دراسة تظهر أن الصحف الأمريكية تعاني مع تزايد عدد الأميركيين الباحثين عن مصادر أخبار أخرى في الانترنت. تشهد الصحافة الأمريكية خلال السنوات الاخيرة ازمة مع تراجع الثقة فيها لدى الرأي العام وانحسار جمهورها، ما يدفع الاميركيين الى اللجوء الى الانترنت لاستقاء الاخبار. وهذا الاستنتاج اثبتته دراسة بعنوان "حالة وسائل الاعلام الاخبارية سنة 2004" اجراها "مشروع التفوق الصحافي" بالاشتراك مع كلية الصحافة في كولومبيا، وهو يثير مخاوف العاملين في مجال الصحافة اليومية وشبكات التلفزيون والاذاعات. وكتب واضعو التقرير الذي نشر نصه هذا الاسبوع ان "الانترنت هي وسيلة الاعلام الوحيدة باستثناء الصحافة الاتنية والبديلة، التي يشهد جمهورها اتساعا متزايدا، ولا سيما بين الشبان".. وتبدو هذه الظاهرة لافتة، خصوصا اذا ما قوبلت بتراجع مبيعات الصحف الأمريكية الصادرة بالانكليزية بمعدل 11% على مدى العقد الاخير ليصل مجموع النسخ الموزعة يوميا الى 55 مليون نسخة . وتراجع خلال الفترة نفسها جمهور النشرات الاخبارية المسائية على المحطات التلفزيونية المحلية المرتبطة بالشبكات الكبرى بمعدل 34%.. كما ان الأمريكيين لم يعودوا يشاهدون الاخبار على الشبكات التلفزيونية الكبرى بالرغم من الاحداث المهمة التي استقطبت انتباه الرأي العام مثل هجمات 11 سبتمبر 2001 والحرب على العراق. وتشير الدراسة الى تراجع الثقة في مصداقية الصحف من 80% عام 1985 الى 59% عام 2002.. وفي المقابل، سجل الاقبال على 26 موقعا اعلاميا على الانترنت صنفت على انها الاكثر شعبية تزايدا بمعدل 70% ما بين مايو 2002 وأكتوبر 2003. واوضح مدير "مشروع التفوق الصحافي" توم روزنستيل "اننا نعيش مرحلة تبدل واعادة هيكلة. وهذا ما ينعكس بالدرجة الاولى على وسائل الاعلام التقليدية". غير ان واضعي التقرير يرون انه غير واضح في الوقت الحاضر ما اذا كان الانترنت يقضي على الصحافة التقليدية. فقد اكد 72% من مستخدمي الانترنت خلال العام 2002 انهم ما زالوا يخصصون الوقت نفسه كما في الماضي لقراءة الصحف. وفي المقابل، يبدو ان انتشار الانترنت ينعكس سلبا على التلفزيون، بحسب ما اشارت اليه الدراسة. ولاحظ واضعو التقرير ان الأمريكيين كانوا يستشيرون بصورة خاصة خلال الحرب على العراق مواقع الشبكات الاخبارية، ومن ثم مواقع الصحف، وبعدها مواقع الحكومة الأمريكية، واخيرا المواقع الإخبارية الأجنبية. وباتت المجموعات الصحافية الكبرى تزيد استثماراتها على الانترنت، وقد ادركت ابعاد هذا التحول. وتنتمي حوالي 69% من المواقع الاخبارية العشرين التي تلقى اكبر قدر من الاقبال الى المجموعات الاعلامية العشرين الاولى. كما تزداد المواقع الصغرى والمستقلة الى حد باتت تشكل "حركة قوية" اشبه بمجموعة كبيرة من صحف الرأي الصغيرة المحدودة الانتشار، وتكرر معظم مواقع الانترنت المعلومات التي تنشرها الصحافة التقليدية. ولاحظ واضعو الدراسة من خلال مراقبة ثمانية مواقع اخبارية ان 32% من المقالات الواردة فيها مكتوبة خصيصا لنشرها على الانترنت وليست مستمدة من الصحف. ورأى البروفسور ليرد اندرسون اختصاصي وسائل الاعلام الأمريكية ان هذا التحول الذي بدأ قبل عشر سنوات "محير جدا".. وقال الذي اصدر كتبا عديدة حول الصحافة الأمريكية، في تعليق "تبين ان وسائل الاعلام لا تؤدي دورها القاضي باعلام الجمهور بالطريقة الصحيحة كما من قبل، فهذا خبر سيئ للاعلام المكتوب والتلفزيوني". ورأى انه من المنطقي عندها ان "يبحث الأمريكيون عن المعلومات في مكان آخر، وعلى الاخص على الانترنت".