أديت صباح أمس صلاة عيد الاضحى المبارك في جميع انحاء المملكة. ففي مكةالمكرمة أدى المسلمون وجموع من حجاج بيت الله الحرام صلاة العيد في المسجد الحرام في أجواء امنة مطمئنة مفعمة بالخشوع لله والخضوع له سبحانه وتعالى. وشهد المسجد الحرام منذ الساعات الاولى من صباح أمس تدفق الالاف من حجاج بيت الله الحرام حيث امتلات بهم جنباته وأدواره العلوية والساحات المحيطة به التي تدخل ضمن توسعة المسجد الحرام. وشهدت الطرق المؤدية الى المسجد الحرام كثافة بشرية هائلة في أعداد المشاة وكثافة مرورية في أعداد السيارات. وأكدت التقارير انسياب الحركة المرورية نتيجة ماجهز من خدمات في مجال الطرق والانفاق وحسن التنظيم وتكامل عناصره. ودعا امام و خطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس المسلمين الى تقوى الله في السر و الاعلان وتزكية البواطن من الادران وتقوى الله في الغيب و الشهادة ليحوزوا بالحسنى وزيادة و يحققوا السعادة و السيادة والقيادة و الريادة. وقال في خطبة صلاة العيد التي القاها اليوم في المسجد الحرام معاشر المسلمين ايها الحجاج الميامين ها قد انعم الله عليكم ببلوغ هذا اليوم المبارك الازهر وشهدتم بفضله ومنه يوم الحج الاكبر و المنسك الاشهر منسك لاتحصى فضائله ولا تستسقى نوائله يوم عيد الاضحى المبارك يجود فيه البارىء جل وعلا بمغفرة الزلات وستر العيوب و السيئات واقالة العثرات واغاثة اللهفات ورفع الدرجات و اجابة الدعوات و قبول التوبات طوبى لكم ايها الحجاج على ما تنعمون به من غامر الروحانيات و سابغ الايمانيات. واضاف فضيلته يقول عباد الله من الشعائر العظمى التي يتقرب المسلمون بها الى ربهم في هذا اليوم الاغر ويستوى فيها الحجاج و المقيمون شعيرة ذبح الاضاحى اقتداء بخليل الله ابراهيم ونبى الله و حبيبه محمد عليهما الصلاة و السلام وخلدت في ذلك سنة النحر في عيد الاضحى لتبقى شامة غراء على عظيم الاستسلام والايمان و اية كبرى في الاذعان لاوامر الواحد الديان ولتبقى حادثة الفداء عبرة وعنوانا لتربية الابناء في طاعة و بر الاباء. وبين الشيخ السديس ان التوحيد الخالص لله هو الذى اطلق العقول من اغلال الخرافة و حررها من قيود الذل الا لله و الاستعانة الا بالله وان العقيدة الصحيحة الخالصة من كل شوب وكدر هى التي خرجت اجيالا من الامة غيرت مجرى التاريخ وبها قهرت الشدائد العاتية والجيوش الغاشمة ضد الملة و الانسانية. واكد ان الشريعة الاسلامية تميزت بمنهج الوسطية و الاعتدال في كل ابوابها و مقاصدها فهى وسط في العقيدة وسط في العبادات والمعاملات وفي كل شىء.. مشيرا الى انه لما انحرف فئات من المسلمين عن منهاج الوسطية و الاعتدال ظهرت فتنة يقاسى المسلمون جراءها الكروب و المحن فتنة زلت فيها اقدام وضلت فيها افهام الا وهى فتنة التكفير الداعية الى الخروج على ولاة امر المسلمين واثارة القلاقل وزعزعة امن الامة وشرخ صف جماعتها مبينا ان من اسباب ضلال هذه الفئة فهم منحرف احادى لنصوص الكتاب و السنة. وقال ان الذين يؤلبون المسلمين على ولاة امرهم ابتغاء الفتنة والفوضى و يسعون في الارض فسادا و تدميرا و ارهابا وارعابا و تفجيرا واستحلالا للدماء المعصومة من المسلمين و المعاهدين و المستأمنين باسم الاسلام