حدد رئيس الحكومة الإسرائيلي لنفسه توفر شرطين لتطبيق (خطة الانفصال) التي تمت بلورتها، أولاً، وزارة الدفاع، وحظيت بموافقة رئيس الحكومة، أريئيل شارون، فقط بعد عدة أسابيع من التليين والإقناع. الشرط الأول الذي حدده شارون هو شرط سياسي، يقضي بضمان غالبية للخطة في الحكومة الحالية، دون أن يتم تفكيكها. ويهدف شارون إلى جعل الأحزاب اليمينية (بما في ذلك حزبه، (الليكود)، المشاركة في الائتلاف، إلى تقبل الانسحاب، بصفته أهون الشرين. أما الشرط الثاني الذي يطرحه شارون، فهو إظهار الانسحاب كله كخطوة إسرائيلية أحادية الجانب، الأمر الذي لا يحتم إجراء مفاوضات والتعاون مع السلطة الفلسطينية. إنهما شرطان متلاحمان ببعضهما البعض. ويعرف رئيس الحكومة أن حكومته لا تتمتع بغالبية تؤيد إجراء مفاوضات علنية مع السلطة الفلسطينية (وغير مباشرة مع ياسر عرفات) حول الاتفاق المؤقت الذي سيشمل إخلاء كل المستوطنات الإسرائيلية من قطاع غزة. فمثل هذه المفاوضات تتعارض مع الخطوط الأساسية للحكومة الحالية، ومع الفائدة من وجودها. لكن شارون يؤمن، في الوقت نفسه، بأنه يملك فرصة الاحتفاظ بسلامة حكومته إذا ما طلب منها المصادقة على خطة الانسحاب بصفتها خطوة أحادية الجانب، عسكرية في جوهرها، تساهم في تحسين الوضع الأمني لإسرائيل وليست منوطة بإجراء أي تفاوض مع الفلسطينيين. لكن فكرة الانسحاب من جانب واحد - خلافًا ل (خطة انفصال) متفق عليها - ليست مقبولة على الجهاز الأمني. فقادة هذا الجهاز الذين لا يلزمهم أي معيار ائتلافي، يعتبرون إخلاء غزة بالذات، رافعة ستساعد على استئناف المفاوضات مع السلطة الفلسطينية. وقد أوضح مسؤول عسكري رفيع المستوى مؤخراً، أن (خطة الانفصال) ستجبر الفلسطينيين على العودة إلى المسار التفاوضي الذي تخلوا عنه في أكتوبر 2000، معتبراً أن هذا هو أبرز أمر إيجابي في الخطة. وبرأي الكثيرين من قادة الجيش، فإن الفارق بين الانفصال أحادي الجانب وبين الانفصال من جانب واحد عبر اتفاق موقع، هو كالفارق بين الهزيمة والانتصار. كان يود رئيس الحكومة، شارون، أن يشرح قادة الجيش لوزراء الائتلاف الحكومي لماذا ستعزز (خطة الانفصال) أمن إسرائيل، لكن القيادة العليا للجيش الإسرائيلي لن تكذب نفسها ومهنيتها. فموقف الجهاز الأمني واضح، ويقول: إن الانسحاب/ انفصال، من خلال التنسيق والاتفاق، يمكنه أن يساهم في تحسين الوضع الأمني لاسرائيل. أما الانفصال الأحادي الجانب فسيمس بأمن إسرائيل ويضعضعه. ولا يتوقف هذا الموقف على الجهاز الأمني الإسرائيلي، فحسب، إنما يتبناه العالم كله، بما في ذلك صديقتنا الولاياتالمتحدة. يمكن لشارون أن يغضب على يعلون وديختر ويتحرر بذلك من حالة توتره الشخصي. لكنه لن يجد في ذلك مخرجاً من المأزق الذي يواجهه حالياً: الانفصال عن غزة أو الانفصال عن ائتلافه الحكومي. *يديعوت احرونوت