لن أحدثكم اليوم عن منظمات الإغاثة الإسلامية التي أصبحت نظرات الشك والريبة وتهمة تمويل الإرهاب، تطاردها وتتخطفها من أبنائها أحياناً قبل الغريب البعيد، ولكن حديثي عن المنظمات الإغاثية الدولية التي عرضها فيلم هوليودي جديد مؤخراً واصفاً إياها بالعمالة للاستخبارات المركزية الأمريكية ! فموظفي هذه المنظمات - بحسب الفيلم - وسطاء لبيع السلاح وخدمة مصالح استخباراتية أمريكية !! الغضب الذي أثير حول الفيلم يلخصه المعارضون في أنه يشجع بصورة ضمنية على تشويه صورة منظماتهم وأفرادها، وبالتالي تتعرض سمعتهم وحياتهم للخطر والتشويه ، مما يساعد على مهاجمتهم وقيام (الإرهابيين ) بعمليات ضدهم ! خصوصاً في مناطق التوترات والحروب ! الفيلم، وكالعادة، لا يخلو من النزعة الاستعلائية الأمريكية في تصوير بعض الشعوب بالسلبية والوحشية، وأنهم مجرد مجموعة من البشر ينتظرون العون من يد أمريكي بيضاء تنقذهم وتنتشلهم من فاقتهم ! بطولة الفيلم كان للحسناء الأمريكية ( أنجيلينا جولي) نصيب منها، فهي بالإضافة لنجوميتها المعروفة، تحمل على كاهلها مهمة (سامية ) كسفيرة للنوايا الحسنة لشؤون اللاجئين ! مما يشكل مفارقة مضحكة مبكية بين دورها في الفيلم بهذا المضمون، و تلك النوايا الحسنة، التي تجوب العالم والمخيمات تروج لها، وتلتقط لأجلها الصور التذكارية مع الأطفال والمشردين ! السؤال البسيط الذي يطرح نفسه هو: أين الخطوط الفاصلة بين الحقيقة والخط الدرامي الفني لمضمون هذا الفيلم؟ وأين حدود الجد والهزل فيما يعرضه الفيلم؟ .. بل.. وما دواعي السعادة التي كانت بادية على محيا (كوفي أنان) وهو يشاهد العرض الأول للفيلم في نيويورك ؟ هل بدأ يتفاعل ، مع روعة ربط الفيلم بين حقائق السياسة و دهاليز منظمات الإغاثة الدولية ؟ لست أدرى ... لست أدرى...! وهل نتخيل، أخيراً، أحد الفنانين العرب، سفراء النوايا الحسنة، يتغلب على (أنجيلينا جولي) ويقوم بدور (هوليودي ) في ( مقطع بسيط ) لحساب هيئة خيرية عربية أو إسلامية، يجمع لها بعض المال لتسد به رمق أفواه جياع، أو تخفف حاجة عجزة من العرب والمسلمين المتناثرين على وجه البسيطة في كل حدب وصوب ؟ أو على أقل تقدير يدافع عن سمعة تلك الجمعيات والمنظمات العربية المسلمة ؟