لعل ما حدث في مدريد يضع احاجية جديدة بين يدي من يمتهنون جلد الذات ومعاقبتها لكي يزيحوا عن كاهل الضمير العالمي عبء المحاسبة فالى متى يمكن ان نبقى رهينة هذه العقلية السفسطائية في نمط التفكير اذ السعي الى عدم تبرير الأخطاء فدعفنا الى هلامية في المواقف بين ما نريد وما لا نريد دون ان تملكنا ارادة الموقف التي تجعلنا نتجاوز لوم انفسنا وتحميلها مسؤولية اي مشكلة او كارثة تحدث في العالم لنعيش رهنا لعقدة الذنب مدى الحياة, او ان يكون عربي هنا او هناك مسؤولا عنها بشكل فردي يضع جميع العرب في دائرة الاتهام والمحاسبة ليبقى حاضرهم ومستقبلهم رهنا لهذه الموافق الفردية دون ان يكون هناك مجال لتخطيها او وضعها في حجمها المتبقي. لذلك القول ان العرب في دائرة الاتهام هذه ينبغي ان يسعوا دائما للدفاع عن انفسهم ورد التهمة عنهم يمكن ان يستهلك الكثير من الجهود والطاقات التي نحن كأمة تعيش مرحلة من التعثر الحضاري والسعي نحو النهوض من جديد من الكبوات المتلاحقة احوج ما نكون لتلك الطاقات والجهود ولعل ذلك في تقديري يسهم في تشتيت وذبذبة المواقف التي قد تسهم في تقوية موقعنا على خارطة العالم ودعم قضايانا المصيرية التي اصبحت مفاتيحها معقودة بيد اطراف القوى المتسلطة على العالم والتي لا يمكن بأي حال ان تخذلنا اذا ما اضحينا امة يزيدها الاستقواء ضعفا وتزيدها المحن تبعية فيما استطاع الأستقواء ان يولد تحديا وان تولد المحن استقلالا لدى امم اخرى استطاعت استثمار مأزقها الحضاري لاعادة صياغة واقعها وترميم شروخها الفكرية. ما حدث في مدريد يحدث كل يوم في العراق وفي فلسطين وافغانستان وقد يحدث في كل العالم فلماذا عندما يتحدث عما يحدث لنا يقال هذه هي ضريبة الصراع ومتطلباته للبقاء وعندما يتحدث عما يحدث للعالم في الجهة المقابلة يكون امرا لا يمكن تبريره وينبغي رده بكل الوسائل المتاحة وتكون التهم حاضرة حتى بدون بحث لاننا أمة تستبق العقاب على المراهنة.