتفقد الفرصة تلو الفرصة. هذا بالنسبة للخسارة المادية. أما بالنسبة للخسارة المعنوية فهي أكبر بكثير. فمن يمكنه أن يحدد رقما يمثل خسارة لثقافة مؤسسة طاردة لأفضل عناصرها، وأساليب إدارية تؤدي إلى تدهور جودة الإنتاج، وتعاملات مع العاملين تحولهم إلى كيانات كارهة للعمل، ولكل حياتها عامة؟ المطلوب إذا هو ثورة هادئة، ثورة أفكار، يقودها المديرون والمشرفون، يشجعون من خلالها العاملين على التقدم بأية أفكار تعن لهم عن تحسين الإنتاج أو أي إجراء آخر في مجال العمل. ويدور كتابنا هذا حول كيف يمكن إدارة تلك الثورات وكيف يساعد أي مدير أو مشرف على نجاحها. ولكن لماذا نسمي هذه الحركة الإصلاحية "ثورة"؟ نفعل ذلك لأن النية فيها تتجه إلى تحرير العاملين من الألف إلى الياء، وكذلك إلى تغيير أسلوب إدارة المؤسسات جذريا. وتبدأ تلك الثورة عندما يلاحظ ويعترف المديرون بأن أفكار العاملين قد يكون لها أثر فعال عظيم على أداء الوحدات الإنتاجية. وبذلك يلتفت العاملون إلى الأمور الهامة البناءة والمصلحة العامة بدلا من المشاحنات والمصالح الشخصية. وبذلك يتغير أيضا شكل العلاقة بين المديرين والعاملين معهم إلى الأفضل والأكثر إنتاجية، والأهم: إلى احترام متبادل على أسس راسخة قوية، وتقدير كبير لدور العاملين في نجاح المؤسسة ونجاح المديرين أنفسهم. وقد يبدو الأمر سهلا: مجرد موافقة المديرين على استقبال أفكار العاملين. ولكن ثبت من خلال تجربة عديد من الشركات أن الأمر أعقد من ذلك قليلا، وأن كثيرا من الاستراتيجيات التي تعتبر بديهية في تلك الحالة يجب في كثير من الأحيان استبدالها أو حتى عكسها تماما. كالمثال الذي قدمناه بأعلى عن مكافأة الأفكار. كما أن هناك مهمة تقييم الأفكار قبل تطبيقها. إذ لا يتم تطبيق كل الأفكار المقدمة أو حتى تجربتها. بل يجب غربلتها قبلها بناءً على معايير وأسس ثابتة ومحددة. TITLE: IDEAS ARE FREE: HOW THE IDEA REVOLUTION IS LIBERATING PEOPLE & TRANSFORMING ORGANIZATIONS AUTHORS: ALAN ROBINSON & DEAN SCHROEDER PUBLISHER: BERRETT-KOEHLER PUBLISHERS ISBN: 157675828 250 PAGES FEB. 2004