علق الشيخ/ فرج مانع العجمي رئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالخفجي/ على حديث النبي صلى الله عليه وسلم المتضمن مثل القائم على حدود الله والواقع فيها.. الحديث: قال صلى الله عليه وسلم:( مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها، فكان الذين في أسفلها إذا استسقوا من الماء مروا على من فوقهم فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقاً ولم نؤذ من فوقنا، فإن يتركوهم وما أرادوا هلكوا وهلكوا جميعاً وإن أخذوا على أيدهم نجوا ونجوا جميعاً) رواه البخاري (2493) من حديث أبي النعمان بن بشير رضي الله عنهما وقال الشيخ العجمي إن المتأمل في هذا الحديث العظيم يظهر له الآتي: 1- شبه الرسول صلى الله عليه وسلم أفراد المجتمع بركاب السفينة وأن أي تعد لحدود الله هو كخرق السفينة فيه هلاك الجميع إن لم يؤخذ على يد السفيه، فجعل حدود الله هي الفاصل بين النجاة والهلاك وجعل الاحتساب هو سبب النجاة خلافاً لما يظنه البعض، فقد قال تعالى: ( فلما نسوا ما ذكروا به أنجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بيئس بما كانوا يفسقون). 2- وصف أفراد المجتمع في تعاملهم مع حدود الله بأنهم طبقات كأصحاب السفينة في تعاملهم للمحافظة على سلامتها: الطبقة الأولى: من هم في أعلى السفينة وهم الحافظون لحدود الله المصلحون وهم دوماً الطبقة العليا يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ( ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين). الطبقة الثانية: الطبقة السفلى وهم المنتهكون لحدود الله الواقعون فيها وهم أهل المعاصي والمنكرات ( واليد العليا خير من اليد السفلى). وهذه الطبقة مضادة للطبقة العليا إذا قويت إحداهما ضعفت الأخرى. الطبقة الثالثة: وهم المداهنون الساكتون عن الإنكار وفي نظرهم أنهم مدارون أو محايدون. روى الإمام أحمد والترمذي وصححه الألباني وأحمد شاكر عن قيس عن أبي بكر رضي الله عنه أنه قال: يا أيها الناس إنكم تضعون هذه الآية في غير موضعها (عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم) وإنا سمعنا النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك الله أن يعمهم بعقاب). قال الطبري: ( ولا يضركم من ضل إذا اهتديتم) أي إذا أمرتهم بالمعروف ونهيتم عن المنكر. وقال القرطبي: دلت الآية على أن تارك النهي عن المنكر كمرتكبه، قال ابن العربي في أحكام القرآن:( ان الناس إذا تظاهروا بالمنكر فمن الفرض على كل من رآه أن يغيره فإذا سكت عنه فكلهم عاص، هذا بفعله وهذا برضاه به، وقد جعل الله في حكمه وحكمته الراضي بمنزلة الفاعل فانتظم الذنب بالعقوبة ولم يتعد موضعه.