ودعوى الاصلاح بافكهم لما هم عليه من ابطل الباطل. واضاف امام وخطيب المسجد الحرام يقول ان على وسائل الاعلام المرئية و المسموعة و المقروءة وعلماء الشريعة والدعاة و رجال الحسبة ان يربطوا المسلمين وفتيانهم بمنهاج الوسطية السلفية المعتدلة التي جاءت بها شريعة الاسلام ودلت عليها نصوص الكتاب و السنة في فهم سلف الامة. واكد الشيخ الدكتور السديس ان امن بلاد الحرمين الشريفين قضية لاتقبل المساومات ولا تخضع للمزايدات ولا تهزها الزوبعات و المهاترات وقد بسط الله فيها امنه و امانه الى ان يرث الله الارض و من عليها وهو خير الوارثين لا مكان فيها للعنف و التخريب والافساد. وقال: من القضايا التي يجب ان تتواصى بها الامة و تحدد اصولها وضوابطها الدعوة للاصلاح الذى هو وجه من وجوه حكمة بعثة الانبياء عليهم الصلاة والسلام والذين يتوجهون شطر الاصلاح المعتبر ويحملون لواءه رجال بررة بالامة يسلمونها الى ساحات الخير ولايقود هذه الركاب الا كبير الهمة وسيكون الاصلاح مربحا ومغنما اذا انطلقنا فيه باصلاح الذات والنظر في عيوبها و تهذيبها واتبعنا ذلك باصلاح الاسرة ولبناتها لانها نواة المجتمع محذرا فضيلته من الجانب المزعوم للاصلاح الذى يركب مطيته بعض المزايدين على الشريعة وذوى المغامرات الطائشة وذكر الشيخ السديس ان الامة الاسلامية لاتزال تتجرع المآسى و الحسرات وتتلقى الويلات و النكبات مشيرا الى انه لا مخلص لها من هذا الهوان الا الاعتصام بالوحيين وان تتواصى بالوحدة الاسلامية وان لاتربط ولاءاتها و توجهاتها الا لعقيدتها و دينها و ثوابتها. وقال: انه آن الأوان ان تخرج الامة من نفق التحديات و بؤر العقبات و الازمات وان تطلع بمشروع اسلامى حضارى يضع الخطط و البرامج و الاستراتيجيات المهمة لكافة قضايا امتنا والمستجدات و التحديات السياسية و الاقتصادية و الثقافية و الفكرية والتربوية والاعلامية ووضع برامج توعوية بشتى اللغات تعالج الجهل بقواعد الاعتدال و الوسطية والتخلص من الآراء الاحادية والاجتهادات الفردية والفتاوى التحريضية من خلال وضع ميثاق علمى عالمى عال للافتاء يحقق المرجعية المعتبرة للفتوى في النوازل والمستجدات المعاصرة تحقيقا للمصالح وتكميلها ودرءا للمفاسد وتقليلها. وقال امام و خطيب المسجد الحرام ان مناهجنا مباهجنا هى التي تمثل محور الثمرة التعليمية والتربوية وفي ضوئها تتكون مدارك الاجيال و اتجاهاتهم وبها تتعلق الآمال في الاصلاح العقدى و الفكرى والاجتماعى ودلالة على رقى الامة او انحدارها وان حدقنا في مضامين تلك المناهج ومعانيها الفيناها بحمد الله ومنه قائمة على الكتاب و السنة مستوحاة من هدى سلفنا الصالح مواكبة لتمدن العصر و تطوره في غير تبعية تقتبس من علوم الحضارة المعاصرة ما تؤيده شريعتنا. مؤكدا فضيلته ان الافتراءات التي الحقت بها اوهى من ان تتعقب او تنقض وتحوير المناهج و تنقيحها مما يقتضيه العصر و رقيه وقد درجت على ذلك الامم قديما و حديثا ولسنا بدعا في هذا المرتقى فلتقر أعين الذين يخوضون فيها بعلم او بغير علم انها بأيد امينة باذن الله مخلصة لدينها و امتها ولكن المهم في ذلك بالحرص على عدم التعرض لجوهر العقيدة والحذر من المساس بالثوابت و الاصول والعناية بتأهيل المعلمين و المعلمات الذين