الكويت المتأزمة سوف تنشغل في أزمة شكلية نشأت بسبب لحظة «عبقرية» تفجرت فجأة في مخيخ وكيل وزارة الإعلام الكويتية لشؤون الأخبار يوسف مصطفى الذي عين في منصبه في فبراير الماضي، فقد اكتشف أن أحد المذيعين في تلفزيون الكويت يرتدي شماغاً أحمر، فحلل الموضوع ورأى أنه لا يليق بمذيع كويتي ارتداء الشماغ الأحمر، وربما اعتبر ذلك من المفاسد أو من أكبر الكبائر. وأراد أن يقدم على عمل «إنجاز تاريخي» لبلاده، فأصدر توجيهاً شفوياً في اجتماع بمنع ارتداء الشماغ الأحمر لأنه «هوية سعودية» وليس زياً كويتياً. وحاول الوكيل التنصل من القرار بعد أن تسرب إلى الصحف ومواقع الانترنت، وقال إنه لم يصدر مثل هذا الأمر، ولكن صحفا كويتية تأكدت من أنه أصدر القرار. يبدو أن هناك من يوسوس ويحاول نزع أية صورة سعودية من مخيلته أو من مرآه، خاصة في هذه الأوقات التي يتم فيها «فرز» في الساحة الكويتية وفي الساحة الخليجية ورد موقع إلكتروني على قرار الوكيل بنشر عشرات الصور لأمير الكويت وولي العهد ورئيس الوزراء وشيوخ كويتيين وشخصيات كويتية ترتدي الشماغ. الخطأ هنا هو الاعتقاد أن الشماغ يمثل زياً سعودياً، وهذا غير صحيح، فكثير من أبناء الخليج والعراق والأردن ومصر وفلسطين يرتدون الشماغ، والشماغ قدم إلينا أصلاً من بلاد الشام. وتوجد صور كثيرة لملوك وأمراء ووزراء ومسؤولين سعوديين يرتدون الغترة البيضاء، ولم أشاهد في حياتي صورة للملك فيصل ولا الملك خالد، رحمهما الله، بشماغ أحمر. شخصيا لا أفضل ارتداء الشماغ، لكن لا يهمني ما يرتديه المرء إذا كان محتشماً. فهذه مسألة شكلية وكان يجب ألا تصل إلى مستوى إصدار فرمان رسمي. ولا يشغل مسؤول رفيع في دولة نفسه بها. ليست هذه قضية مهمة، ولكن تفضح مسألة خطيرة، إذ يبدو أن هناك من يوسوس ويحاول نزع أية صورة سعودية من مخيلته أو من مرآه، خاصة في هذه الأوقات التي يتم فيها «فرز» في الساحة الكويتية وفي الساحة الخليجية، بما في ذلك هجمة الكره على الهوية العربية، والمملكة هي العمق التاريخي والثقافي لهذه الهوية. وتحاول «الجيوب» و«الأصابع» الخفية التسلل تحت أي ذريعة لاستئصال كل ما تعتقد أنه سعودي وإن لم يكن سعودياً أصلاً. ويذكرني فرمان المسؤول الكويتي بأيام خلت، كان مذيعو التلفزيون عندنا مثل الخشب المسندة، توضع له الغترة والسبكة بالسنتمتر، ولا يستطيع المذيع حتى يحرك طرف غترة. وهذه من شكليات «البيروقراطيا» الفاضية التي لا ترقى إلى أكثر من التفكير بالشكليات. ** وتر صوتك هنا.. وفي فضاء الإلهام.. يتحد بالرياح.. والأفق الزاهي.. ونوار الوادي الخصيب. صوتك الأوتار، وسمر النجوم.. وهذا العطر الفواح أبداً، إذ تخلد الدهناء إلى سكونها. [email protected]