لن تقف الأسئلة حائرة هذه المرّة عندما ندرك مدى العلاقة التي تحظى داعش (الدولة الإسلامية في العراق والشام) بها بالصحافة الإيرانية التي ترتسم بنوع من الدفاع غير المباشر كالتعبير بأن داعش ما هي إلا كبش فداء لمجموعات إرهابية أخرى. أو ذكرها بمعرض تقليل شأن دورها مقارنة بغيرها, ولا غرابة أن يجد المتابع اسم «المملكة العربية السعودية» ملصوقاً بين الأسطر كعملية إسقاط احترافية تُحاكي إسقاطات المستشرقين على الدين الإسلامي, أو كتصريح مباشر من قبل الإعلام الإيراني للإثارة الإعلامية التقليدية ولمغازلة طائفة دينية معينة عندما تجلد بسياط الكلمات طائفة أخرى. عندما نقول: «داعش» فإننا سنتحدث حتماً عن قطع الرؤوس واللعب بها والخطف, وسنتحدث أيضاً بالتأكيد عن الاسم الذي لا تمنعه الحدود من أن تجده في العراق والشام حتى تدخّل الظواهري، ليثبت وجوده مذكّراً بالبيعة التي ذهبت أدراج الرياح, ليقول: «تُلغى دولة العراق والشام الإسلامية، ويستمر العمل باسم دولة العراق الإسلامية». الإعلام الإيراني يحاول التعويم بالحديث عن «جبهة النصرة» و»الجماعة الإسلامية» وتوقع وجود تنظيم للقاعدة مركّب من فلول منهزمة، لكنه لا يتحدث عن تصدير الإرهاب للعراق والشام عبر داعش الذي ألمح إليه رئيس الإتلاف الوطني السوري السيد أحمد الجربا بأن لديهم أجندة خاصة يعملون على أساسها. لذلك يجد المتخصص داعش تخترق العراق وسوريا ولبنان باستثناء فلسطين، وهناك محاولات لدخول الأردن. الإعلام الإيراني يؤمن بكلمة وزير الدعاية السياسية جوزيف غوبلز صاحب المقولة الشهيرة «اكذب حتى يصدقك الناس» ويدرك أهمية الإعلام في تحقيق جزء من الانتصار، لذلك يملك في إحدى قنواته قرابة 25 ألف موظف وقسم لثقافة الناس والتقييم. فمنذ عام 2003 بدأت إيران تعمل بشكل مكثف على إنشاء قنوات ناطقة باللغة العربية موجهة للشرق الأوسط، لتدعم استراتيجياتها المقبلة, ومن هذه الاستراتيجيات ما نشاهده حالياً من محاولات لاستمالة أبناء المذاهب الإسلاميّة نحو داعش بطرق إعلامية ذكية. فأحياناً يذكرونهم بالإرهابيين، لتأصيل المنطلق الديني, وأخرى بكبش الفداء لكسب التعاطف. وأختم بهذا النص نقلاً عن إذاعة طهران العربية: «لا أريد هنا الدفاع عن داعش، لكن ما يجري حالياً على الأرض هو التضحية برأس داعش من أجل إظهار بقية المجموعات المسلحة التي هي أكثر إرهاباً من داعش». أعتقد أن إيران تتكئ على الإعلام وتؤمن بنجاحه، لذلك فالإذاعة من المؤسسات التي يشرف عليها المرشد الأعلى للثّورة مباشرة.