يقبل الاتحاد الاوروبي على معركة كبرى جديدة على السلطة والمكانة والمال. فمنذ أسابيع قليلة فقط رفعت المفوضية الاوروبية الذراع التنفيذي للاتحاد الاوروبي دعوى قضائية أمام محكمة العدل الاوروبية ضد وزراء مالية الاتحاد بسبب قرارهم بإعفاء فرنساوألمانيا من عقوبات اقتصادية. وكان يتعين على وزراء المالية في الاتحاد فرض هذه العقوبات على باريس وبرلين بعد أن تجاوزتا الحد الاقصى المسموح به لعجز الموازنة في الدول الاعضاء بمنطقة اليورو وهو ثلاثة في المئة من إجمالي الناتج الم حلي لمدة ثلاث سنوات متتالية. والان يستعد المسئولون في المفوضية الاوروبية لخوض معركة جديدة مع الدول الاعضاء بشأن خطط الانفاق في ميزانية الاتحاد بعد استكمال توسيعه بضم عشر دول بصورة كاملة في مايو المقبل ليصبح عدد الدول الاعضاء في الاتحاد الاوروبي 25 دولة. تطالب الدول الغنية في الاتحاد وهي ألمانياوفرنسا وبريطانيا والنمسا وال سويد وهولندا بضرورة جعل"التقشف"محورا للمناقشات التي ستبدأ في الاتحاد الاوروبي الاسبوع المقبل بشأن خطط الانفاق خلال الفترة بين عامي 2006 و2013. وتصر الدول الست التي توصف "بدافعي الاموال" والتي تساهم في موازنة الاتحاد بأكثر مما تحصل عليه في صورة مساعدات مالية على أن تظل نفقات الاتحاد خلال السنوات المقبلة في حدود وا حد في المئة فقط من إجمالي الناتج المحلي للدول الاعضاء. وتسمح قواعد الاتحاد حاليا بإنفاق ما يصل إلى1.24 في المئة من إجمالي الناتج المحلي للدول الاعضاء رغم أن الانفاق الفعلي للاتحاد يصل حاليا إلى مئة مليار دولار سنويا أي حوالي وا حد في المئة من إجمالي الناتج المحلي. وفي الوقت الذي تعاني فيه ميزانيات الدول الاعضاء من ضغوط العجز فإن الدو ل الغنية الست ترى أنه لا مبرر لزيادة الاموال التي تنفقها المفوضية الاوروبية بصورة جماعية باسم الاتحاد. ودق هذا التحذير من الدول الغنية أجراس الخطر في مقر المفوضية الاوروبية بالعاصمة البلجيكية بروكسل وفي عواصم الدول الاعضاء أيضا حيث دعا مسئولو المفوضية بقية الدول الاعضاء إلى الدفاع عن أموال الاتحاد. وتعهد رومانو برودي رئيس المفوضية الاوروبية الذي سيعلن خطط الانفاق المالي للاتحاد الاسبوع المقبل بالدفاع عن الاتحاد الاوروبي أمام محاولات خفض النفقات قائلا إن الاتحاد يحتاج إلى " موارد مناسبة" من أجل "تحقيق الاهداف التي وضعها زعماء دول الاتحاد أنفسهم". وأكد برودي في الآونة الاخيرة"واجبي تجاه مستقبل المنظمة أن أقاوم أي تقليص للموارد الحقيقية"مشيرا إلى أنه لن يرضخ بسهولة لضغوط الدول الغنية في الاتحاد. وتصر المفوضية الاوروبية على أن الميزانيات المحلية للدول الاعضاء قلصت إنفاق الاتحاد الاوروبي وأن "نفقات الاتحاد لم تصل إلى السقف الحالي وهو 1.24 في المئة من إجمالي الناتج المحلي للدول الاعضاء بفضل السيطرة الصارمة على الميزانية". ويقول مسئولو المفوضية الاوروبية إنه يتعين على زعماء الدول الاعضاء أن يستعدوا لتخصيص مزيد من الاموال إذا أرادوا تحقيق طموحاتهم الاقتصادية السياسية والمحلية بالنسبة للاتحاد. وقال أحد مسئولي المفوضية"على الدول الاعضاء أن تواجه وعودها وجها لوجه. فالقضية ليست قضية أموال ولكنها قضية خيارات سياسية يجب اتخاذها على أساس رؤى مشتركة لما نريد تحقيقه". ويضيف المسئول أنه بدلا من تحديد حجم الميزانية أولا ثم البحث عن مجالات تقليص الانفاق فإنه على حكومات الدول الاعضاء تحديد الاهداف أولا ثم البحث عن كيفية تمويلها. وحذر المسئول الذي رفض ذكر اسمه من أن تقليص ميزانية الاتحاد الاوروبي"سيجعلنا غير قادرين على الوفاء بالتزاماتنا الدولية".