يتحملون امانة التربية والتعليم ليكونوا قدوة لطلابهم قولا و عملا. ودعا الى العناية بالشباب لان اغفال قضايا هذه الشريحة المهمة في الامة و التجافي عن محاورتهم و توجيههم وارجاع الحلول لمشكلاتهم قد يؤدي بهم الى فساد عريض في كل مزلق خلقى وانحراف فكرى يجب تحصين الشباب من لوثات العولمة والتغريب والحفاظ عليهم من تيارات التطرف و الغلو. وابان فضيلته ان لوسائل الاعلام من قنوات و شبكات و صحف و مجلات عبئا ثقيلا في بيان وبث قضايا الامة والسعى للدفاع عنها مع كشف هجمات الاعداء المسمومة والوقوف بحزم امام حملاتهم المحمومة و تصحيح المفاهيم المغلوطة عن ديننا و عقيدتنا و شريعتنا. وقال اما بعض وسائل الاعلام و القنوات الفضائية المتهتكة التي تثير غارات شهواء من الشهوات و الملذات التي تضرم نيران الفساد و الافساد و تزلزل معاقل الطهر و الفضيلة من القواعد فاننا نناشدهم الله عزوجل ان يتقوا الله في قيم الامة ومثلها وفضائلها وان يبقوا على لعاعة من حياء لبنى الاسلام ودياره.. مؤكدا ان استحواذ الرذيلة على جوانب من حياة الامة عبر تلك القنوات يعرضها الى اخطر المهالك ويفضى بها الى مهاوى سحيقة من الظلم خصوصا وان كثيرا من القلوب خاوية من اليقين و الخشية وهما خير عاصم من قواصم تلك القيعان الوبيئة. وتساءل فضيلته ماذا دهانا واى امر عرانا اين ضياء العفاف والطهر اين عزة الغيرة والفضيلة و الحياء بل اين صلابة العقيدة وقوة الايمان مستدلا بقوله تعالى (ان الذين يحبون ان تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا و الآخرة والله يعلم وانتم لا تعلمون) مطالبا فضيلته المسلمين ان يصونوا ابصارهم وانفسهم وابناءهم واسرهم عن تلك المباءات واحسام هذا الداء قبل استطارة شره. وفي المدينةالمنورة أدت جموع المصلين امس صلاة عيد الاضحى المبارك بالمسجد النبوي الشريف يتقدمهم صاحب السمو الملكي الامير مقرن بن عبدالعزيز امير منطقة المدينةالمنورة وأم المصلين فضيلة امام وخطيب المسجد النبوي الشريف الشيخ حسن ال الشيخ . وألقى الشيخ حسن ال الشيخ عقب الصلاة خطبتي العيد كبر فيهما الله عز وجل وحمده على نعمة الاسلام وذكر فضيلته المسلمين بأن الامة اليوم بحاجة عظيمة لمثل هذه المناسبة التي تعالج واقعها وللأصول التي تحل مشكلاتها وللقيم التي ترسم لها الخطة الناجحةلمحاربة التحديات التي تواجهها. ووصف فضيلته الاسلام بانه خطاب عالمي يصدر من سيد العالمين يتضمن محاربة كل تصرف يترتب عليه ترويع الآمنين واخافة المسلمين خطاب يتضمن في شمول معانيه الحرص التام من دين الاسلام على حفظ النفوس ان تهدر الاموال او تضيع الاعراض او تنهك مؤكدا فضيلته انه خطاب كالسيف ضد كل تهمة توجه للاسلام بأنه دين ارهاب وارعاب فأين المنصفون وأين المنتصرون. وتحدث فضيلته عن المرأة في الاسلام وأنها شقيقة للرجال في اقامة الحياة على خير حال علاقتها به علاقة مودة ورحمة لقوله عليه السلام في خطبة الوداع (فاتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله). واشار فضيلته إلى تحقير العصور الجاهلية الاولى للمرأة وسلبها حقوقها وكرامتها موضحا ان الحال اليوم أسوأ في حضارات غير الاسلام فالمرأة في نظرهم لا تعدو ان تكن مصيدة للآثام يتنافس فيها بالبغي