المدرسة هذا المبنى الذي تتبلور فيه شخصية الفرد، ويتم تحديد مستقبل الوطن، من خلاله ينمو ويتسع ويعلو بأبنائه وبإنجازاتهم، وطموحهم الذي رُسم داخل هذا المبنى وكبر معهم، كل فرد، وكل أسرة معنية بهذا المبنى، فهو الذي يرسم الطريق للأبناء، فيه يتلقون العلم والتعليم، ويحملون الشهادات والدرجات العلمية، التي تؤمن لهم حياة كريمة.وتظل وزارة التربية والتعليم هي الوزارة الأكثر قربا للوطن وللمواطنين.. ولكن كيف يكون الأمر حينما يتحول هذا المبنى المدرسي إلى جهة للظلم، واستغلاله لتنفيذ مصالح ومآرب شخصية، بعيدة كل البعد عن التربية والتعليم؟ مديرون، معلمون، مشرفون تربويون ومسؤولون فتحوا قلوبهم رجالا ونساء ل (اليوم)، التي فتحت صفحاتها لهم ولهن. فكانت أحاديثهم شكوى وتساؤلات مريرة، مليئة بالدهشة والاستغراب، من يجيب عنها، ويشفي صدورنا؟ هذا المدير كيف تم ترشيحه مديرا؟ وذلك المشرف التربوي، الذي يتواطأ مع مدير المدرسة لظلم معلم، كيف أصبح مشرفا تربويا؟ معلم آخر يتم تعيينه مشرفا تربويا، وهو لا يمتلك من الخبرة في التعليم سوى 3 سنوات، أو حتى سنة واحدة. الظلم الذي يمارسه المدير تجاه المعلمين والوكيل أيضا، الظلم والتعسف الذي يتعرض له مدير المدرسة من مسؤول في إدارة التربية والتعليم، وذلك المشرف التربوي، الذي يتحدث عن تناقضات تعاميم الوزارة، التعاميم التي تطبق بحذافيرها في منطقة، ويتم تجاهلها في منطقة أخرى. صور عديدة ملونة وباهتة، ننقلها من مواقف وتجارب منسوبي التعليم، ننقلها من صدورهم، ونضعها على طاولة وزير التربية والتعليم الدكتور محمد أحمد الرشيد، ننقلها إلى صدر أكثر رحابة ورأفة بمنسوبي التعليم، لعل لديه الجواب الشافي، الذي يشفي صدور منسوبي وزارته، لإيضاح الصورة الملتبسة، والمواقف الشائكة التي تحدثء بشكل يومي في مناطق مختلفة في مملكتنا الحبيبة. والهدف من وراء هذا التحقيق الصحفي ليس تسجيل خبطة صحفية، أو الإثارة، بل إعادة النظر في كثير من برامج الوزارة، التي هي عصب الوطن، وفيها يتخرج الوزير، المهندس، الطبيب، المعلم، الصانع، الفني والطيار. النقل المفاجئ يروي سعود (مدرس علوم، خبرة 10 سنوات) مشكلته مع مدير المدرسة، وكيف تسبب في نقله إلى مدرسة أخرى، فكان ذلك النقل المفاجئ سببا في عدم إيجاد الجو الملائم كي يعطي العطاء الكافي، وليتحول المعلم النشط إلى معلم مثقل بالهموم، وبالشعور بالضيق من المدرسة والتدريس، لأنه يرى كل صباح مديرا لا يستحق أن يكون إداريا، ولا يمتلك أي كفاءة في أن يكون مسؤولا عن إدارة مجموعة من الأشخاص في أي مكان، فما بالك وهو مدير مدرسة، من خلاله يتحدد مصير مئات الطلاب، حسب ما يوفره من جو تعليمي، يساعد المعلمين على العطاء والبذل، ويوفر للطلبة جوا دراسيا يتلقون فيه التعليم بأذهان صافية، وبإقبال متواصل على الدروس، أو يكون العكس، فتتحول المدرسة إلى مكان كئيب وخانق، بسبب وجود هذا المدير. هكذا حبكوا المؤامرة يروي سعود لنا حكايته مع عدد من مديري المدارس، كانوا سببا في تعاسته، وفي التردد المستمر على إدارة التربية والتعليم، لمتابعة شكواه عليهم. يقول سعود: تعرضت لإصابة في الركبة، جلست على إثرها في البيت 3 أسابيع، وبعد عودتي للمدرسة، وأنا على عكازين، فوجئت بالاستقبال الفاتر من مدير المدرسة، ففاجأني