سيكون حديثنا عن أهم شعور في الدنيا، نتحدث عن الحب. ونحن هنا لا يعنينا الحب العاطفي الغرامي المشبوب، فليس هذا موضوعنا، ولا هو شعور سامٍ بما يكتنفه من موجات تغيب العقل، وتبعد الحكمة، كما أنه متغيرٌ ووقتي. ولكننا سنتلمس الحب في معارجه السامية، وفي منابعه الصافية، وفي بهائه الغامر. الحب الإلهي، والحب المرتبط بالأرض، والمتعلق بحب الإنسان للإنسان.. الحب الخالص المخلَّص، الذي يقدم فيه المحبُّ لحبيبه أغلى ما يمكن أن يكون في استطاعته تقديمه بدون توقع مقابل من الحبيب، وجل مكافأته العليا أن ينال رضا المحبوب، أو حمايته، أو الاستغراق فيه ليدثره في كل مناحي حياته. فالحب نعمة إلهية من نعم الله الإشراقية، ينعم بها على كل البشر. الحب بذرة مغروسة في كل نفس، ولكن كما أن هناك أراضي خصبة، فإن هناك أرضا قاحلة، وكذلك النفوس. وفي النفس القاحلة لا يمكن للغرسة أن تنتعش وقد يصيبها يبوس وجفاف. وفي النفس الخصبة المروّاة تنشق الأرض عن نبتة تكبر وتنمو وتزهر شجرة وارفة، وتتزهر عليها الورود التي تنضج ثمارا مضرجة بنسغ الشجرة.. شجرة الحب.