في إمكان أرامكو السعودية إصدار عشرات المطبوعات المتخصصة التي يقرأها ويكتبها المهندسون والاقتصاديون. ولكن ليس من السهل إصدار خلطة ثقافية جميلة مثل "القافلة"، فهي مجلة قابلة للانتقال من يد المهندس إلى يد ابنه الطالب، وزوجته ربة البيت، وللمثقف في الجامعة ولرجل الشارع سواء بسواء..! بهذا التوصيف لخّص الإعلامي سلطان البازعي رأيه في مجلة "القافلة"، ضمن ورقته التي قدّمها في حفل اللقاء الثقافي الإعلامي الذي نظمته المجلة في مدينة الرياض الثلاثاء الماضي، وحضره نخبة من المثقفين والإعلاميين. الحفل استضافته قاعة الاحتفالات بمركز الخُزامى، وتحدث فيه، أيضاً، الإعلامي محمد رضا نصر الله، ورئيس تحرير القافلة محمد العصيمي، وكميل حوّا مدير التحرير الفني للمجلة مدير المحترف السعودي. مكافأة عشرينية..! كانت البداية لكميل حوّا الذي فضّل أن يكتفي بكلمات قليلة عبّر فيها عن "امتنانِ المُحترفِ السعودي لشركة أرامكو السعودية وإدارتها على كافةِ مستوياتِها التي أتاحت فرصة َ تولّي إصدارِ مجلةِ القافلة". وهي الفرصة التي اعتبرها مدير عام المحترف السعودي "أكبرَ مكافأة نالها المحترف السعودي للسنوات العشرينَ التي قضاها، كأولِ دار سعودية متخصصة في التصميم الجرافيكي". من التخطيط إلى العمل رئيس تحرير القافلة محمد العصيمي تناول، أولاً، تاريخ القافلة الطويل الذي جعلها "لأكثر من نصف قرن، مصدر إثراء للثقافة المحلية وملتقى للمهتمين، كتاباً وقراءً، بالشأن الأدبي والثقافي بصيغه المتنوعة المتصلة بمعطيات النموّ وطبيعة المراحل". ثم تطرّق العصيمي إلى تجربة التطوير التي سبقها الكثير من العمل من بينها الاستفتاء الذي شارك فيه قراء القافلة نهاية عام 2002م. وبعد سرد ثمانية محاور أساسية للتطوير توصل إليها فريق التحرير، إبّان الإصدار الجديد، تحدث العصيمي عن مرحلة العمل، بما تضمنته من تحد جدي ودقة وحرص على "تفعيل الروح الجماعية في وضع تصورات العمل، لكل عدد، ومن ثم إنتاجه، في قوالب المناخات التي تقدّم، بدورها، مضامين المجلة وموضوعاتها". وقدّم العصيمي، في كلمته، رصداً لبعض ما أُنجز في تجربة السنة الأولى. وتناول مناخات المجلة، في إحصائيات شملت كامل صفحات الأعداد الستة الصادرة. حيث احتلّ مناخ الطاقة 14.7% من إجمالي عدد الصفحات، في حين احتلّ مناخ العلوم والتكنولوجيا 22.7، واحتل مناخ الثقافة العربية والمحلية 31.6%، وشغل مناخ الثقافة البيئية والصحية والتوعية بالسلامة 13.7%. وبقي من حصص الصفحات 17% لمضامين متنوعة أخرى. السعودة: إنتاجا وموضوعا..! وتناول العصيمي الاعتبارات المحلية في المجلة بما تفرضه من ضرورة التواصل مع قضايا المجتمع السعودي اجتماعياً واقتصادياً وثقافياً. فذكر أن "نسبة الصفحات المعنية بهذه المضامين قد بلغت 35.8% من إجمالي صفحات الأعداد الستة". وقال: "من المخطط له أن ترتفع النسبة إلى متوسط 40% في السنة الثانية، مع مراعاة بقية المناخات". وعن المشاركة المحلية، في