بزيارة إلى الفصل في اليوم نفسه، ولم أكن قد بدأت في تصحيح الدفاتر، فكان ذلك ممسكا عليّ، فوجدها المدير فرصة سانحة لتنفيذ ما كان يخطط له ضدي، وفي اليوم التالي حضرت إلى المدرسة بعد 10 دقائق من موعد الحضور، ومعي مدرسون آخرون، فكتب مساءلة لي، عن سبب التأخير، ولم يوجه مساءلة لزملائي المتأخرين، ذهبت إليه لأتفاهم معه، وأشرح له سبب تأخري، وأن الأمر ليس بحاجة إلى مساءلة رسمية، فهذه أمور تحدث في كل المدارس، وبشكل يومي، فاستغربت من طريقة حديثه معي، والألفاظ التي استخدمها في حديثه، ورفع صوته كي يسمعه المعلمون، ثم أمر بإحضار أحد المعلمين، ليكون شاهدا على الحديث الذي يدور بيننا. تواطؤ المشرف التربوي ويضيف سعود: بعد يومين من الشجار زارني مشرف تربوي، ليحقق معي، فيما دار بيني وبين المدير، رغم أنني لم أخطىء، ولم أسئ الأدب، وصادف ان اليوم الذي زارني فيه المشرف كان لدي موعد مراجعة المستشفى، ولم يكن بوسعي أن أؤجل الموعد، فلم التق مع المشرف، وذهبت للمستشفى، وبعد يومين جاء خطاب من إدارة التربية والتعليم بنقلي إلى مدرسة أخرى، راجعت الإدارة في هذا القرار الظالم، وهناك اكتشفت أن مدير المدرسة دبّر أمر نقلي مع المشرف، وأدّعى المشرف أنني مقصر في عملي، حسب التحقيق معي، وهو لم يقابلني أصلا، ولم أتحدث معه، قبلت بالانتقال إلى مدرسة أخرى، فكتبت خطابا لمدير التربية والتعليم، شرحت فيه التصرفات غير المبررة لمدير المدرسة معي، وسجلت في الخطاب الأخطاء التي يقع فيها المدير، والتي من ضمنها توزيع جدول الاختبار بمواعيد خاطئة، حيث وزع في نهاية الفصل الدراسي الثاني جدول الاختبار للطلبة المكملين الذين يحق لهم دخول الدور الثاني، على أنه يبدأ يوم السبت، أي بعد أسبوع من عودة المعلمين، وفي أول يوم من العودة اكتشف المدير أن مواعيد الاختبارات ليست صحيحة، فهي تبدأ يوم الاثنين، أي بعد عودة المعلمين بيومين، وليس بعد أسبوع، فقام بتصوير جدول مواعيد الاختبارات وتوزيعه قبل يوم واحد على الأماكن العامة في الحي، كي يعرف الطلاب مواعيد اختباراتهم، فكان ذلك سببا في رسوب عدد كبير من الطلبة. التهديد بمقابلة الوزير يكمل سعود: رغم النسبة الكبيرة التي تشهدها المدرسة في عدد الرسوب، إلا أن إدارة التربية والتعليم لم تحرك ساكنا، ولم تلتفت لهذا الأمر، ولم تحقق فيه. ويعود سعود بشأن الشكوى لمدير التربية والتعليم، فيقول: كانت هناك مماطلة من قبل إدارة التربية والتعليم، في النظر في الشكوى، التي قدمتها، واستمرت هذه المماطلة أكثر من شهرين، لذا فانني أطالب بحقي.. ويؤكد سعود ان مماطلة إدارة التربية والتعليم تحدث حينما يكون الأمر في صالح المعلم، بينما تأخذ الأمور بموضوعية وجدية، حينما تكون ضده.. يقول: بعد أن رأت الإدارة إصراري على متابعة الشكوى على المدير، ومعرفة تطوراتها، وأنني على استعداد لمقابلة الوزير، في حال عدم النظر في الشكوى، أرسلت مشرفا تربويا، للتفاهم معي، ولإقناعي بالتنازل عن الشكوى، بطريق غير مباشر، فأخذ المشرف يحدثني عن التسامح والإصلاح بين الناس، وأن الإسلام يحثنا على ذلك، بينما نسي أن الإسلام يحث على عدم الظلم، وعلى المعاملة الحسنة، وكما جاء في الحديث الشريف (الدين المعاملة)، ثم طلب مني بكلام صريح ومباشر ان أتنازل عن الشكوى، ومسامحة