تشتكي بعض الزوجات من ثوراتِ غضبٍ مفاجئة تعتري أزواجهن لخطأ بسيط وقعن فيه، وكذلك الأزواج يرددون نفس الشكوى، وتتفاجأ أنت أحياناً بجفوةٍ من أخيك أو هَجرٍ من صديق عزيز لا ترى له سبباً.. ألم يحدث يوماً أنك قلت لصديق لك في العمل كلمة قد اعتدت على قولها له من باب المزاح والسخرية فانفجر في وجهك غاضباً غير راضٍ بما تقول؟! ألم تصعقك يوماً فظاظةُ قولٍ لم تعهدها من زوجتك حين أخطأت في حقها؟! ألم يستفزك إعراضٌ من ابنك حين أغلظت عليه القول ولم يكن ذلك طبعاً له؟! للإجابة على هذه التساؤلات ولتوضيح الأمور أود القول بداية أن العلاقة العاطفية تشبه في وجهٍ من الوجوه العمليات البنكية من حيث الإيداعات والسحوبات، ولا تَعءجَل عليَّ فإني إليك آت.. إنك حين تبلغ إيداعاتك البنكية مبالغ ضخمة وتتجاوز حاجز الخانات الست فلا يضرك حينها إن قمت بسحوبات بسيطة من وقت لآخر، ولتقريب الصورة تخيل مثلاً أن إيداعاتك البنكية بلغت المئة ألف (100000) ريال ثم قمت بسحب مبلغ خمسة آلاف ريال، وبعد ذلك بعشرة أيام جئت لسحب ثلاثة آلاف أخرى وبعد شهرين سحبت عشرة آلاف ريال أو قُلء عشرين ألفاً فإن حسابك في كل مرة سيغطي تلك السحوبات ولن تجد مَن يمنعك من ذلك إطلاقاً. ولكن تخيل ما قد تؤول إليه الأمور إذا كثُرَت سحوباتك وقلّت إيداعاتك؟؟ إنك وبدون شك ستسمع يوماً من عامل البنك أو تقرأ على شاشة جهاز الصراف الآلي عبارة (عفواً إن رصيدك لا يغطي سحوباتك) ولا تخبرني عن خيبة أملك حينها فقد مررت بمثل هذه التجربة.. إن العلاقات العاطفية بين الناس تشبه إلى حدٍّ كبير تلك العمليات البنكية من إيداعات وسحوبات!! نعم ففي كل مرة تحسن فيها إلى شخص فإنك ترفع رصيدك لديه وتضيف إيداعاً جديداً، سواء كان ذلك الإحسان كلمة طيبة (كالشكر والامتنان والمديح) أو فعلاً حميداً (كالهدية والمساعدة والابتسامة والمداعبة) أو نظرة آسرة ببراءتها وصدقها.