القافلة قال العصيمي: "المجلة أتاحت للأقلام السعودية نسبة واضحة من المشاركة في التحرير والكتابة، واستكتبت العديد من الأسماء السعودية على نحو يُمكن اعتباره واحداً من علامات نقلتها التطويرية". وأضاف العصيمي: "على مستوى أعداد السنة الأولى وصلت نسبة الأسماء السعودية المشاركة في تحرير المجلة والكتابة فيها إلى 33.5% ويسعى فريق التحرير إلى رفع متوسط المشاركة السعودية إلى 45%". مجلة جيل كامل..! ورقة الأستاذ البازعي استعرضت تجربة تطوير المجلة، في سنتها الأولى، بوصفها والرأي للبازعي "مجلة جيل كامل امتدّ على مساحة الوطن، وما زالت نافذة تنوير، وهي تستعد الآن لاستلام أجيال أخرى لتنقلهم في ركابها إلى آفاق المستقبل". واعتبر البازعي القافلة نموذجاً "يجب أن يكون موضع دراسة لدارسي علوم الأعلام والعلاقات العامة". وأضاف "فهي تقدم نموذجاً فريداً في صياغة المطبوعات الصحفية العربية". وأضاف قائلا: إن "الصياغة السهلة التي تقدم بها القافلة المعلومة الخاصة بمواضيع الطاقة تجعل من السهل عليّ وعلى غيري فهم الفروقات بين خامات النفط المختلفة، وعن أنظمة التسعير، وعن آثار التسربات النفطية المدمرة على البيئة، وعن أهمية الغاز كسلعة خامية جديدة". يضيف: "قارئ (القافلة) الذي يقرأ هذه المعلومة، يقرأ تحقيقاً إنسانياً جميلاً عن نموذج مشرق للمرأة السعودية مثل أميرة المصطفى التي تخصصت في الجيوفيزياء، وفي عدد آخر يقرأ عن سلمان الناصر سائق الليموزين". صفحات العضلات الوطنية..! الإعلامي المعروف محمد رضا نصر الله عاد، عبر شاعرية كلمته، إلى الذاكرة وقال (كان أولَ عهدي بالقافلة تداولُها بين عمال الشركة صغيرة بحجم "التابلويد" لكنها على مستوى من الجد في صياغة الخبر النفطي، وكذلك ما يتعلق بأخبار موظفيها، في حالة ابتعاثهم، أو ترقيتهم أو تكريمهم بعد سنوات مضنية من الخدمة الطويلة بين جبل الظهران وراس تنورة حيث الإدارة ومعامل التصفية. ولا تنس مواقع الحقول النفطية هنا وهناك على امتداد المنطقة والربع الخالي، بعض جيراننا من عمال الشركة كانوا يقصون علينا من أنباء الحفر والمكتشفات ما يستثير الخيال ملاحم في الإقدام والتحمل والصبر على مكاره الحياة في البر أو البحر). وأضاف نصر الله: "هذه الصور وغيرها كانت تتنزل على أنظارنا الغضة وقد لوحت شمس الصحراء بسحنات أولئك حتى أصبحت سواعد من حديد.. طالما تملينا عضلاتها الوطنية فوق صفحات القافلة، فنعجب كل العجب كيف تحوّل هؤلاء الفلاحون والبحارة والبدو إلى مهندسي بترول؟". واستمر نصر الله قائلاً: "هذا ما كان قبل أن تبنى طوبة واحدة في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، لقد فعل برنامج تدريب السعوديين أفاعيله العجيبة قبل نصف قرن، أين منه اليوم مشروع السعودة الذي نتنادى به صباح مساء دون جدوى على أرض الواقع الاجتماعي. حين ذاك أدهشتنا رطانة الحساوي والقطيفي كيف تمكنا من إتقان اللغة الانجليزية بلهجتها الأمريكية، بينما