فاجعتان في وقت واحد.... ولدها الذي لم يبلغ السادسة عشرة ، ثم زوجها بسكتة دماغية. مصيبتان كل منهما يفطر القلب ألما. امتحان فوق طاقة أي مخلوق. كيف للقلب أن يكف عن البكاء وكيف لعين أن يبرد نارها وحينما تقول لها (عظم الله أجرك ) فإنك تعنيها ولكن الأجر هنا له معنى أعمق وأكبر قد لاينتبه إليه الكثير. فالأجر هنا ليس في الصبر على المصيبة فقط، لا بل وتقبلها بسكينة وحب لما يأتي من الله. إنه بلا شك أعلى درجات الرضا بقضاء الله وقدره. ولو نظرنا في أحوال البشر فالناس أنواع في تقبل الابتلاءات ، منهم الجزعون قليلو الإيمان ، ومنهم الصابرون المتيقنون برحمة الله ومنهم المتشدقون بالصبر يظلون يعلنونها لأنفسهم بأنهم من أصحاب الهمم وعند المصيبة تقف قلوبهم أمامها نحيلة عليلة. ومهما استعرضت أحوال الراضين بقضاء الله وأخبارهم العطرة فإن لم تكن هناك نفس تعرف حلاوة هذا اليقين فلا جدوى ولا فائدة. والحقيقة أن هذا السلوك الايماني من أصعب وصايا الدين لأنه يمس شغاف القلب ، يمس عزيزا غاليا قد تفقده ، أو جهدا مضنيا لشهور أو سنوات قد تخسره، أو عافية لا يمكن استرجاعها مهما توسلت إليها أيادي الأطباء والجراحين. لكن المحبين لله ، المتشوقين لرحمته ، الشغوفين بلطفه يعلمون أن لا راد لقضائه ولن يرفع هذا البلاء إلا هو قال الله تعالى: {وإن يَمءسَسءكَ الله بِضُرٍّ فلا كاشفَ له إلاَّ هوَ وإن يُرِدءكَ بخيرٍ فلا رادَّ لفضلهِ يُصيبُ به من يشاءُ من عبادهِ وهو الغفورُ الرَّحيم. وماأجل الحكمة في عظم هذا البلاء ، فقد يكون البلاء خيرا وجاها وعزا في الدنيا يضعه الله بين يدي العبد ليرى أيحسن التعامل معه كما أمره أم لا ، وقد يكون ابتلاء مؤلما يريد به الله أن يفرح بصبر عبده ويختبر فيه قوته وعزيمته أيصبر أم يكفر. وفي الحديث الشريف تتضح الخصوصية التي تميز بها المؤمن فقط حيث يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا يقضي الله للمؤمن من قضاء إلا كان خيراً له، إن أصابته سرَّاءُ شكر وكان خيراً له، وإن أصابته ضرَّاءُ صبر وكان خيراً له، وليس ذلك إلا للمؤمن" (رواه مسلم مرفوعاً). فالله تعالى إذا أحبَّ عبداً ابتلاه فإذا صبر اجتباه، وكلَّما ازداد صبراً وشكراً ارتقت درجته عند الله. ولا يزال المؤمن بين شكر على النعم وصبر على المحن حتَّى ينال درجة الأبرار والصدِّيقين. وليس المطلوب هنا أن لا تحزن بل إن تؤمن أنك تمضي ضمن قدر إلهي مكتوب لك قبل أن تولد وهو شعور عظيم يشيع في نفسك شعورا عظيما بالطمأنينة.( وقليل منا من لديه نعمة التأمل في ما قدر الله له بعد حدوثه). فإن فقدت عزيزا تذكر ( إنا لله وإنا إليه راجعون ) فكلنا إلى زوال، وإن خسرت مالا تصفح مالديك من نعم أخرى قد لا يحظى بها غيرك. وان ابتليت بمصيبة لا يقوى عليها العقل تذكر أنك من المحظوظين بحب الله. وإن تكالبت عليك صروف الدهر داو جزعك ب ( حسبي الله ونعم الوكيل ) سبحان الله ماأعظم مايربينا عليه هذا الدين وما أدنى قدراتنا لننال شرف هذا الرضا. لؤلؤة: اللهم هب لي يقينا صادقا لأعلم بأن ماأصابني لم يكن ليخطئني وأن ماأخطأني لم يكن ليصيبني