والعدوان أو ان تكون عاملا لاهثا ومنتجا راكضا بلا رحمة ولا احسان وأما المرأة في الاسلام فلها الشأن العظيم حقوقها محفوظة تعيش كريمة مصانة عضوا مشرفا وعنصرا فعالا في اقامة حياة سعيدة ومجتمع طاهر نزيه تمارس مسؤولياتها وفق الحشمة والآداب مستوعبة المفيد من الجديد محافظة على نفسها لها ميادينها ومجالاتها في الخير والعطاء والبذل والفداء وحينئذ تجني لأمتها الثمرات الخيرة ولمجتمعها القطوف الزاهرة مجتنبة الويلات التي يعاني منها المستسلمات لصرخات التحرير الكاذبة الماكرة والدعوات الخادعة السافرة . واكد فضيلته ان اعداء الاسلام حريصون على ان تنهج المسلمة السبل العوجاء والافكار الهوجاء وقد قال احدهم ( لن تستقيم حال الشرق ما لم يرفع الحجاب عن وجه المرأة ويغطى به القران) وقال آخر (ان التأثير الفكري الذي يظهر في كل المجالات ويقلب المجتمع الاسلامي رأسا على عقب .. لا يبدو في جلاء افضل بما يبدو في تحرير المرأة) وهذا ليس بمستغرب على من مبادئه مهلكة ومقاييسه فاسدة ولكن المستغرب ان يتأثر بذلك ذوو افهام سقيمة او نوايا خبيثة فتجدهم يتجهون لمثل تلك الدعوات وينادون بمثل تلك الصيحات .. الا فليت هؤلاء يدركون ما ادرك عقلاء القوم ويستبصرون ما استبصروه من العواقب الوخيمة والآثار المدمرة لمثل تلك التوجهات فتراهم منذرين نادمين على ارجاء حضارتهم الهابطة التي اوردتهم الموارد .. تقول احدى مفكراتهم (ان الاختلاط الذي يألفه الرجال وقد طمعت به المرأة بما يخالف فطرتها .. هنا البلاء العظيم على المرأة .. اما آن لنا ان نبحث عما يخفف اذا لم نقل عما يزيل هذه المصائب) وتقول اخرى (آلا ليت بلادنا كبلاد المسلمين فيها الحشمة والعفاف والطهارة .. تنعم المرأة بأرغد العيش تعمل كما يعمل اولاد البيت ولاتمس الاعراض بسوء) الا وقد استبان الامر وانكشف الحال فواجب من انبهر بهذه المبادئ الزائفة والشعارات المرونقة .. واجبه النظر المنصف والتفكير الدقيق ليعلم ما جرته تلك المفاهيم الزائفة من عواقب وخيمة على الفرد والمجتمع في كثير من العالم اليوم . وفي الرياض ادى المسلمون صلاة عيد الاضحى المبارك بمصلى العيد القديم بالرياض يتقدمهم صاحب السمو الملكي الامير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض. وأم المصلين فضيلة الشيخ عبدالمحسن بن ابراهيم ال الشيخ الذي دعا المسلمين في خطبتي العيد الى تقوى الله عز وجل في السر والعلن واتباع ما جاء به الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم وتطبيق الشريعة الاسلامية في امور دينهم ودنياهم. وأوصى فضيلته شباب الاسلام بتقوى الله عز وجل والابتعاد عن التسرع والعجلة مؤكدا أهمية أداء فرائض الاسلام والابتعاد عن نواهيه وطاعة ولاة امرهم وملازمة علمائهم والحذر من الاراء الوافدة والافكار البعيدة عن الدين مهما كانت شعاراتها والتفقه في الدين ووزن الاقوال الافعال في ضوء الكتاب والسنة. وأكد فضيلته حرمة الدماء وانه لايجوز لمسلم ان يسعى في الطعن في بلاد الاسلام وسفك الدماء بغير حق مشددا على اهمية محاربة الارهاب واجتثاثه والعمل على توعية الناس بخطورة الافكار المضللة داعيا الى التمسك بالشريعة الاسلامية السمحة التي تميزت بمنهج الوسطية والاعتدال في كل ابوابها ومقاصدها.