بعد ثماني عشرة دورة للمهرجان الوطني للتراث والثقافة بالجنادرية تستمر المشاركة التشكيلية من خلال (اللوحة أو الصورة الضوئية) هذا العام بمشاركة أكثر من ثمانين اسماً حضرت لوحاتهم الزيتية أو المائية من بعض مناطق أو مدن المملكة (الشرقيةوالرياضوالأحساءوجدةوجازانوالمدينةالمنورة) خلاف الصور الضوئية التي قدمها قرابة عشرة أسماء. انحسار مشاركة هذا العام تمثلت في العدد الكبير للأعمال التي تتقدم للمشاركة، بغض النظر عن مستواها في السنوات السابقة ومع توزيع المشاركة في النشرة المرفقة للأسماء بين المدينةالمنورة (سبعة أسماء) الأحساء ( ثمانية عشر اسما) الدمام ( ستة وعشرون اسما) ، الرياض (اثنا عشر اسما) ، جازان (أحد عشر اسما) ، جدة (تسعة أسماء) فقد برزت بعض الأسماء المعروفة، وبعض من يعرضون هنا للمرة الأولى. تنوعت أعمال المعرض بين المحاكاة والتسجيل وجاءت بالتالي بين الاستعانة بالصورة الضوئية أو من خلال الاستعادة الذهنية لمشهد أو عناصر ما. أعمال تحاكي مشاهد لحارات أو أزقة أو لمظاهر اجتماعية أو رسم عناصر شعبية أو فواكه أو غيرها. سامي الحسين مثلت لوحتاه لقطتين لرجلين يرتبط أحدهما بمكان شعبي بينما اللقطة الأخرى جاءت لتمثيل هيئة رجل مسن في حال تأمل أو تفكير أهتم الفنان في لوحتيه بتمثيل حالة عنصره الرئيس وبزته وحرص على بعض التفصيلات خاصة في عمله تأمل مع التأكيد على جوانب فنية خاصة الظلال والأضواء والأبعاد واجتذب العملان أنظار زوار المعرض الذين كانوا يتوقفون أمامهما في إشارة إعجاب، بالمقابل كانت أكثر الأسئلة موجهة للوحة رسمها الفنان فؤاد مطربل وعنوانها سباق الهجن. هذه اللوحة يقدمها مغربل ككل أعماله يرسم المشهد ويعالجه كمن يرصف قطعا من الفسيفساء لكن الفنان في هذا العمل يوظف ألوانا أو درجات فاتحة غيب معها تفاصيل الصورة (اللقطة) مع إمكانية ملاحظتها بشيء من التدقيق . المشهد البيئي تناوله الفنان أحمد المغلوث وهو يرسم ركنا لزقاق شعبي، مرجعية فوتوغرافية حتى في اللوحة الثانية (العودة من العين) . ايمان الضيف ترسم رجلاً عجوزاً بمرجعية الصورة الضوئية وكذا تهاني الشليان مع محدودية في الألوان بسبب قلة خبرات تهاني كما يبدو ولأن الأصل بالأسود والأبيض، بينما تبرز لوحتا الفنان حسن مداوي وهو يتناول مشهداً لمنازل تقليدية في المنطقة الجنوبية يحرص فيه على حيوية الصورة بألوانه المضيئة وبفضاءاته وطبيعة أرضه. رسم بعض المشاركين الحرف الشعبية مبرزين الأدوات والصناع ويتمثل ذلك في أعمال لفاتن العلي وزينب الناصر التي رسمت صانع السلال كما قدمت فاطمة الدهمش لوحة ترسم (إسكافي) وعبد الرحمن الحافظ (صانعة الخوص) وتوجهت خديجة مقدم إلى رسم الطبيعة فبرز في أعمالها حرصها على تفاصيل اللقطة خاصة الصخور والأعشاب ورسمت زينب حسن الناصر أوانيها بكثير من الحرص والاهتمام كما ويرسم أدوات شعبية علي المبيريك الذي يحرص على محاكاة وتمثيل الألوان والعناصر التي