نشرت مايكروسوفت أبحاثا تبين أن 63% من ملاك أجهزة الكمبيوتر الشخصي لا يملكون برنامجًا لمكافحة الفيروسات، أو يستعملون برامج عفى عليها الزمن. ما من وقت أروع ولا أنسب من هذه الأيام للدخول إلى قطاع إنتاج برامج الحماية من فيروسات الكمبيوتر. ففي أغسطس الماضي، أرغم فيروسان الآلاف المؤلفة من الشركات والمصالح على إغلاق ملايين من أجهزة الكمبيوتر حول العالم؛ مما تسبب في خسارة قدرت بنحو ملياري دولار. كلا الفيروسين كان يستغل نقاط الضعف في قدرات أنظمة التشغيل التي تنتجها شركة مايكروسوفت. وفي العاشر من سبتمبر 2003 حذرت مايكروسوفت من ثغرة أمنية أخرى في نظام ويندوز، يمكن أن تؤدي إلى نوبة جديدة من هجوم الفيروسات. وقد أدت التطورات السابقة إلى ارتفاع مبيعات برامج الكمبيوتر الخاصة بمكافحة الفيروسات. لذا فما الشركة الأكثر استفادة من ارتفاع الطلب على شراء برامج مكافحة فيروسات الكمبيوتر؟ والإجابة، إنها مايكروسوفت ولا شك. وقد أبرمت عملاق الكمبيوتر في الآونة الأخيرة صفقة قد تمكنها من الهيمنة على سوق برامج الحماية من فيروسات الكمبيوتر. ففي الثالث من سبتمبر 2003 اشترت مايكروسوفت شركة البرمجيات الرومانية جيكاد سوفتوير لقاء مبلغ لم يُعلن عنه. ويتوقع محللون أن تُدخل مايكروسوفت برمجيات جيكاد في منتجها القادم من أنظمة التشغيل ويندوز المتوقع طرحه في العام 2005. ومن شأن خطوة كهذه أن تقطع دابر المنافسة في سوق المستهلك فيما يتعلق ببرامج الحماية من الفيروسات التي تهيمن عليها شركات؛ سيمانتيك، ونتورك أسوشيتس إنك، وغيرها. وتقول لورا كويتزل كبيرة المحللين في شركة فورستر للأبحاث: ستحتكر مايكروسوفت في نهاية المطاف هذا النشاط نشاط برامج الحماية من الفيروسات. وكانت مايكروسوفت محط انتقاد شديد من المحللين والنقاد بسبب فيروسات الكمبيوتر التي تهاجم أنظمة التشغيل، متهمين الشركة بأنها تهتم بطرح منتجات جديدة أكثر من اهتمامها بتوفير الأمان لهذه المنتجات. وكانت نقاط الضعف وهشاشة أنظمة ويندوز وأوفيس قد جعلت منها القبلة المفضلة لقراصنة الكمبيوتر والمخربين (الهاكرز). ويقول المنتقدون إن هذه المشكلة ستختفي إلى حد كبير إن قامت مايكروسوفت بإنتاج برامج تشغيل أفضل. وتشهد صناعة برامج الكمبيوتر جدلا كبيرا في نوايا مايكروسوفت مع ما يتوقع من حصول الشركة على ثروة طائلة جراء أوجه القصور التي تعاني منها منتجاتها. ويقول بروس شناير، رئيس قسم التكنولوجيا في شركة كاونتربين إنترنت سيكيوريتي إنك: الخوف هو أن الذئب يرعى الغنم أو حاميها حراميها. ما الدوافع وراء هذه الخطوة من جانب مايكروسوفت؟ والإجابة أن المال ليس في مقدم الأسباب التي دفعت لهذا. فحجم تجارة برامج الحماية من الفيروسات يبلغ 2ر2 مليار دولار وهو مبلغ لا يسد رمق شركة عملاق الكمبيوتر التي بلغت عائداتها في العام 2002 نحو 2ر32 مليار دولار. لكن مايكروسوفت في مسيس الحاجة إلى إنقاذ سمعتها المتردية في مجال مكافحة الفيروسات. وبوسعها أن تفعل ذلك عن طريق إقناع العملاء بالاستفادة من برامج الحماية من الفيروسات وتحميل منتجاتها بشكل منتظم. وتبين أبحاث أجرتها مايكروسوفت أن 63% من ملاك أجهزة الكمبيوتر الشخصي في المنازل؛ إما لا يملكون برنامجًا لمكافحة الفيروسات، أو يستعملون برامج عفى عليها الزمن. ويقول مايك ناش، نائب رئيس وحدة الأمن في مايكروسوفت: إن تركيزي منصب حاليًّا على الناس الذين لا يستعملون نظام حماية. ولا تقدم مايكروسوفت أية معلومات عن استراتيجيتها بشأن برامج مكافحة الفيروسات. لكن المحللين يتوقعون أن تحذو حذو النموذج الحالي في الصناعة؛ وهو أن تبيع اشتراكات لهذه الخدمة تتيح للزبائن تحديث أنظمة الحماية من الفيروسات كلما ظهرت موجة جديدة من هذه الفيروسات الخبيثة. ويقول ناش: هذا هو ما نفكر فيه بالقطع. وبالتأكيد فإن المنافسين لن يتخلوا عن سوق المستهلك دون حرب. لكنهم على درجة من الوعي والعقلانية تجعلهم يدركون تمامًا أن أفضل ما يراهنون عليه يكمن في سوق الشركات، حيث تشكل مايكروسوفت تهديدًا أقل. فالأجهزة الخادمة في الشركات غالبًا ما تستعمل أنظمة تشغيل غير نظام ويندوز، ولا تعتزم مايكروسوفت- من جانبها- أن تجعل برنامج مكافحة الفيروسات الذي ستنتجه يعمل مع أنظمة تشغيل منافسة لها. وإضافة إلى ذلك، فإن الكثير من الشركات تحذر نظام هندسة مايكروسوفت. وتقول جين مونستر، كبيرة المحللين في يو إس بانكورب بايبر جافراي : إن ردة الفعل بشكل عام في عالم الشركات هي أنه لا أحد يثق في أنظمة أمن مايكروسوفت. لكن سوق المستهلك على النقيض من ذلك، فالأنظمة الأكثر سهولة في الاستعمال- حتى لو لم تكن هي الأفضل من الناحية الفنية- سيكون لها قصب السبق في الفوز بأكبر نصيب من كعكة السوق. وحيث إن من المرجح أن يدخل البرنامج الأمني الجديد لمايكروسوفت في حزمة منتجاتها من ويندوز، فإنها ستتمتع بميزة كبيرة على منافساتها. وقلة قليلة لاتكاد تذكر هي التي تعتقد أن إدماج برنامج مكافحة الفيروسات في نظام ويندوز ينتهك قوانين مكافحة الاحتكار. وما يخشاه المنافسون لمايكروسوفت هو أن تستغل قوتها في السوق في الإطاحة بهم خارج الحلبة. يتساءل جون طومسون الرئيس التنفيذي لشركة سيمانتيك: السؤال هو، هل سيلعبون بنزاهة أم سيسيئون استغلال وضعهم المحتكر للسوق. ويعرف طومسون وغيره من المنافسين لمايكروسوفت أنهم يواجهون قوة تنذر بسوء أكثر من أي فيروس. ويقول ستيف تشانج الرئيس التنفيذي لشركة ترند مايكرو إنك لصناعة برامج الكمبيوتر المكافحة للفيروسات: حين تدخل مايكروسوفت هذه الصناعة وتجعل برنامج الحماية من الفيروسات جزءا من نظام التشغيل سيختفي هذا القطاع الخاص بصناعة برامج الحماية من الفيروسات. وهذا درس تعيه جيدًا الشركات العاملة في حقل البرمجيات.