يتولى الشيخ حسين الراضي العبد الله إمامة أحد المساجد في مدينة العمران بمحافظة الأحساء، ولكنه يلعب دوراً اجتماعياً كبيراً في محيطه، فهو يقود تيارا قويا، يتبنى تخفيض مهور الفتيات، بإقناعهن وأسرهن بفوائد الصداق القليل على بناء حياة زوجية سعيدة. ونجح الشيخ العبد الله وتياره في تخفيض متوسط المهور من 25 ألف ريال إلى 100 ريال، بالإضافة إلى نسخة من كتاب الله الكريم. ورغم إيمانه القوي وتحركه النشط في هذا المجال، إلا أن الشيخ حسين ضد تحديد المهور، فهو مع قناعته السابقة يعتقد أن المهر حق للفتاة، لا يجب تحديده، ويجب أن تقتنع هي بنفسها بأخذ مهر منخفض. لدى الشيخ العبد الله رؤية مختلفة، نوعاً ما لمهرجانات الزواج الجماعي، وكذلك في الفحص الطبي قبل الزواج، وتكاليف الزواج، والمواصفات المطلوبة في الزوجة.. وغيرها من الأمور التي نطالعها في هذا الحوار: وضع الشاب أفضل @ نرى أن الشباب يجد الصعوبة في تحقيق مستقبله المتعلق بالزواج واضعاً أمامه عراقيل تأخره عن ذلك كيف ترى هذا المستقبل؟ * نرى أن مستقبل الشباب زاهر، وفيما يعود للحياة الزوجية أتصور أن مستقبل الشباب يختلف عن الفتيات في نقطة مهمة، وهي أن الشاب لدية متنفس العمل والنشاط باختلاف مجالاته، ويكون الزواج باختياره، بينما الفتيات يجدن صعوبة، ومجالاتهن ضيقة، ولا يمكن أن يتصرفن مثلما يتصرف الشاب. الصفات المطلوبة @ البحث عن الزوجة هاجس الشباب بماذا تنصح؟ * هناك تصورات مختلفة لدى الشباب عن الفتاة التي يرغب في الارتباط بها، ولكن إذا أردنا أن نتعمق فأنصح الشباب بالزوجة التي يريدها أماً لأولاده وشريكة لحياته، ذات مواصفات حددتها الشريعة، وللشباب حرية الاختيار، حيث توجد صفات سلبية، وأحذر منها، لأنها تنعكس على حياته وأولاده في المستقبل. فالإسلام ركز على صفات المرأة الصالحة، وهي الإيجابية لتكوين أسرة صالحة وتكون هذه المرأة. كريمة الأصل، حيث ورد في الحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم ( إياكم وخضراء الدمن) قيل يا رسول الله وما خضراء الدمن؟ قال: المرأة الحسناء في منبت السوء) كذلك أن تكون متدينة، وأن تكون بكراً، لأنها لها قابلية لإحراز المحبة والمودة، وأن تكون ولوداً يكثر بها النسل، وكذلك ودود، تحب زوجها وتهتم به وتتفاني في محبته، وتكون عفيفة وعزيزة في أهلها، محترمة كذلك ذليلة مع زوجها، أي الانقياد لزوجها وليس الذل والهوان، وأن تكون متبرجة مع زوجها، تهتم بمظهرها، وأن تسمع قول زوجها، وأن تطيع أمره، وأن تكون صالحة، ولا تمانع زوجها إذا خلا بها، وأن تكون جميلة عيناء عجزاء مربوعة ذات شعر طويل، وكذلك هناك أمر مهم، قلة مهرها، وخفة مؤنتها، والهينة اللينة المتواضعة المؤاتية لزوجها، الطيبة الريح، الطيبة الطعام، والمحافظة على نفسها في غياب زوجها، المحافظة على مال زوجها في غيبته التي تسر زوجها إذا نظر إليها، حسنة الخلق، طيبة النفس، الشاكرة، القنوعة. وأن يبتعد الشاب عن الصفات السلبية للمرأة التي تتأتى عكس ما ذكرنا، ولا يركز على جانب ثانوي دون الصفات الأصلية، والأسس وإلا يتحمل الشاب مسئولية اختياره في المستقبل. مال الزوجة @ يهتم البعض بكونها ذات مال أو موظفة.. فما رأيكم؟ * يجب أن ننظر إلى الأمور من زاويتين، من ناحية شرعية، وهي أن جهد المرأة لها سواء كانت موظفة أو وارثة، أو هدية، وتتمتع بالحرية التامة في مصروفها، وليست ملزمة بأن تنفق على زوجها أو عيالها وحتى نفسها. ومن الناحية الواقعية فأن مال الزوجة يكون غالباً مثار اختلاف، ونذكر الزوجة بمساعدة زوجها، وهذا ينعكس على نفسية الرجل، ولربما تزداد المشاكل، والتجارب أثبتت أن مال الزوجة يؤدي إلى نزاعات. ارتفاع المهور @ مما يؤرق الشباب ارتفاع المهور، خصوصاً ذوي الدخل المنخفض.. كيف نواجه ذلك؟ * الإسلام كفل هذا الجانب على مستويات عديدة، فالإسلام ينظر للمهر والصداق أنه مجرد رابط في حال العقد المقدس، وليس هدفاً، ومن ناحية الجانب المادي فهو تهيئة الأمور للعروس، وتستفيد منه، وكذلك من الجانب الشرعي ليس للأب أن يحدد مهر البنت، فهو في يدها، فالشريعة ركزت على العلة، وفي العادة ما يتراضاه الناس في مجتمع سواء كان متحضراً أو فقيراً. وقلة المهر والصداق أمر تتفاخر به المرأة، وهو حل لمشكلة تأخير الزواج، حيث يفاخر البعض بكثرته، مما يؤدي إلى تأخير الزواج، وهذا مفهوم خاطئ. والإسلام ندب وجعل أفضلية المرأة هي ذات الصداق القليل، وجعل قلة المهر من درجات الأفضلية، التي دعا لها الإسلام، بل من أسباب سعادة المرأة، وليست كثرته. وهذا من جانب القول. وأما من الجانب التطبيقي والعملي فنرى أن الشخصيات التي حملت الإسلام في قلبها وعقلها وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم قدوتنا كان يسوق المهر القليل، وكان المهر يعادل 12 أوقية وونشاً، وهذا يعادل 265ر 3 جرام من الفضة. وزوج ابنته فاطمة الزهراء رضي الله عنها بهذا المقدار، أو أقل فلم يكن لدى علي بن أبي طالب رضي الله عنه أموال، والأب يجب أن يكون حريصاً على ابنته ويفكر في مصلحتها. ثمن المرأة @ قلة المهور أليس فيها إجحاف بحق المرأة؟ * يجب أن ننظر للأمر بعمق فالمرأة لم يكن ثمنها المهر، ولا يوجد أحد يبيع نفسه مقابل الملايين والمرأة إذا كانت صالحة ووضعتها في كفة والذهب في كفة لرجحت كفة المرأة كما في الروايات , وإذا كانت غير صالحة ووضع التراب في كفة لرجح التراب عليها. الكبرى قبل الصغرى @ يصطدم البعض بأفكار الوالدين بأن البنت الكبرى تزوج قبل الصغرى ؟ في الواقع يجب أن ننظر إلى ما يتطلع إليه الوالدان، ورغبتهما في تزويج البنت الكبرى قبل الصغرى، وهذا طبيعي لأن من الناحية النفسية هناك شيء يجب أن نضعه في الميزان، وقد ينعكس عليهما، وهذا يمكن قبوله إلى حد ما . ولكننا إذا نظرنا إلى الحق الشرعي بالنسبة للبنت الصغرى فمن حقها أن تتزوج، وقد يصطدم عدم تزويجها قبل الكبرى مع هذا الحق، ولا يجوز للوالدين الاعتراض، أو حتى الأخت الكبرى أن تعترض، خصوصا إذا كانت الصغرى عندها الاستعداد والرغبة، ولابد للوالدين مراعاة مصلحة الجميع، وإن كان هناك نوع من الصعوبة، وعليهما أن يتحملا . نماذج افتخر بها @ أجريتم كثيرا من عقود الزواج... ما الطلبات المتميزة التي واجهتكم ؟ المجتمع مختلف التوجهات والأذواق والوعي والطلبات فقد تراوح الصداق بين 50 ريالاً إلى 100 ألف ريال، وهذا نادر ، حيث يكون مؤجلا ولسنوات، وأما المتعارف عليه فيتراوح بين 15 ألفا إلى 25 ألف ريال، وهذا الأكثر. وأما أميز طلب والذي يجب الافتخار به، وهذا بات يحدث بين الفتيات اللاتي صار عندهن شعور بالحياة الزوجية وقد استها ، حيث لا تعتمد على الجانب المادي، فهو بناء أسرة، ولا ترغب في ارهاق الرجل، وبركة المرأة في قلة مهرها وشؤمها في كثرته كما في الحديث . ومن الحالات فقد أجرينا عقودا باختيار البنت، بنسخة من القرآن الكريم ومبلغ 50 ريالا أو 100 ريال ، في عام 1421ه