نحن لانحاول الاستيقاظ الا عندما تهزنا محنة او مصيبة، فلا نلتفت الى الشباب مثلا الا بعد ان تفخخ عقولهم وتصبح متورمة من الافكار غير المرغوب فيها ولا نفكر في اصلاح مناهج التعليم الا يوم طنطن حولها المغرضون وحتى اخطاؤنا الطبية لايوقظنا لها الا (مقص) ينساه طبيب في بطن مريضه أو رجل مسكين تنشر الصحف فاجعته بولده الصغير الذي ذهب ضحية خطأ طبي!. وما يشبه الفوضى في بعض دوائرنا الحكومية لا نلتفت لها الا حانقين من روائح مشاكل بدأت تطفو على السطح.. بل وعلى المستوى الشخصي لايعرف ويدرك رب البيت ان اسطوانة الغاز تترك مفتوحة كل ليلة إلا يوم يفجع بانفجارها لتسلبه بعض اسرته. بعض الأمم والشعوب تؤمن بالتخطيط والاحتياطات الاحترازية في كل امورها لدرجة نعتبرها نحن ضربا من ضروب الحيطة الزائدة المقاربة لوساوس الشياطين ومع هذا يحصدون نجاحات ويسيرون على خطط بينة ونحن نعانق الفشل. اؤمن شخصيا انه مازال قدرنا نحن العرب ان ترافقنا المصائب بانواعها، دون ان توجد لدينا ذهنية التخطيط لتلافيها قبل وقوعها فكلما فرغنا من جروح مصيبة ننتظر لا شعوريا المصيبة القادمة لتكشف لنا وضعا معكوسا آخر.. وهكذا نعيش! وفي كل مرة الخسارة مؤلمة وكبيرة ولكنها الطريقة العربية الوحيدة التي يحاول العرب الاستيقاظ معها! وهي مايمكن ان ينالوا به براءة اختراع علمية تسمى محاولة (التعلم بالمصائب). هناك طريقتان للتعلم من المصائب والفجائع الاولى على النمط العربي التقليدي سالف الذكر، عيبها الاكبر انها مكلفة للغاية وهي تصوير حي لواقع العرب اليوم وأخرى علمية مدروسة اقل تكلفة بكثير تتميز بالتخطيط بعد الصدمة الاولى، وتحترم سنن الكون وطبائع الاشياء وتحرص على عدم تكرار لدغة من نفس الجحر ومحاولة تحاشي الوقوع بنفس المستنقع من جديد ولكن (ذوقنا) يرفضها لاشعوريا دون مبررات فقط لاننا نريد ان تسير الامور بالبركة!. من حجج العرب وسلوانهم هذه الايام وهم يشاهدون المصائب تتخطفهم.. أنهم يحلمون بنصر قادم، غير أنهم لايعلمون موعده على وجه التحديد وينتظرون البركة ان تكفيهم شر المصائب، وما دروا ان للمصائب ايضا سننا ونواميس وقواعد ينجح فقط من عرفها ووعاها ويقع في شركها من استيقظ متأخرا عن الركب.