عزيزي رئيس التحرير آلمني كثيرا ماتطالعنا به الصحف بين الحين والآخر, وما يتداوله الناس في أحاديثهم الخاصة حول ما يتعرض له المعلم في هذا الزمن العجيب من تعديات ظالمة بدءا من المضايقات وانتهاء بالضرب وأحيانا القتل!! وتجدني مشدودا الى هذه القضية بحكم أنني مارست مهنة التعليم مدة أربعين عاما, عاصرت فيها النهضة التعليمية في هذه البلاد الطيبة وواكبت تطور التعليم منذ ان كانت المدارس بالعشرات وحتى أصبحت اليوم بالآلاف, وهذا مصدر فخر واعتزاز لكل رجالات التعليم الذين ساهموا باخلاص في تخريج الأجيال الذين يضطلعون اليوم بمسؤولياتهم في كافة الميادين بتفان واقتدار. وكان المعلم ذا مكانة مرموقة في المجتمع, وله هيبته واعتباره وتقديره, وهذا أمر يتفق عليه الجميع ولا يختلف حوله اثنان.. يحترمه طلابه ومجتمعه ويتسابق الكل في تقبيل رأسه ويديه والجلوس في حضرته بأدب جم والحديث معه بحياء وصوت خافت هادئ.. وكل هذا الاحترام والتقدير منطلقه الإيمان العميق بدور المعلم. فالتعليم يبقى بخير ما بقي المعلم مهابا مقدرا من طلابه ومجتمعه, لان هذا يحفزه لمزيد من العطاء والإخلاص, وبذل غاية الجهد مع إنكار للذات. أما اذا تعرض للمهانة بشتى صورها فإن هذا ينعكس سلبا على العملية التعليمية برمتها ويصيبها في مقتل ويترتب على ذلك نشأة جيل ليس في سلوكياته ولا في اخلاقه مكان للاحترام او التقدير.. فمن لا يحترم معلمه لا يحترم أباه, ولا يحترم من يكبره.. ان مجتمعنا مطالب اليوم وقبل فوات الأوان بأن يعيد للمعلم هيبته واحترامه ليعودا كما كانا بالأمس فينشأ جيل على هذه الفضائل وتنمو وتكبر معه. ان حب الطالب معلمه لا بد ان يترجم الى سلوك يفضي الى هيبته واحترامه فالطالب الذي يحترم أبويه عليه ان يحترم استاذه ويخلص في مودته له حتى اذا شعر الاستاذ بهذا الحب ضاعف جهده وتفانى في تعليمه وتثقيفه وتوجيهه. وليجعل كل طالب نصب عينيه بيت الشعر المشهور. ==1== قم للمعلم وفه التبجيلا==0== ==0==كاد المعلم ان يكون رسولا==2== ومن أولويات احترام المعلم ان يقف الطلاب احتراما له بمجرد دخوله الفصل كما كان في السابق لأن هذا الوقوف احتراما إشعار ببدء الدرس, والكف عن الكلام والاصغاء للدرس.. فيعطى المعلم فرصة ليبدأ حصته بهدوء بدلا من ان يمضي وقتا طويلا في حثهم على عدم الكلام ومطالبتهم بالانتباه.. ومن جهة أخرى ينبغي ان تكون هناك خطوط حمراء في علاقة المعلم مع طلابه ينبغي على الطرفين عدم تجاوزها, فالالتزام بالحدود لكل طرف يكفل لهما الاحترام المتبادل والعلاقة الأبوية الحميمة. أول هذه الخطوط عدم اسقاط الكلفة بين المعلم وطلابه الى درجة تذهب بالهيبة وتقلل من الاحترام: فاسقاط الكلفة يذهب الألفة.. فيجب على المعلم ان يبقى معلما وكذا الطالب طالبا حتى يصان لكل واحد حقه.. علاوة على ذلك يجب عقاب الطلاب الذين يسيئون الى معلميهم وفق ضوابط معينة تشرعها وزارة التربية والتعليم ويناط تنفيذها الى إدارة المدرسة ممثلة في مديرها ووكيلها ومرشدها الطلابي. كما ان وسائل الإعلام عليها دور كبير في التوعية والتنويه وبيان ما للمعلم من فضل ودور في صلاح المجتمع.. وما من أمة تقدر معلميها وتحفظ لهم كرامتهم إلا سهل الله لها سبل التطور والرقي لتحتل مكانها اللائق تحت الشمس. @@ طلال قديح