يتطلع الخليجيون الى ما ستسفر عنه القمة الخليجية الرابعة والعشرون المقامة في الكويت من نتائج على صعيد تعزيز العمل الخليجي المشترك المثمر ومواجهة التحديات المتزايدة.. بأمنيات تختلج فيها الآمال العريضة..في ظل ظروف محلية ودولية محيطة بالغة التعقيد.. و بقدر ما يشغل القادة الخليجيين قضايا الخليج وتطلعات ابنائه.. يتابع الضالعون بمهام التحرير في اعلامنا الخليجي بشيء من الدراسة المنهجية خطوات مجلس التعاون والارضية المشتركة التي تهيأت منذ البدء في مشروع المجلس باعتباره انجح اتحاد عربي معاصر. (اليوم) سجلت انطباعات رؤساء تحرير صحف خليجية لمناقشة مستقبل المجلس وانجازاته.. مجلس راسخ امام التحديات وفي حديث ل(اليوم) قال محمد بن سليمان الطائي رئيس تحرير صحيفة (الوطن) العمانية .ان مجلس التعاون لدول الخليج العربي استطاع على مدار سنواته الماضية ان يثبت انه كيان اقيم على اساس راسخ ومتين، يدعمانها في ذلك ارادة وسعي قادته من اجل تمكينه من مواجهة التحديات ومقاومتها. واضاف: حين اقدم اصحاب الجلالة والسمو على انشاء مجلس التعاون لدول الخليج العربي واعتباره الكيان الابدي الذي يجمع شعوب المنطقة ويظلهم تحت رايته، كان ذلك ينبع من قناعات ثابتة بأن هذا هو السبيل الامثل لتعزيز التقارب وتحقيق التكامل للوصول الى الاهداف المنشودة وتحقيق خير ورفعة المواطن الخليجي، مشيرا الى انه لم يكن لهذا المجلس ان يستمر او يواصل طريقه بذات الزخم والنشاط، لولا ان تحققت له إرادة وعزيمة بناءة متقدة، تنير دربه، وتحافظ على كيانه، حيث يبذل اصحاب الجلالة والسمو قادة دول المجلس جل جهودهم للحفاظ على بنيان هذا الكيان وابقائه شامخا راسخا يحقق الانجاز تلو الآخر. ويرى الطائي ان اهم البنود والملفات التي تكون مطروحة على هذه الاجتماعات هي تدعيم هذا البنيان وترسيخه والعمل على استمراريته بما يكفل له مواكبة الظروف والتحديات التي تمر بها المنطقة، منوها بالفوائد والثمار التي جناها المواطن الخليجي وسعى المجلس الى بلورتها حتى تصبح واقعا وحقيقة حياتية يلمسها اينما كان وتواجد. واضاف انه من الصعب على اي كان ان يعدد انجازات المجلس او يسهب في تعداد ما تحقق لصالح المواطن الخليجي، او ان يعطي حدا فاصلا للطموحات والآمال التي ترنو اليها شعوب الخليج مع كل قمة تقام هنا او هناك، ذلك ان المكتسبات والانجازات تتوالى يوما بعد آخر، ومع تواليها تزداد الطموحات والآمال. قمة (التضامن والقرار) من جانبه قال وليد النصف رئيس تحرير صحيفة (القبس) الكويتية: نتمنى ان تكون القمة الخليجية ال24 في الكويت قمة تحديد وتجديد الخيارات الخليجية لانه لا يجوز ان ننكر ان مجلس التعاون قام عام 81 19 استجابة لتحديات اقليميمة، وتحديدا نشوب الحرب العراقيةالايرانية انذاك .. واشار النصف الى ان اهم التحديات الداخلية الآن، الاصلاح السياسي والارهاب وغياب المواجهة المشتركة، اضافة الى ان التحديات الاقليمية والتي تبدلت بنسبة كبيرة بعد تحرير العراق من النظام الصدامي. واكد النصف ان المعلومات الاولية اشارت الى ان قمة الكويت تعقد تحت شعار (التضامن والقرار).. وفي ذلك اشارة الى التمسك بالمواقف السابقة واشار الى ان تحقيق القضايا المرجوة والمطروحة يجب ألا يشغلنا عن صياغة اهداف واضحة للمجلس.. مما يدعونا الى المطالبة بتحديد وتجديد خيارات مجلس التعاون ليجيب عن اسئلة كبيرة باتت بحاجة الى رد مشترك، وباتت تتطلب سياسة استرشادية مشتركة بشانها على الصعيد السياسي العام مثل الاصلاح في كافة مجالات الحياة. وعلى صعيد التحديات الخارجية كقضية العراق ومستقبل الحكم فيه والقضية الفلسطينية والعلاقة مع ايران ومستقبل الجامعة العربية، قال النصف: ان المواجهة المنفردة لكل من هذه القضايا ستعمق الخلافات بين