بدت أقرب في معالجاتها إلى الفطرية، أما أفراح المشامع فدراستها للمزهرية ملفتة بجرأتها وحرصها على تحقيق علاقات اللوحة الفنية. رسم عدد من المشاركين الوجوه أو نساء أو رجال في سعي لتحقيق لقطة تعبيرية، أو فكرة ما، نجد مثل هذا السعي عند عبد الرحمن الحافظ وتغريد البقشي وحسين المحمد وراشد الراشد وعادل الحبارة ومع اختلاف معالجات أو توظيف هذه الأسماء أو غيرهم إلا أن معظم الأعمال تبدي شيئاً من فطرية المعالجة وبساطتها ما يغيب عنها قوة التعبير أو تأثيره. شاركت وصال عارف وندى دهاس وسلمى أبو طالب بأعمال تحمل تقنية وتأثيرا واحد تختار الثلاث وهن طالبات جامعيات من جازان عناصرهن لأدوات شعبية أو مشاهد مختلفة وينشئن على هذه العناصر معالجاتهن بحيث يبرزن درجات اللون الواحد وبتجزيئات أقرب إلى التشكيل بقطع الفسيفساء، أما علوان أبو راسين فيتأثر بأعمال أستاذه خليل حسن خليل ويحاول في إحدى لوحاته المغايرة تكرار وحدة معمارية إسلامية على توزيع العمل لثلاثة أجزاء وتبرز مشاركة عبد الله اللغبي من خلال تقنية الحاسوبية حيث ينشئ تصميمه الذي يستوحيه من الفضاءات أو حالات إنسانية ليحقق خياليته ثم تتم طباعة التصميم على مقاس محدد مسبقاً، وحصل اللغبي على جائزة أولى في هذا المعرض، هذا الحس الخيالي يقترب منه وعلى نحو تصويري زينب داود التي تنشئ علاقة بين الرؤوس الآدمية والصخور في فضاءات صحراوية ألوانها حارة ولوحاتها ملفتة، وتلتقى حنان المحسن والفنان أحمد راضي السبت في طريقة معالجة عناصرها حيث لمسة اللون الرقيقة وأناتها لتحقيق دراساتها لبعض العناصر كالورود والأقمشة والنحاسيات وغيرها. ترسم هدى مغربي بقلم الرصاص دراسة لرأس حصان، يتناوله عبد الكريم رامس على نحو رمزي بجانب بركة ممتلئة بالماء، أما ليالي صليل فعملها تواصل جيد في تجربة هذه الفنانة الشابة، وقد حصلت على إحدى جوائز المعرض ولصيغها مرجعيتها الخيالية الرمزية المستوحاة من السيريالية. وعرض ميرزا الصالح بعض أعماله التي يتناول فيها جماليات العلاقات الهندسية مصغراً مساحاته كراصف قطع فسيفسائية على تنوع تلويني تبرز بينه الفواتح والدرجات الزهرية، وقدم عبد الرحمن العجلان عملاً يتناول فيه دراسة مساحات مربعة أو مستطيلة، ينشئ من خلاله تكوينه الموحي بشعبية أو إسلامية موضوعه. ألوانه أقرب إلى الصراحة وحصل العجلان على إحدى جوائز المعرض، أما أحمد حسين الغامدي والحاصل أيضاً على إحدى الجوائز فعمله يمثل فطرية المعالجة وتجريدية العناصر على فضاءات توحي بمدن ألعاب الأطفال وفرحهم. عدد آخر من المشاركين أو المشاركات تبرز أعمالهم من بينهم شريفة السديري وعمر الرباط ومحمد سيام ومريم الجمعة وعبد الله أدريس وتوفيق الحميدي الذي منح جائزة أولى وحمل عملاه معالجات تعبيرية جريئه يمكن اعتبارها خطوة هامة في مسيرة هذا الفنان المثابر والباحث في أكثر من صيغة، والذي حصل قبل عام على جائزة المعرض السادس للمقتنيات.