الحمار .. نعم .. نعم .. الحمار .. عندما يسلك طريقا واحدة كل يوم، فهو يسلكها ليس لأنه تعود عليها كطريق يسلكها منذ نعومة (حوافرة) يوميا لأشهر أو سنوات، بقدر ما قد تعود هذا الحمار وتعلم على أنه إذا لم يلتزم ويسلك الطريق مثلما امره صاحبه (الحمار) الموقر، فستصله، (لطشة) أو جلدة من سوطه المبجل .. كعقاب له ولأشكاله من (الحمير) ولذلك فقد تعود هذا الحمار ابن الحمار على أن هناك نظاما معينا للثواب والعقاب يجب عليه أن يتبعه، وسيقوم حتما بذلك، ولن يسيء الأدب منه صاحبه .. لأنه لا يأمن عقابه ولا سوطه .. أو خيزرانه .. والخراف .. والأبقار .. نعم .. نعم .. الخراف والأغنام والأبقار (والدبش كلهم) عندما ترعى في مناطق رعيها تجدها لا تزيغ عنها يمنة ولا يسرة ليس لأنها تعودت على مرعاها أو قد لبت بالسمع والطاعة لمرياعها (المرياع هو أكبر فحول القطيع وقائدها في المرعي..، الذي تعودت الغنم على اتباعه وغالبا ما يتم تركيب جرس في رقبته) بقدر ما تعودت على كلب الراعي الذي إذا ما رأى شيئا (هيك ولا هيك) من أي غنمة شايفة حالها أو خروف (بطران) متغطرس قد يكون أبوه (المرباع)... وأمه أكبر النعاج أو الشياه وأراد أن يتمرد على القطيع، فسيصعقه الكلب ويزجره بنبحة لا تعرف (الواسطات) أو حتى نهشة محترمة تحت وطأة القانون الذي وضعته الفطرة المتفق عليها بين جميع أعضاء القطيع ليحافظ هذا القطيع على نفسه من الضياع والجوع وغيره من متاعب. والصقر .. نعم .. نعم ... الصقر ! بالرغم من أن أحد أسمائه أو أنواعه يطلق عليه (الحر) إلا أن هذا لم يعطه الحق بأن يمارس حريته المطلقة حتى عندما يكون حراً طليقا في كبد السماء! فهو يعرف أيضا أن هناك قانونا فطريا بينه وبين صاحبه (الصقار) يحكمه ويذكره بمبدأ الثواب . والعقاب.. بل ويتعدى أحيانا هذا الفكر الضيق إلى فكر آخر أسمى بكثير من مبدأ التخويف، والترغيب، إلى مبدأ الحب المتبادل لنظام يرضي به كل للآخر .. وترى الحر يعود على يد صاحبه كما لو كان يقول .. أنا أخاف العقاب ولكن أخاف العيب أكثر !! أعزكم الله واجلكم من أن تكونوا مثل الحمير.. أو الكلاب.. أو الخراف أو المعيز أو حتى الطيور، فهذه حيوانات، لا تقارن بكم أيها البشر يا من كرمكم الله عنهم بالعقل. وأعزكم بالدين الذي يربيكم ، ليس بفطرة الغاب، وإنما لفطرة الإنسان التي خلقها الله في أحسن تقويم . فيا بشر.. يا من أعزكم الله عن "الدبش" إلى متى والإنسان يخاف سياقة سيارته أو حتى يمشي على الرصيف خشية المخالفين الذين لا يعترفون بنظام ولا حق ولا باطل؟ وإلى متى يقتل ويدهس من أطفالنا وأهلنا من الأبرياء بسبب "أحقر من على وجه المعمورة" ممن يوصفون " بالمفحطين"، الذين لم يتربوا ولم يتأدبوا بأن يلقنوا احترام النظام بالشكل الصحيح منذ نعومة أظفارهم أو أنهم تربوا على أن الواسطة كانت ولا تزال هي سند ظهورهم.. حتى ولو أرعبوا وأزهقوا أنفس الأبرياء.. أو أرقدوهم على الأسرة البيضاء بشلل رباعي تعاني منه أسرة الضحية كلها!! الحوادث في المرور.. وفي حجوزات السفر.. وفي التحكيم الرياضي.. وفي الحقوق الصحفية الرياضية والأدبية.. وفي صيانة الشوارع والأرصفة، وفي الخدمات الطبية، وفي جودة السلع، وفي بيع السجائر على الأطفال والقصر، .. وفي التكالب بإهانة أو ضرب وافد من الوافدين في الشارع بدون وجه حق بسبب أنه الأضعف.. وفي تلويث الجو من عوادم السيارات والمصانع.. وحتى إلى موضوع البصق على الأرض في الشارع العام.. كلها أمور نهانا عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم.. فوضع لها الغرب ( الذي من المفروض أنه كافر) نظاماً صارماً يتبع من الصغير قبل الكبير.. ونحن لا نزال نثابر على خط المعاريض لكي نقوم بإضافة أبنائنا في بطاقات العائلة! وكأنه ليس حقا من أبسط حقوق الإنسان.. ولا نزال نستقبل علب المشروبات الفارغة.. وأعقاب السجائر بشررها من السيارات التي تسير أمامنا بكل احتقار لإنسانية من هم وراءهم وبكل تجاهل للذوق العام.. فوالله ثم والله.. لو وجد هؤلاء نظاما يطبق على كبيرهم قبل صغيرهم.. لما حملت مدير التحرير هم مسؤولية نشر هذه المقالة بدون حذف أي كلمة.. ولما أزعجت جمعية حقوق الإنسان السعودية وناشدتها بأن تقرأ هذا الموضوع وترد على الأمثلة التي ذكرت فيه بخطة عامة لتطبيق النظام على كل فئات المجتمع.. وأن ينظروا لحقوق المرأة في بيتها حيث تقمع وتضرب وتهان أمام أطفالها وجيرانها.. قبل أن تفكروا في أي شئ آخر .