دول المجلس اضافة الى امكانية إيجاد خلافات جديدة بسبب العلاج المتفاوت لهذه القضايا . الاصلاح والارهاب مهام مرحلية ويواصل رئيس تحرير (القبس) حديثه مشيرا الى ان الاصلاح، باعتباره الاكثر اهمية في هذه المرحلة فان السير به في دولنا بصورة متفاوتة يحول اوضاع كل بلد الى ورقة ضاغطة على البلد الآخر، بينما الالتزام بنظام المشاركة الشعبية الذي يقوم على التمثيل المباشر للجمهور الذي قطعت دول خليجية شوطا كبيرا فيه، كفيل بتعطيل الضغوط الخارجية علينا. وقال:ان السياسة الجماعية الواضحة والمتفق عليها في المجالات الرئيسية باتت وحدها الكفيلة بحماية بلداننا وبصياغة المجلس على اسس صحيحة كي لا يكرر قراراته دون ان يلمس المواطن الخليجي تحسنا جديا في اوضاعه. اما فيما يتعلق بالارهاب فانه لا يجوز ترك المملكة العربية السعودية وحيدة في المواجهة، لان الموضوع يتهددنا كلنا وامننا مترابط، مؤكدا على ان المطلوب تحديد الاسس السياسية لمواجهة الارهاب وتجفيف منابعه السياسية والاقتصادية والاجتماعية . و اكد النصف في ختام حديثه ان دور الاعلام الخليجي في دعم اعمال واداء المجلس ومدى نجاحه ضئيل جدا لانقطاع التواصيل الاعلامي الحقيقي بين بلداننا وتفاوت مستوى الحريات الاعلامية، وكذلك ارتباط اعلامنا بالمعلومات الرسمية عن عمل مجلس التعاون.. التطلعات.. والملف الأهم مدير تحرير صحيفة (الإتحاد) الاماراتية عبدالله رشيد قال ان القمة الرابعة والعشرين لدول مجلس التعاون الخليجي تنعقد في ظل ظروف عربية ومستجدات دولية وإقليمية غير مسبوقة ستلقي بظلالها على القمة وجدول أعمالها المزدحم بالملفات التي تنتظر البت فيها أو التسريع في وتيرة تنفيذها لمواكبة طموحات وتطلعات مواطني دول مجلس التعاون. ويضيف: ان القمة تعقد في نهاية عام كان مليئا بالأحداث والمستجدات التي انعكست على دول المنطقة سياسيا واقتصاديا وأمنيا، ولا شك في أن سقوط النظام العراقي كان أبرز، تلك الأحداث وأهمها على الإطلاق وقد أفرز هذا الوضع الجديد في ظل وجود قوات التحالف في العراق معطيات ومعادلات جديدة في المنطقة أكثرها إيجابية زوال نظام القمع والاستبداد والعدوان عن صدور العراقيين والمنطقة وأسوأها المخاوف في أن يتحول هذا البلد إلى بؤرة للإرهاب والإرهابيين في ظل حالة الانفلات الأمني التي يشهدها هذا البلد . ويرى: ان الملف الأمني أو الهاجس الأمني يطغى على القمة لاعتبارات دولية شديدة التغيير والتعقيد حيث اثبتت التجارب السابقة وعلى مدى عقدين ونيف أن دول المجلس قادرة على التعامل مع هذا الملف المهم وتملك في هذا الإطار تجربة طويلة لا سيما وأن نشأة المجلس بالإضافة إلى الرغبة في تحقيق تطلعات وآمال شعوب المنطقة كانت أمنية فففالأمن والتنمية صنوان ولا تستقيم التنمية بدون أمن يحميها ويحرسها ويوفر لها اجواء الانطلاق والاستقرار. و اشار الى ان قمة الكويت تعقد على عتبات عام ميلادي جديد وانتهاء عام انقضى .وشعوب المنطقة تتطلع إلى القمة بتفاؤل كبير في الخروج بقرارات تدعم التكامل الخليجي في كافة القطاعات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والعسكرية والأمنية للحفاظ على المكتسبات التي حققها المجلس خلال السنوات الأربع والعشرين الماضية وإضافة المزيد إلى المسيرة الأخوية المباركة. الخليجيون والنموذج الأوروبي من جانبه يقول منصور الجمري رئيس تحرير (الوسط) البحريني ان اعلان جلالة الملك حمد في خطابه بمناسبة العيد الوطني وعيد الجلوس سعي البحرين إلى تحقيق المواطنة الخليجية وإصدار العملة الموحدة، هو سعي محمود وفيه خير للبحرين والخليج. واضاف ..