يواجه الكثير من المسئولين مواقف إدارية أثناء عملهم الروتيني وهذا شيء عادي ولكن أن تتكرر هذه المواقف باستمرار حتى تصبح مزعجة وتتطلب اتخاذ أجراء حازم وجذري، فأن هذا الشيء ليس محبب لدى المسئولين الذين قد يتهرب بعضهم من المواجهة نفسها لأسباب كثيرة مثلا: ضعف الشخصية، قلة الخبرة، الخوف من الفشل أو نقد الآخرين، مؤثرات خارجية وخلافات شخصية . ولا يوجد مقياس أو دليل يعطي التوجيه الأمثل في كيفية التعامل مع هذه الظروف، فكل حاله قد تكون شاذة ومنفردة بنفسها، ونريد هنا أن نذكر بعض حالات المشاكل العامة التي تتكرر يوميا في حياتنا العملية ويواجهها غالبية المسئولين والإداريين، ومنها: حالات تأخير حضور الموظفين أو خروجهم مبكرا من العمل، أو التمارض، والاستئذان، والغياب بدون أذن، والممازحة أثناء العمل، والتعالي على المسئولين، أو التهرب من تنفيذ الأوامر، وقلة الإنتاج في العمل، وفقدان الحماس، وعدم التجاوب مع نظم العمل، الخ. وكل حالة من هذه الحالات تحتاج حلقة منفردة لشرحها ، ولكني سأختصر ما أمكن وأرجو أن أوفق بذلك ومنكم السماح، وأن اللبيب من الإشارة يفهم، وسنبدأ بالحالة الأكثر انتشار وهي كثرة التأخير والانصراف المبكر. في الحقيقة ان ظاهرة تأخير الحضور أو الانصراف المبكر للموظفين تعتبر آفة العمل الأولى والتي تنخر في هيكله وتؤرق مضجع غالبية المسئولين بمختلف مستوياتهم، فلا التهديد أو الوعيد الذي يقومون به واستخدام صلاحيات الجزاء تفيد دائما، وهي غالبا ما تنتهي اما وديا بقبول الظاهرة كأمر واقع ضمن العمل والتعايش معها أو بشكل مأساوي بإنهاء خدمات الموظف المتسيب ولا محل للحلول الوسط، ونرى أن الحل لإزالة أو إصلاح هذه المشكلة (ان وجدت) ممكن جدا ولكن لا يأتي بالتهديد أو الجزاء المطلق بل بالتنظيم والتدرج بجعل أطراف المشكلة نفسهم جزءا من حلها تضامنيا(كحل جماعي)، والأطراف المعنيون هم: الموظف والمسئول والوظيفة ( العمل). فالموظف لابد أن تكون شروط الانضباط متوفرة فيه أصلا ومتوافقة أيضا مع طبيعة عمله ولا يوجد لديه معوقات مكانية أو زمانية تمنعه من الالتزام بالدوام المحدد للوظيفة ( وأن يؤخذ هذا التأكيد بالاعتبار أثناء مقابلته الشخصية قبل توظيفه) ومنها مثلا: محل أقامته وبعده عن موقع العمل، وسيلة الانتقال التي يرتادها وكيفية وصوله من والى العمل، عدم ارتباطه بأعمال أخرى قبل أو بعد الدوام مباشرة، عدم ارتباطه بإيصال مرافقين من وإلى المدارس أو لجهات ومواقع أخرى، أن يكون متفرغا ولا يوجد له ظروف تؤثر على التزامه (كمرافقة أحد أفراد العائلة المستمرة للعلاج أو غيرها من الأسباب)، انسجامه مع زملائه بالعمل وعدم وجود خلافات شخصيه بينهم، وتكيفه بظروف العمل وأخيرا أن يكون الموظف مقتنعا وراغبا بالوظيفة وليس فقط يعمل بها من أجل الحاجة للراتب ولقمة العيش( يعني أن يكون هو الموظف المناسب للوظيفة وليس مجرد فرض أو تشميع من أجل سد الفراغ). أما المسئول فوضعه أكثر حساسية إذ لابد أن يكون أي مسئول مثالا جيدا يحتذي به موظفوه في كل شيء والالتزام بالدوام أهمها، وأن يكون هو نفسه ملتزما بدقة بذلك قبل أن يحاسب غيره من الموظفين ولأنهم يتأثرون سلبا وإيجابا بمسئوليهم في هذه الأمور، وأن يكون سلوك وتصرف المسئول تجاه الموظفين أنسانيا بالدرجة الأولى من غير تنفير أو ازدراء أو تعال، وأن يظهر التعاطف مع مشاكلهم التي قد تطرأ أو تحدث فجأة، أن يعمل سويا مع موظفيه لإيجاد حل للمشاكل الطارئه أو غير المتوقعه.