كان العهد بهما غارقين في لهجتهما المحلية التي لا تتعدى مفرداتها أدوات البحر والفلاحة.. كذلك الحال بالحائلي، والمكي، القصيمي والمدني، العسيري والنجراني، هؤلاء جميعاً ضمتهم التجربة الجديدة في أرامكو، فكادت تذيب مواريث ثقافتهم الاجتماعية الضيقة، في أتون ملحمة العمل والوعي بعالم متغير". زيادة جرعة التوعية بعد كلمة نصر الله، عاد رئيس التحرير إلى المنصة، ليتحاور مع الحضور في استفساراتهم وأسئلتهم.. حيث جاء في البداية سؤال عبد العزيز الخضيري لماذا لا تزيد القافلة من جرعة التوعية في الصحة والسلامة..؟ وأجاب العصيمي إن التوعية في الصحة والسلامة والبيئة هي أحد المناخات الرئيسة في القافلة، ولم يقتصر عملنا، في المجلة، على معالجة هذه الموضوعات معالجة صحافية داخل العدد، بل نُخرج أحياناً عملنا في شكل ملصق (بوستر) يوزّع مع العدد يتناول قواعد يومية في هذه الجوانب. أما الفنان التشكيلي فيصل المشاري أود تهنئكم فقد تساءل عن أهمية الصورة التعبيرية في إخراج المجلة..؟ وقال العصيمي في الجانب الفني نحن نعتز بما حققناه حتى الآن، ونعتز بعلاقتنا العملية بالفنان كميل حوّا، حيث كانت فاتحة إبداعه مع (القافلة) تصميم العدد الذي صدر بمناسبة مرور خمسين سنة على صدور المجلة، وقد أمضى أكثر من ثمانية أشهر في تصميمه ليخرج بالإتقان الذي شاهدناه. وفي موضوع الصور التي تنشرها "القافلة"؛ أستطيع أن أقول إنها من أوائل المجلات العربية التي رسّخت تقاليد احترام حقوق الملكية، في عملها. توزيع مجاني الكاتب في جريدة الجزيرة الدكتور عبد الرحمن الحبيب تساءل عن عدد النسخ التي تُطبع من المجلة؟ وما موقفكم من المطبوعات التي تأخذ من (القافلة) صوراً من دون الالتزام بالحقوق الفكرية؟ وأجاب العصيمي عن السؤال الثاني قائلاً نحن نحرص على إعلان عدم جواز نشر موضوعات (القافلة) أو صورها إلا بإذن خطي من إدارة التحرير اخذاً باعتبارات الحقوق الفكرية. والسبب في ذلك خاصة في موضوع الصور هو أن هناك تصنيفات متعارفة لشراء الصور بغرض نشرها. فهناك صور تُشترى للنشر مرة واحدة، أو لمرات عديدة، وبعضها يُشترى لنشرها في الغلاف، أو ضمن موضوع داخلي، وغير ذلك من قواعد التصنيف. لذلك فإن مطالبتنا لغيرنا بالاستئذان الرسمي من المجلة قبل نشرهم صورها؛ مبنيٌّ على التزامنا بالحقوق الفكرية. لكن الذين يحلو لهم استنساخ الصور من (القافلة)، أو قصها، لا يهتمون بهذه الحقوق. أما عدد النسخ التي تطبعها المجلة في كل عدد فهو يصل إلى 64 ألف نسخة، ومن المخطط له أن يصل العدد إلى 100 ألف نسخة خلال سنوات ثلاث، بهدف التوسع في التوزيع خارج نطاق شركة أرامكو السعودية. ولكن هاجسنا الأهم هو أن تصل المجلة إلى من تعنيه ويستفيد منها، علماً بأن المجلة لا تباع، بل توزع مجاناً على 45 ألف موظف من أرامكو السعودية، وبقية النسخ توزّع على مشتركين مجاناً داخل المملكة وخارجها. سلطان البازعي في ورقته جانب من الحضور وفي الاطار محمد رضا نصر الله