قد يكون فيلم (21 جراما) في سرده المدمر للحياة والموت، وللحب والخسارة، اقوى افلام السنة المشحونة عاطفيا، وببساطة، احد افضلها. انه فيلم كان يمكن ان يتحول الى اوبرا صابون لكثرة عناصره المروعة. غير ان المخرج المكسيكي اليهاندرو غونزاليس ايناريتو، في اول فيلم طويل يصنعه باللغة الانكليزية، قد حقق ما فعله في فيلمه الاول الذي لا يقل عن الفيلم الجديد مأساوية، والذي رشح لجائزة الاوسكار. وبالعمل مجددا مع الكاتب غويلليرمو اراغيا والمصور السينمائي رودريغو بريتو الذي تعاون معه في فيلمه الاولى سنة 2001 اخذ ايناريتو حادثا ميلادراميا محتملا - حادث سيارة من النوع الذي يتمحور عليه الفيلم الاول ايضا - ويحوله الى حادث خام ومؤثر. والكثير من ذلك يتعلق باداء شون بن وناعومي واطس وبنيسيو دل تورو في دور الاشخاص الثلاثة الذين تجتمع حيواتهم المتباعدة في هذا الاصطدام المروع القاتل. ويصبح الفيلم مؤثرا اكثر انطلاقا من حقيقة ان الشخصيات الثلاث كان لديهم فهم مهزوز لمقولة الخلاص عندما وقع الحادث - وهذا الحدث يعيدهم مهرعين كل الى مفهومه الخاص للجحيم. بول ريفرز (بن) استاذ الرياضيات المصاب بمرض فتاك في القلب، ينتظر متبرعا لاجراء عملية زرع قلب جديد. وزوجته ماري (شارلوت غينسبورغ) تتوق الى الحمل بطفل بالتلقيح الاصطناعي - مع انها وبول ليس لديهما وقت كاف، ومع أنهما يعيشان منفصلين بسبب خيانته لها. وكريستينا بك (واطس) سيدة مقيمة في الضواحي وأم لطفلتين صغيرتين وتبدو انها تعيش حياة مثالية، الا انها تخوض صراعا للتخلص من الادمان على المخدرات. وجاك جوردان (دل تورو) سجين سابق وعائد يوعظ وينصح الشبان المضطربين مع انه يواجه صعوبة في اعانة عائلته نفسها المؤلفة من زوجته ماريان (مليسا ليو) وابنهما وابنتهما المراهقين. والنص الذي كتبه ارياغا والذي يقفز الى كل الاماكن في الوقت المناسب يكشف القليل عن التفاصيل التي تبدو منطقية اكثر مع كل اعادة سرد للاحداث من مختلف الزوايا. وهذا هو العنصر الذي يضفي على الفيلم قوامه ويفعمه بالاثارة. الأداء التمثيلي يبقى مستحوذا على المشاهد وقتا طويلا بعد خروجه من صالة العرض. دل تورو يثور غضبا لاسباب وقناعات دينية، ثم يتراجع الى داخل شرنقة السخرية والاشفاق على الذات. ان الحزن البادي في عينيه وتعبه من العالم يناسبانه تماما في هذا الدور. وقد سبق لواطس ان اثبتت انها تستطيع ان تكون حارقة في المواقف النفسية القوية. ولكنها هنا في دور اكبر واكثر بروزا: فهي تثور وتبكي وتحب وتغوي. واحيانا تستطيع ان تكون سليطة وحادة الصوت، انما مقنعة في ادائها على الدوام. وبالنسبة لشون بن فهذا افضل دور يقدمه هذه السنة انه ينتقل من الانسان اللطيف الساخر الى الشخص الانتقامي ثم الى العجز المطلق، وكل ذلك بدقة متناهية مطلقة. عنوان الفيلم (21 غراما) يشير الى الوزن الذي يفترض اننا نفقده عندما نفارق الحياة. انه وزن قالب الشوكولاته، او قطعة نقود من فئة خمسة سنتات - مثلما ينبئنا صوت بن دون ان نرى صورته. ولعله كان الاجدر به ان يركز اهتمامه على وزن جائزة الاوسكار. الفيلم من توزيع فوكوس فيتشرز، وهو مصنف (R) وبعض العنف واستعمال المخدرات. ويستغرق عرضه 125 دقيقة.