لنعد بالذاكرة الى العام 1999 عندما شاهدت فيلم ماتريكس للمرة الاولى. هل تذكر الاحساس الممتع بالرهبة والتعجب، الشعور بأنك تشاهد فيلما جيدا بالفعل؟ الالبسة وتصميم المواقف ومزيج الفلسفة والتكنوموسيقى المرعدة. لقد كان ذاك فيلما ممتعا وجيدا من أوله الى آخره واتاح لك، تقريبا ، ان تحمل (كينانو ريفير) على محمل الجد. والآن عد بالذاكرة ستة اشهر الى الوراء عندما شاهدت ماتريكس (2) خلال الفترة الفاصلة بين الفيلمين كان قد جرى استنساخ الفيلم وتقليده وتعرض للسخرية الى مالا نهاية. لقد كان كثير الكلام ومنفوخا الى درجة التخمة بالثرثرة النفسية والمفاخرة بالذات. وكان له ايضا نهاية مثيرة مغضبة : نيو (ريفز) في حالة الغيبوبة، وبما انه هو ذاك (الواحد) فهو الشخص الوحيد الذي يستطيع ان ينقذ زايون من التدمير الفوري من قبل الآلات. ومن دواعي السرور ان نكشف لك انه في فيلم ماتريكس الحلقة الثالثة (التي يفترض ان تكون الاخيرة) في الثلاثية السينمائية، تم الاستغناء عن الكلام الغامض الممل عن طبيعة ماتريكس. ولكن ضجيجا من نوع آخر حل مكانه. (ثورات الماتريكس) هو هجوم وقصف صاخب خال من الروح. فعلى مدى ساعة كاملة من العرض الذي يستغرق ساعتين - خلال المعركة الملحمية بين الانسان والآلة - كتل عملاقة من المعدن تهاجم بعضها بعضا. فيلم (ماتريكس) الاول كان مثيرا، اما هذا فهو يخدر ويقتل الاحساس. ويبدو ان الشقيقين لاري واندي واتشوسكي ككاتبين ومخرجين استمتعا في الغوص في تفاصيل عالمهما اكثر مما سيستمتع به مشاهدو الفيلم. المعلومات الانتاجية على الشاشة تعلن باعتزاز انه ربما تم استعمال اكثر من 1000 قطعة في تصنيع (الوحدات الشخصية المدرعة) ومختلف عناصرها. وهي الآلات التي يتسلل الزايونيون الى داخلها لاسقاط الحراس المهاجمين الذين يشبهون مخلوقات الكالاماري العملاقة. حسنا. كل هذا يدعو الى الاعجاب - ولكن هذه الوحدات هي روبوتات ممسوخة بطول خمسة امتار وتحوق بالاشخاص الموجودين في داخلها تماما - مما يجعل من الصعب الاتصال بهم ومن الاصعب أن يأبه المشاهد لوجودها في خطر. حتى فيلم (ماتريكس ريلودد) كانت فيه بعض الومضات اللامعة، مثل مطاردة بالسيارات لمدة 14 دقيقة، والتوأمين الابرصين، والاحاديث التافهة من العميل المتوعد سميث (هوغو وفينغ). ولكن بوصول الحلقة الثالثة يكون سميث قد تحول الى مجنون عظمة مزمجر، فيما اتخذ مستقبل الجنس البشري - داخل وخارج ماتريكس - شكل مشاجرة بالايدي بينه وبين نيو. والعنصر المخيب اكثر هو المعركة الرئيسية بالاعيرة النارية في الفيلم والتي تدور رأسا على عقب من سقف احد المحلات. ويصبح الفيلم ملهما الى حد ما عندما يأخذ وقته للتركيز على البشر. وكالعادة جرى تصميم مشاهد القتال بشكل رائع من قبل بوين ووبينغ التي اضفت اسلوبها الراقي على افلام ماتريكس، و(النمر الرابض، ومؤخرا) كيل بيل (بهاء رقص الباليه. الا انه بات هناك الآن احساس عام بان الفيلم لم يأت بجديد، حتى عندما يقلب الشقيقان واتشوسكي مشاهد القتال رأسا على عقب. (ماتريكس ريفوليوشنز) من توزيع وورنر ومصنف (R) للعنف. ويستغرق عرضه 128 دقيقة. الممثلتان جادا بينكت سميث (اليسار) وكاري - آن موس في العرض الأول لفيلم (ماتريكس ريفوليوشنز)