النتيجة الوحيدة التي تمخضت عن التقرير المالي للمؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة للعام 1422/1423ه هي انه ليس لدينا خطة استراتيجية لتوفير المياه. يتوقف مستقبل مواردنا المائية على ضرورة اتخاذ خطوات فورية تركز على اعتبار الأمن المائي أحد أهدافنا الاستراتيجية، إلا أن من أهم التحديات التي نواجهها النواحي الاجتماعية ممثلة في زيادة السكان، والتحديات الاقتصادية المتعلقة بالسيولة المالية لتنفيذ المشاريع المائية بالاضافة الى تحديات تتعلق بالجوانب الطوبوغرافية والمناخية للمملكة. وأود هنا عرض بعض الأرقام الخيالية عن تجربتنا في تحلية المياه: 1- إجمالي ما انفقته السعودية لإقامة محطات لتحلية المياه المالحة يبلغ أكثر من 70 بليون ريال. 2- تعد السعودية أكبر قاعدة صناعية لتحلية المياه المالحة في العالم، حيث تضم ثلاثين محطة أنشأت 24 منها خلال 29 عاماً فقط. 3 - تنتج السعودية ثلاثة ملايين متر مكعب من المياه المحلاة، تمثل 21 في المائة من الانتاج العالمي. عودة للتقريرالمالي، بصراحة لا أجد تفسيراً مقنعاً لعدم دعوة مؤسسة التعليم الفني للمشاركة في وضع برامج تدريبية في مجال التحلية. كما أستغرب عدم وجود استراتيجية للتدريب بتحلية المياه لاسيما ان وضع خُطّة عامة للتدريب لابد أنها ستفتح المجال للمواطن لدخول أسواق العمل في التحلية والتي مازال يحتكرها الوافدون من شرق آسيا. وحتى نكون منصفين، يجب أن نعترف بأن قيام مركز الأبحاث التابع لتحلية المياه المالحة ببعض الدراسات تعتبر بداية جيدة لكنها ليست كافية. لعل المركز يقوم باعداد دراسات وبحوث تطبيقية تهدف الى تقليص تكاليف تحلية المياه, والاستفادة من محطات التحلية في منتجات اخرى نافعة للبلد. أحد الحلول لمشكلة المياه هو التخصيص ودعوة القطاع الخاص لإنشاء وتشغيل وصيانة مشروعات التحلية. وأكرر دعوتي هنا لتشجيع القطاع الخاص للتعاون مع الجامعات والمعاهد الفنية لوضع وتنفيذ برامج تخصصية, لتدريب وتأهيل السعوديين في مجال تحلية المياه المالحة على أن يقوم التخصيص على أسس علمية. الحل الأفضل على المدى البعيد طبعاً هو تحويل تحلية المياه الى شركة مساهمة عامة, تطرح اسهمها للاكتتاب بالتدريج مثلها مثل المؤسسات الأخرى التي تزاول نشاطا اقتصاديا هاما. عندنا مشكلة مياه لا يجب السكوت عليها وهذا مايؤكد أهمية دراسة تخصيص هذا القطاع الهام، ومن عنده حل آخر فليتفضل. * عضو جمعية الاقتصاد السعودية