إن فكرة المواطنة المناطقية بدأت في أوروبا في مطلع الخمسينات عندما وحدت ثلاث دول أوروبية اجراءاتها وأزالت الجمارك بينها، واختارت اسما لها وهو يتكون من الحروف الاولى للدول الثلاث، ويشير في استعراض لاهم تكتل عالمي ان ما نتج عن كل ذلك تحول السوق الأوروبية المشتركة في العام 1986 الى المجموعة الاوروبية ايحاء بأن السوق أصبحت موحدة، والتوحيد أكثر من الاشتراك وفي خلال خمس سنوات حققت اوروبا انجازات عادلت ما حققته خلال ثلاثين سنة عندما كانت سوقها مشتركة، مما حدا بها إلى تطوير مؤسساتها واعلان قيام الاتحاد الاوروبي في العام 1992 . و فيما يتعلق بمستقبل مجلس التعاون الخليجي يقول الجمري ..في قناعتي لو تحققت هذه المواطنة لما بقي شخص واحد من دون عمل. وقال: انه من منطلق حرصنا على مصالح البحرين والخليج فإننا ندعو الى تكثيف الجهود بين الدول الخليجية لإزالة الحال التنافسية وأن يستبدل بها نهج تكاملي يخدم الجميع. الملف العراقي.. نموذج ويرى رئيس تحرير (الشرق) عبداللطيف المحمود في نجاح تجربة توحيد رؤية خليجية للعراق أساس للموقف العربي ونموذجا للتعامل الصحيح.. وقال :لقد نجح المجلس الوزاري لمجلس التعاون لدول الخليج العربية في تعاطيه مع الملف العراقي مرتين: الاولى، عندما أعاد موضوع العراق الى الجامعة العربية باعتباره يخص كل دولة من اعضائها. والثانية عندما طالب بإعطاء الأممالمتحدة دورا محوريا في الحفاظ على الأمن والاستقرار في العراق. واضاف ان في إعادة الموضوع العراقي الى الجامعة، عودة الى الأصول من دون التخلي او التراجع عن واجب الشقيق والجار عن جاره وشقيقه والدليل على ذلك، هو الموقف الإيجابي الخليجي من الخطوات التي بدأت في العراق على طريق تحقيق طموحات الشعب العراقي والترحيب بها. واعتبر المحمود أن في إعادة الموضوع الى مداه العربي وأصله التاريخي تأكيد على أن دول مجلس التعاون لا مطالب خاصة لها من العراق خارج المطالب التي يريدها الأشقاء جميعا من شقيق طالت غربته واشتاقوا اليه ليعود الى اسرته سليما معافى قويا يعتمدون عليه في السراء والضراء. وقال ..ان من شأن الموقف الخليجي المسؤول أن اختصر الطريق ووفر الكثير على الوفد العراقي الى مجلس الجامعة لجهة الترحيب به بين سائر الإخوة الأعضاء في الإطار والصيغة اللذين يقررهما المجلس. و اكد رئيس تحرير (الشرق) ان اعلان دول مجلس التعاون بوضوح رؤيتها بشأن العراق وما يجري فيه، فإن هذه الرؤية تصلح أن تكون اساسا للموقف العربي الذي سيخرج عن مجلس الجامعة العربية، لانه موقف يمكن أن يساند الشعب العراقي ويرشد الجميع الى بداية طريق الحل في العراق.. وربما في المنطقة. استراتيجية خليجية..اولا ويقول محمد حسن العرادي مدير مركز استراتيجي ومستشار تحرير عدد من الصحف الخليجية انه من المتوقع من المجلس الخليجي ان يضع في مستقبل عمله استراتيجية واضحة مبنية على خطط زمنية مسبقة وملزمة التنفيذ.. واضاف ان استيعاب المؤسسات المدنية في دول الخليج ضمن آليات المجلس يدعم مسيرة التعاون المشترك تحت مظلة اتفاق شعبي عام الامر الذي يتطلبه اتخاذ قرارات وطنية صعبة.. واكد العرادي على اهمية تحرير انتقال العمال بموجب تاشيرة دخول موحدة وتسهيل الاستثمار وتنقل الاموال والتملك بين كافة الدول الخليجية من جهة وتوحيد الانظمة ذات العلاقة بتقريب الوضع العام بين شعوب المنطقة من خلال صياغة انظمة التقاعد والسلم الوظيفي والاجور وتوحيد رقم البطاقات المدنية مما يفتح المجال للاندماج الشعبي مستقبلا في اطار اتحاد خليجية منظم على غرار التكتلات الاقليمية الفعالة عالميا..اضافة الى اشاعة روح المواطنة الخليجية ودعم المؤسسات المجتمعية في دول المجلس لتكون رافدا للعمل الرسمي الاقليمي.. ويرى العرادي ان اندماج دول مثل العراق واليمن في اطار المنظومة الخليجية بالكيفية التي يراها قادة المجلس تمثل في المستقبل ثقلا بشريا وجغرافيا وثقافيا واقتصاديا هاما..