زوجت ابنتي بنسخة من كتاب الله الكريم و100 ريال، وهذا العقد الشرعي واذكر في هذا الجانب أن أختين تنافستا على قلة الصداق فطلبت إحداهن نسخة من القرآن الكريم و100 ريال، وأختها بعدها بشهر طلبت نسخة من القرآن الكريم و50 ريالا، ، وكان ذلك بدون إجبار من أحد، وحدث هذا الأمر كذلك في الشهر الماضي. علماً بأن كثيراً يرغبن في ذلك، إلا أن الأهل يمانعون أحياناً . مشروع تنويري @ هل لديكم مشروع تنوير للناس أو اطروحات في مسألة المهور والزواج المبكر؟ أرى أن أكثر من 60% من المشاكل في مجتمعنا بسبب الحياة العائلية، ولذلك توجهي ولسنوات عديدة في هذا الجانب، من خلال اللقاءات والمحاضرات والحوارات عن الحياة الزوجية، في محاولة لإصلاح الجوانب المختلفة وأذكر هنا اتصالاً من فتاة تسأل عن المستحبات والأمور التي تجب عليها ليلة العقد فذكرت لها ما يناسب السؤال، فأعددت لهذا الأمر فكرة إعداد كتاب يحمل كل ما يحتاجه العريس والعروس من الاختيار حتى آداب ليلة الزفاف وكان بعنوان (الزواج .. بناء المجتمع وسمو الحياة) وفي عدة فصول أذكر منها : الزواج في القرآن والسنة، اختيار الزوجة الصالحة، ليلتي العقد والزفاف، الخلوة بين الزوجين، والأسس الأولية للحياة الزوجية، أسباب الطلاق، جمال المرأة بين الخيال والواقع، وفي الفصل العاشر فقه الزواج وبعض الأسئلة التي تطرح في هذا الجانب. كما أن لدي محاضرات عديدة تتعلق بالأسرة والحياة الزوجية وفي الحقيقة أشعر بالألم حينما أرى شباباً يعوقه الجانب المادي أو البنت بلغت سن الرشد ويعوقها التقدم من الشاب المناسب. فلذلك مشروعنا التركيز على قلة المهور، ومعوقات الزواج والتكاليف المترتبة وفي يوم العيد هذا العام قمت أثناء الصلاة تشجيعا وتحفيزا لذلك بالإعلان عن جوائز للذهاب إلى بيت الله الحرم للحج على نفقتنا الخاصة للبنت المتزوجة وعمرها 14 عاماً وللشاب المتزوج وعمره 16 عاما ، وللمتزوج من بنت بكر تجاوزت 40 سنة، وكان موجوداً في المسجد، وأيضا من تزوجت ومهرها نسخة من القرآن الكريم و50 ريالا. تراجع الآباء والفتيات @ هل واجهت وان تراجع أحد الآباء عن رأيه في مهر ابنته بعد الحوار معه؟! أتحدث كثيرا مع الآباء، خصوصاً إذا طلب أكثر من 25 ألف ريال، علماً بأن المبلغ معقول، وكثير منهم يستجيبون ، وأيضا كثير من البنات والأمهات استجبن لذلك، ولم يكن هناك عقبات لوعيهم أن هذا المهر للبنت . مصاريف الزواج @ المصاريف التي يتطلبها الزواج لا حدود لها... ما المتوسط المعقول لذلك حسب تجاربكم في هذه المسألة وكذلك المهر ؟ من الناحية الشرعية المهر وغيره دائما مبني على التراضي، بغض النظر عن التكاليف ، وهذا يرجع إلى الزوجة، ويختلف أيضا من شخص لآخر أو مجتمع وآخر. وبشكل عام يمكن أن تكون 15 ألف ريال كافية، وقدوتنا في ذلك السيدات اللاتى وضربن المثل الأعلى في ذلك، أمثال السيدة خديجة وفاطمة رضي الله عنهما فقد كان المهر 480 درهماً وأثاثا عاديا وكذلك خديجة التي تملك الكثير من المال كانت تعيش حالة الكفاف . مهرجانات الزواج الجماعي @ مع انتشار فكرة المهرجانات للزواج الجماعي هل انعكس ذلك على الحالة الاجتماعية من حيث قلة التكاليف ؟ نعم، فقد خفضت المهرجانات المصاريف التي ترهق الشباب إلى حد قد يصل إلى 70% وكذلك شجعت الشباب على الإقدام على الزواج، وانعكس إيجابياً، حيث ينتظر الشباب موعد المهرجان ليلتحق بالركب، فالوليمة تكلفه 30 ألف ريال على الأقل، بينما في المهرجان يصل إلى 6 آلاف ريال. وهذا فارق كبير وفي آخر مهرجان في منطقتنا تزاوج أكثر من 250 شاباً والذي يجب أن نفكر فيه أيضا تقليص هذا المبلغ إلى الأقل ونعتمد على المرطبات ليلة الحفل، لأن الوليمة ليست ضرورية بالرز واللحم، فقد تزوج الرسول صلى الله عليه وسلم كما في الرواية وأطعم (الحيص) وهو نوع من الحلوى أو التمر، وبعض الروايات أيضا (أطعم بشيء زهيد) وهو الشخصية البارزة في الإسلام . وأضيف هنا أن في الأزمنة المختلفة القديمة كان يستفيد من هذه الولائم الجياع والفقراء، ولكن الوضع اختلف الآن، فالكثير لا يأكل الرز واللحم في الليل . وفي هذا الجانب فقد زوجت أبنائي محمد وجعفر بوليمة من (المرطبات) وتفاعل المجتمع، وكان الاحتفال بهم بهيجا، وله رونق، ونحن نتصدى لمثل هذه الأفكار . صناديق الزواج @ ألا ترى أن دعم صناديق الزواج مازال مخجلا ولم يصل إلى التفاعل المأمول في المنطقة وازدوجت الفكرة مع مهرجانات الزواج الجماعي ؟ صحيح ضعيف إلى حد ما، وحسب علمي أن بعض المناطق يصل حد المساعدة في الصداق أو يشاركون في أثاث المنزل حسب إمكانيات الصندوق. بسبب أن دعمه ضعيف فيقدم ما أمكن، وعلى المجتمع تفعيل هذه الصناديق من الأوقاف والصدقات حتى تؤثر في المجتمع . تسويق المهرجانات @ نعود للمهرجانات الجماعية ألا ترى أن هناك ضرورة لتسويقها من خلال حقوق الإعلان والتسويق وغيره لدعم صناديق الزواج ؟ الفرصة الزمنية قليلة لأنها تشغل في التعارف والأكل والشرب أو احتفالية فيه التوعية للحياة الزوجية. وهذا أيضا ضعيف ونرجو في المستقبل أن يصبح تطويرا، ويفسح المجال لذلك، ونتطلع أكثر ممن يهمهم الأمر. تحديد المهور .. والفحص @ ما رأيك في عدم العقد على امرأة يفوق صداقها مبلغا معينا؟ وما رأيك في فحص ما قبل الزواج وإلزاميته أيضا ؟ هذا يرجع لناحيتين، إلى حل مشكلة في المجتمع، ومن ناحية أخرى حقوق الأفراد، وعادة أمور الزواج من المهر أو الاشتراك في زواج جماعي مثلاً فيكون دائما باختيار الشخص، ويرجع إلى قناعته وله حق الاقتناع، والعاقد أيضا لا يمكن أن يجبر أو يلزم أحد بمواصفات أو غيره وكذلك غير مجبر أو ملزم لإجراء مواصفات معينة . ولذلك يطرح ذلك من باب التخيير، فمثلا لا يجوز لأحد أن يجبر أحدا على قبول مهر معين . وبالنسبة لفحص ما قبل الزواج المشكلة كبرى، والأمراض منتشرة، وآثارها السلبية بارزة، وأتصور انه بدأ المجتمع يحسن التعامل مع هذه المشكلة ويتجهون للفحص . علماً بأنه اذا لم يكن هناك إلزام فيجب أن يكون هناك شعور. ضد التحديد @ هناك قبائل تحدد المهر.. ما رؤيتكم في ذلك ؟ بشكل إلزامي ليس لأحد الحق في أن يلزم ابنته بصداق معين، وبمقدار معين وإلا فلا كما ذكرنا . وأما من ناحية التحبيذ فلا مانع من ذلك، كأن تتعارف على الصداق القليل مثلا من 10 آلاف إلى 15 ألفا فلا يوجد إلزام . الطلاق قليل @ كيف تصنف مجتمعنا من ناحية نسبة الطلاق ؟ كشخص اجري العقد وفي المنطقة التي أعيش فيها أن النسبة لا تتجاوز 2% خلال الفترة التي اعقد فيها منذ ثلاث سنوات، لم يكن هناك حالة طلاق مسجلة لدي، وأذكر لك أن 90% من حالات الطلاق نتمكن بفضل الله من حل المشكلة، لانها غالبا ما تكون بسيطة ويحدث تراجع، وإلا يتعمد تحويلها للمحكمة . وفي إحدى المرات جاء شخص مصمم على الطلاق، ولديه 4 أولاد، استطعنا حل مشكلته بالهاتف خلال نصف ساعة بعد التفاهم مع أسرته وبشكل عام نسبة الطلاق قليلة جداً . الشيخ العبد الله يتحدث للمحرر