المدير، وأنه سيقنع المدير بالاعتذار لي شخصيا، وبالفعل جاءني المدير، واعتذر لي، فلم أقبل التنازل، إلا بشرط عدم نقلي من مدرستي الحالية، فوافق المشرف على طلبي، وكتب ذلك خطيا. المؤامرة لم تنته غير ان سعود يؤكد أن الأمر لم يتوقف عن ذلك.. يقول: بدأ مدير المدرسة الحالية بمضايقتي، بعد أن عرف مشكلتي مع المدير السابق، وعرف ذلك عن طريق أخيه، الذي يدرس في المدرسة السابقة التي كنت أدرس فيها، فقام أخوه بنقل صورة خاطئة عني إلى أخيه المدير، وخلال سنوات عملي في المدرسة كنت تفاهمت مع المدير بخصوص وضع جدول الاختبار، وضرورة معالجة ظاهرة الرسوب، ووضع أسئلة الاختبار واضحة ومناسبة لجميع الطلاب، خاصة بعد أن كلف أحد المعلمين بوضع أسئلة الاختبار، وكنت أنا وهذا المعلم نقوم بتدريس منهج واحد، لكن في فصول مختلفة، ويفترض أن نتفق معا على وضع الأسئلة، لكن المدير كلفه وحده، فكانت بعض الأسئلة مبهمة، وفيها صعوبة على غالبية الطلبة، وهذا لا يتماشى مع تعاميم الوزارة. لوحة لإرضاء المدير وحول الظلم الذي يمارسه المدير مع المعلمين، يقول سعود: يعطينا المدير النصاب الكامل في التدريس (24 حصة)، بينما يخفف على معلمين آخرين على حسابنا، فقط لوجود علاقة خاصة ومصالح مشتركة بينهما، أو أنه قام بعمل لوحة مدرسية عند الخطاط تحمل اسمه، ولأنني لا أستطيع أن أحابي، أو أتملق للمدير، ولا أسعى لإرضائه بلوحة، أو بالسكوت عما أراه تسيبا وفوضى في المدرسة، قرر أن ينقلني إلى مدرسة أخرى، حيث أدعى أن المدرسة بها معلمون زائدون عن الحاجة، فرفع إلى إدارة التربية والتعليم اسمي، مطالبا بنقلي إلى مدرسة أخرى، دون إخطاري بذلك، رغم أن المدرسة بها وكيلان، وهي لا تستحق، لأن المدرسة بها 14 فصلا فقط، فلم يكتب عن وجود وكيل زائد، بل نقل معلم زائد. تواطؤ اللجنة يضيف: عندما راجعت إدارة التربية والتعليم، بخصوص نقلي المفاجئ، قال لي المشرف التربوي (بعظمة لسانه): ان المدير أصرّ على نقلك، ونحن نعرف أنك لست زائدا في المدرسة، المدرسة والطلبة بحاجة إليك، لأنك معلم مخلص ومتميز، ولكن المدير لا يريدك، انتقلت إلى مدرسة أخرى، ولكن لم اسكت عن حقي، فالذي حدث معي يجب ألا يحدث مع غيري، رفعت خطابا للإدارة، يوضح تجاوزات المدير في المدرسة، وبعد أن حققت اللجنة المكلفة في الأمر، اكتشفتء الكثير من القصور والأخطاء والتجاوزات، ولكنها غضت الطرف، ولم تحاسبه، لأن له علاقة ببعض أعضاء اللجنة، بينما أنا (ما عندي واسطة). ويختم سعود حديثه بأسى، حين يقول: هذا ما يحدث لنا في مدارسنا، من تعسف وظلم من مدير مدرسة، يتحكم في أمرنا كيف يشاء، دون رقيب، ودون نظام يحمينا، ولا يوجد أحد يدافع عنا، فإذا كان المشرف التربوي، الذي لا يحمل من التربوية شيئا يتواطأ مع المدير ضد المعلم، وإذا كان المسؤول ابعد ما يكون عن التربية والتعليم، فماذا ننتظر من التعليم؟ هذا هو حالي وحال كثيرين من زملائي المعلمين. أمين المكتبة وفي الإطار نفسه من تصرفات مدير المدرسة، وتغليب مصلحته الشخصية، على حساب العملية التربوية والتعليمية، يقول حسن (معلم لغة عربية، خبرة 12 عاما): المدير يتصرف في المدرسة حسبما يشتهيه، دون اعتبار لتطبيق التعاميم والالتزام بها، فمدير المدرسة يخصص أحد المعلمين، الذين تربط بينهما علاقة قوية، ليكون أمينا للمكتبة، فيعطيه 10 حصص، وفي الوقت نفسه نتحمل نحن بقية نصابه عنه، ولا يقوم بعمله كأمين مكتبة، بل الهدف من ذلك هو أن يكون مرتاحا، ورغم ما تعنيه أهمية المكتبة للمعلمين، خاصة معلمي اللغة العربية، فهي مغلقة بشكل مستمر، ومن يريد أن يزورها لقراءة كتاب، أو استعارته، أو حين يطلبها معلم اللغة العربية لحصة التعبير، فإن عليه أن يتشفّع لدى أمين المكتبة، للسماح له بفتحها، وكأنها ملك له وحده، فأمين المكتبة يقضى وقته إما مع المدير في السوالف وقضاء الوقت، أو أن يكون خارج المدرسة، كما أن مجلة المعرفة، التي تشترك المدرسة بثلاث نسخ منها، لا نراها، وغير مسموح لنا بقراءتها، أو الإطلاع عليها، تأتي من البريد، لتودع في رفوف المكتبة، لأنها عهدة، كما يردد أمين المكتبة!! التضحية بمصلحة الطالبات تنازلت المعلمة سعاد عن المذاكرة لأولادها، من أجل تحضير الدروس، بعد أن أجبرتها المديرة على تدريس الصف الأول.. تقول: بعد عناء الانتقال من منطقة إلى أخرى للتدريس، تم نقلي إلى مدينتي بين أولادي وأهلي، ولكن هذه الفرحة لم تدم، فقد فاجأتني المديرة بتدريس الصف الأول الابتدائي، حاولت أن أرفض، لكنها أجبرتني، مضحية بمصلحة الطالبات، في سبيل إرضاء صديقاتها المعلمات في المدرسة، اللاتي رفضن تدريس هذا الصف، رغم وجود خبرة لديهن في التدريس، فلم يكن أمامي سوى القبول بالأمر المرير. ولكن تدريس الصف الأول يحتاج إلى خبرة واستعداد نفسي، تقول سعاد في هذا الجانب: استعنت بالله في هذا الأمر، ثم بزوجي، لخبرته في تدريس اللغة العربية، فساعدني في كيفية شرح المنهج، وقمنا بشراء الوسائل التعليمية الخاصة، وتجهيز وسائل أخرى من تنفيذي، بالإضافة إلى تصوير الأوراق الخاصة بالمنهج، وكل ذلك على حسابي الخاص، وانعكس ذلك إيجابا على مستوى الطالبات، فقدمت لي أمهاتهن عبارات الشكر والتقدير، من خلال زياراتهن للمدرسة، أو الاتصال الهاتفي. الممتاز للمهملة ولكن هل قدرت المديرة ذلك؟ تجيب سعاد: رغم التكاليف الباهظة التي أنفقها، في سبيل أداء هذه الأمانة أمام الله، ثم إرضاء ضميري، والقيام بجهد مضاعف لتحضير الدروس، فقط لأنني لست مقربة منها، تكافئني المديرة بإعطائي درجة متدنية في الأداء الوظيفي (86 درجة)، أما صديقاتها اللاتي ينشغلن عن حصصهن بالسوالف والثرثرة معها، والتغيب عن الحصص، فتعطيهن درجة الممتاز في الأداء الوظيفي. ولا يقف انشغال المديرة عند ذلك، تضيف سعاد: ولأنها لا تخرج من مكتبها لزيارة الفصول، والاطمئنان على سير المدرسة، كانت المستخدمات لا يقمن بواجبهن أيضا في التنظيف، فنقوم نحن المعلمات بهذه المهمة، بمساعدة الطالبات. ألفاظ نابية ومحاباة وتشير معلمة في مدرسة أخرى إلى سلوك المديرة معهن، فهي توجه لهن وأمام الطالبات عبارات وألفاظا لا تليق بمعلمة، كما أنها غير لائقة أن تتلفظ بها مديرة، وميلها لمعلمة دون أخرى، فتذكر أن إحدى المعلمات لديها إجازة استثنائية طوال العام الدراسي، ثم داومت أسبوعين، وجددت إجازتها مرة أخرى، حتى نهاية الفصل الدراسي، وتفاجأنا بحصولها على درجة الأداء الوظيفي أفضل منّا، نحن المعلمات اللاتي نؤدي واجباتنا على أكمل وجه. صورة من شكوى المعلم سعود لمدير التربية والتعليم صورة من رد إدارة التربية والتعليم بعدم توفر الوسائل التعليمية