إذا كتبت كلمة (انتعاش التكنولوجيا) في محرك البحث الشهير على الانترنت جوجل فسوف تظهر صفحة بعد أخرى تتحدث عن اقتصاد التكنولوجيا المتقدمة الذي بدأ الخروج من حالة الركود التي عانى منها خلال السنوات الاخيرة. والحقيقة أن هذه التجربة ليست محاولة عشوائية لرصد التحسن الذي يشهده قطاع التكنولوجيا مؤخرا كما أن هذا ليس المؤشر الوحيد على انتعاش اقتصاديات التكنولوجيا ولكن جولة واحدة في الممر الشرقي لوادي السيليكون بمدينة سان فرانسيسكو الامريكية حيث مركز صناعة التكنولوجيا في العالم سوف تعطيك الكثير من المؤشرات الاضافية على هذا الانتعاش. فقد اختفت لافتة "مكتب للايجار وبسعر مريح" التي كانت منتشرة على واجهات المباني الادارية في المدينة لتحل محلها إعلانات عن افتتاح شركات جديدة لم يكن الفرد قد سمع عنها قبل ستة أشهر فقط ولكن يمكن أن تصبح حديث الناس بعد ستة أشهر من الآن. يقول داون إدواردز وسيط عقارات: أجرنا المكاتب مرة أخرى. لم أكن أعتقد أن هذا سيحدث فعلى مدى السنوات الثلاث الماضية كان المستأجرون يتخلون عن مكاتبهم تباعا. وإذا كان القادمون الجدد يحاولون الاستفادة من الانتعاش المنتظر في مجال التكنولوجيا فإن الشركات العريقة في هذا المجال رقصت في هذا الاحتفال. ففي يناير الماضي أعلنت شركة إنتل أكبر شركة للرقائق الالكترونية في العالم عن تحقيق أرباح قياسية خلال ربع العام المنتهي في الحادي والثلاثين من ديسمبر الماضي. كما أصدرت الشركات الكبرى الأخرى في هذا المجال مثل أبل كمبيوتر وياهو وهيوليت باكارد وصن مايكروسيستمز تقارير أداء إيجابية الامر الذي يؤكد حقيقة أن صناعة التكنولوجيا غادرت نفق الركود المظلم بعد أن قبعت فيه ثلاث سنوات تقريبا. وقال بول أوتيليني رئيس شركة إنتل: الربع الاخير من العام الماضي كان علامة طريق تؤكد أننا تجاوزنا السنوات الثلاث العجاف الماضية. وكما حققت إنتل أرباحا قياسية ضاعفت شركة آي بي إم العملاقة لصناعة الكمبيوتر أرباحها وقالت: إنها ترى تطورات إيجابية في الطريق. وقال جون جويس المدير المالي لشركة آي بي إم: سأنظر إلى عام 2004 على أنه العام الذي تبدأ فيه صناعة التكنولوجيا دورة ازدهار جديدة. نحن نشعر بأن المناخ يتحسن باطراد. وحتى شركة سيسكو سيستمز لانتاج معدات شبكات الكمبيوتر والاتصالات التي كانت رمزا لفترة فورة الانترنت والتكنولوجيا قبل أن تهوي في فخ الخسائر عادت مرة أخرى إلى الاداء الايجابي. فقد نجحت الشركة في استقطاع جزء من حصة منافسيها مثل لوسنت تكنولوجيز ونورتل نتوركس في السوق وارتفعت قيمة سهمها العام الماضي بنسبة ستين في المائة. وبشكل عام ارتفع مؤشر ناسداك لاسهم التكنولوجيا في بورصة نيويورك العام الماضي بنسبة 45 في المائة عام 2003. ولعل مرور ثلاث سنوات على الكثير من الشركات والمؤسسات دون تحديث أنظمة الكمبيوتر وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات بها بسبب الركود الاقتصادي أصبح سببا جوهريا لحالة التفاؤل التي تسود جنبات وادي السيليكون. فشركات التكنولوجيا سواء تلك التي تعمل في مجال الاجهزة أو تلك التي تعمل في مجال البرمجيات تتوقع نموا كبيرا في إنفاق الشركات العميلة على شراء منتجات تكنولوجيا لتحديث ما لديها من معدات وبرمجيات. ولكن النقطة السوداء الوحيدة في هذه الصورة المشرقة لوادي السيليكون هي اتجاه الكثير من الشركات إلى الاستعانة بأطراف خارجية لاداء العديد من الوظائف الداخلية خاصة وظائف البرمجة ومراكز الاتصالات ونقل هذه الوظائف إلى دول أخرى حيث العمالة أقل تكلفة مثل الهند والصين والبرازيل. ورغم ذلك شهد وادي السيليكون نموا في أعداد الوظائف بعد سنوات من الانكماش.