في (الملتقى) تصادف احيانا بعض وجوه المسنين الشاحبة المتعبة.. وبعض الشباب ذوي النظرات الوقحة والذين يتطلعون عادة من تحت الى فوق وبعض الفتيات اللاتي يغالبن خجلهن بهيئة جريئة ومثيرة للجدل، هل هن يحاولن ان يتحضرن فعلا ام ان ذلك البريق في عيونهن يعني شيئا آخر؟. اما بعض العجائز المتآكلة جلودهن فهن يرقبن الامر بطريقة حذرة لاتخلو من الضيق والضجر والاستنكار وغالبا ماينتقدن سلوك الشابات.. ويتذوقن الطعام ويبدين استياءهن.. من رداءة الاسماك الفاسدة ومع كل هذا يملأن اطباقهن.. ويأكلن بشراهة بينما يقف النادل الانيق مبتسما ومتأدبا كما لو انه حقق انتصارا.. @@ وفي الجانب الآخر تهمس فتاة في اذن زميلتها هذا هو الكاتب (....) ويضحك الرجل ويقول بسخرية لا لست هو ويبدو ان جهد هذا الكاتب من التواصل المستمر في الكتابة منذ ثلاثين عاما.. لم ترسخ صورته التي تنشر كل يوم في عيون الناس.. فلا احد يعرفه.. وهذا محزن للغاية. @@ ان الناس تحاول ان تتحضر بطريقتها الخاصة تلك الطريقة التي تقف بين بين ولكن الاجانب من الاوروبيين والامريكان.. لايعبأون بهذه المحاولات المترددة.. وهم يمارسون حريتهم في الكلام والضحك بصوت مرتفع.. ولا يعبأون بنظرات السيدات المسنات.. اللاتي ضاق بهن الحال فصرخت احداهن.. للنادل.. لماذا هؤلاء الخواجات يضحكون؟ قال النادل: سيدتي لا ادري.. لم استمع الى حديثهم.. قالت: ولكنهم يضحكون. قال النادل ساخرا: نعم هم يضحكون وغالبا كل الناس يفعلون ذلك وهذا الامر لايعنيني. قالت: دعهم يخفضون اصواتهم.. ويكفون عن الضحك. قال: انا لا املك هذا الحق.. ان من حق الناس ان تضحك ومن حقها ان تحزن وهذا ليس شأني. قالت سيدة عاقلة او هكذا تبدو: (سيبي الناس في حالها.. ومالك ومال خلق الله)..وشعر النادل بالارتياح.. وانصرف.. ليقف الى جوار عازف الاورج طارق ذلك الشاب السعودي الذي يعزف مقطوعات لشوبان.. وموزارت.. وبتهوفن والاخوين رحباني وهذا الشاب الرائع تتحدث انامله بطريقة بارعة من الساعة التاسعة الى الساعة الثانية عشرة مساء دون ان (ينبس ببنت شفة) انه يتكلم بطريقة اكثر بلاغة ولكن لا احد يسمعه مع الاسف.. لقد قدم لي بعض مقطوعاته في شريط (كاسيت) وقال ان الصحافة لاتهتم به..قلت ولكنها تهتم بالفن الهابط ولم يعلق بشيء.. ولكنه ابتسم كمن يعزي نفسه واستمر يعزف بهدوء وعذوبة.(تخونوه ..وعمره ماخانكم ..ولا اشتكى منكم).. وكان يعرف انني احب اغاني عبدالحيم حافظ. طارق كان هو اجمل مافي المكان لقد صرفني عن هموم كثيرة وفي مقدمتها شاشة التلفزيون الكبرى ومذيعو ومذيعات المحطات الفضائية الهابطون وفي مقدمتهم ذلك المذيع السمج ويقال انه شقيق احد الادباء العرب ويبدو ان هذه العائلة بكاملها لن تكف عن الهذر المباح في المساء والصباح.. ولا ازيد.