حملة السلاح خليط غريب من مشارب متباينة جمعهم الهدف اكثر مما يجمعهم الفكر واعتقد انه ليست لهم مطالب محددة.. هذا ما اعلنه الدكتور محسن العواجي في لقائه مع (اليوم) ردا على سؤال حول مطالب الارهابيين موضحا ان ابن لادن وعناصر من جنسيات عربية مختلفة يغذون هذا التيار فكريا او بالاحرى تورطه في المجهول على حد وصفه لمن قام بتفجيرات الرياض مؤخرا. وحول دور الاعلام في المسألة قال : ان الاعلام دون مستوى التعامل الجاد مع مشكلة الارهابيين وبين ان الاعلام احيانا يقدم نماذج متطرفة على مستوى الفكر فأصبحنا امام ظاهرة تكفير مزدوج وجعل مثلا من بعض المجرمين ابطالا. وشن الدكتور محسن العواجي حملة شعواء على حملة السلاح من الارهابيين ووصفهم بالدمويين الذين يستهدفون الابرياء وحذر من التعاطف معهم من قبل المغرضين والفاسدين. فساد في الأرض هل أصبح المجتمع السعودي منتجاً للإرهاب؟ العنف والعدوان موجودان منذ بداية الخليقة وما قصة قتل ابن آدم أخاه (لأقتلنك) إلا برهان على أن الشر أزلي ولم يفتقد في أي حقبة من حقب التاريخ والمجتمع السعودي جزء من نسيج المجتمع العالمي الذي كثرت فيه المستفزات وأصبحت مع كل أسف مشجبا لتبرير الكثير من التصرفات المرفوضة شرعا وعرفا وقانونا وتصل الخطورة الى ذروتها عندما يتم إشهار السلاح في وجوه الأبرياء والمعصومين من مسلمين وغير مسلمين بدعوى الجهاد ثم تجد بعد ذلك من يتردد في وصف هذه التجاوزات بأنه فساد في الأرض وإهلاك للحرث والنسل. استنكار شعبي ما المرتكزات الفكرية لأي توجه إرهابي ؟ وكيف تقرأون خطاب وأدبيات الإرهاب؟ من الناحية المعرفية لابد من القول ان مصطلح الإرهاب ليس محل اتفاق بين الثقافات المعاصرة ، وأصبحت كل جهة تفسره لصالحها فهناك أعمال مشروعة ويصرّ البعض على تسميتها الإرهاب مثل حركات الجهاد والمقاومة في الأراضي الإسلامية المحتلة بالقوة وهذا وإن سماه العدو إرهابا فهم من وجهة نظرنا كمسلمين أصحاب حق ليس إرهابا محمودا فحسب بل جهاد مشروع، ولا يجرؤ عالم أو مفكر منصف أن يجرّم من يزاوله أو يدعمه أو يتعاطف معه بينما هناك إرهاب مذموم اتفاقاً بين جميع الأمم والشرائع والقوانين وهو استهداف الأبرياء وممتلكاتهم وادعاء أن مثل هذه الأعمال ضرب من إثخان العدو والتضييق عليه، وهؤلاء الذين يحملون السلاح في مجتمعنا السعودي مخدوعون مضللون بدعاوى تفتقر الى ادنى مستويات التأصيل الشرعي خاصة عندما يرفعون شعار طرد اليهود والنصارى من جزيرة العرب وأن غير المسلمين لا يحق لهم التواجد في جزيرة العرب بينما من يتابع الأمر يجدهم يركزون على جنسية معينة دون ان يتطرقوا ولو بالمناقشات والجدل لمن هم أبعد عنا عقديا كالبوذيين والهندوس وغيرهم من الديانات الأخرى بل وحتى الجنسيات النصرانية الأخرى غير معنية ضمن أجندة المسلحين مما يعني وجود نزعة انتقائية لها دوافع تختلف عما يرفع من شعارات رنانة. أما خطاب العنف الداخلي عندنا فيبدو أنه مبني على استغلال البسطاء عن طريق الشحن العاطفي المجرّد والاندفاع العشوائي قصير الأجل مع انعدام أي نوع من أنواع الرؤى المستقبلية وحسابات الخسائر والأرباح البشرية والمادية والمعنوية، فلعملية ما يخطط لها تنفذ خلال دقائق ينسى ما قبلها وما بعدها من تداعيات وتأتي العملية القادمة لتبدأ من تحت الصفر والدليل على ذلك شدة الاستنكار الذي أبداه المجتمع السعودي بجميع فئاته لحادث تفجير مجمع المحيا والذي يعتبر ضربة معنوية قاسية للمسلحين ومن يتعاطف معهم بسبب دموية الجريمة وسقوط الأبرياء فيها. نذر الإرهاب هل كانت هناك نذر تنبئ بأن المجتمع السعودي يتجه للإرهاب؟ كل ما قيل عن الاحتقان الشعبي وتقصير المؤسسات في ملء الفراغ سياسيا واقتصاديا وإصلاحيا لا خلاف حوله ولكن المعلوم ان هذا العنف المسلح سيعيق ما تم تدشينه من خطوات إصلاحية علما بأن الوضع العام لم يكن ليصل إلى هذا الحد الدموي لولا دخول العامل الخارجي الرئيسي وهو الموقف الديني والسياسي والنفسي من جرائم الولاياتالمتحدةالأمريكية في حق العالم عامة والمسلمين خاصة وعلى الأخص ما حدث في أفغانستانوالعراق وشعور هؤلاء بأنهم حرموا من فرصة منازلة المحتل في منطقة عدوانه كما كان زملاؤهم من قبل يدفعون إلى ثغور الجهاد في أفغانستان في أوائل الثمانينات كل هذه لا أسميها نذر إرهاب ولكنها أسبابه. غياب المرجعية ما الأسباب الفكرية والدينية والاجتماعية التي أدت بالمجتمع إلى هذا المأزق ؟ وهل المجتمع يأخذ قضية الإرهاب بمحمل الجد؟ من وجهة نظري أن أهم الأسباب الدينية غياب المرجعية الواعية والقادرة على ملء الفراغ الديني لدى هؤلاء المتحمسين للحيلولة دون انحرافهم فكريا حيث نلاحظ بجلاء عدم قدرة المؤسسات الفكرية بصفة عامة على بلورة موقف يميز فيه الإنسان ماله وما عليه دون أن يتورط بأعمال عنف ومن الناحية الاجتماعية فإن احتواء هؤلاء المتحمسين و توفير فرص أكبر للشباب لإشغال أوقاتهم فيما يعود عليهم بالنفع سيقيهم شر هذا الفراغ القاتل الذي قد يجعل من البريء مادة خام لمن يستغلهم نفسياً وفكرياً لتحقيق مآرب أخرى. إجماع ورفض كيف تقيمون المخاطر التي سيتعرض لها المجتمع نتيجة الأعمال الإرهابية؟ النبي صلى الله عليه وسلم شبه المجتمع بالسفينة وكل سفيه يريد خرقها سيغرق جميع من فيها ولا خيار لمن يتولى قيادة السفينة إلا أن يحميها ممن يريد إغراقها بل على جميع ركاب السفينة أخذ الحيطة والحذر وطبيعة مجتمعنا لا تسمح بإذن الله باستمرار هذه الأعمال إلى الأبد ولعلك تلاحظ الإجماع الرافض والمندّد بتفجير مجمع المحيا بالرياض لهول مارأوا من تدمير وإزهاق للدماء المعصومة في شهر رمضان وعليه فإني لا أتوقع أن تستمر هذه الأعمال الإجرامية خاصة إذا أدخلت وسائل فكرية منطقية لمعالجة الموقف إلى جانب الحزم الأمني في متابعة من يصرّ على زعزعة أمن المجتمع. تفكير دون خوف كيف يمكن حماية النشء من الفكر الإرهابي؟ النشء أمانة في أعناق الجميع كما جاء في الحديث قال صلى الله عليه وسلم (كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته) وكذلك مسئولية الدولة في تربيتهم وفق مناهج تربوية حديثة تكرس التسامح والمحبة والوئام وتربطهم بثوابت الماضي وتتعايش معهم في متغيرات الحاضر وتهيئهم لتقبل مستجدات المستقبل علاوة على أنه لابد من تشجيع النشء في التعبير عما يفكرون به بشفافية دون خوف أو وجل خشية أن تنمو لديهم معتقدات سرية يجدون من يصطادها ولا أفضل ولا أحكم من أن يكون قدوتهم سيد البشر صلى الله عليه وسلم الذي كان خلقه القران وكان بالمؤمنين رؤوفا رحيما لم يستأذنه صحابي في قتل منافق إلا منعه عنه وحصر القتال حيث يجب أن يكون فقط وأكد على تعظيم الحرمات. الإسلام براء ما علاقة التطرف بالإرهاب؟ ج- التطرف ينتج الإرهاب والتطرف ليس محصورا في ديانة بعينها ولا دولة بعينا فهناك متطرفون من كل دين ولون وجنس ومكان واعتقد ان التطرف هو أشد ما يهدد السلام العالمي سواء تبنى هذا التطرف البيت الأبيض أو القاعدة أو العدو الصهيوني أو أية جهة كانت وعادة ما يتطور التطرف كفكر جدلي باللسان إلى نزعات دموية انتقامية بالسنان تستخدم العنف والفتك بالآخر ومن هنا تتضح ضرورة تشجيع الأفكار الوسطية الشرّعية والتضييق على الآراء المتشددة التي تريد أن تقدم الإسلام بصورة بشعة أمام العالم فهي لاتنفرّ غير المسلمين عنه فحسب بل تجعل بعض أبنائه يشعرون بشيء من الضجر والملل منه ظانين أن هذا من الإسلام والاسلام منه براء. وضوح المنهج هل الإعلام يتعامل مع مشكلة الإرهاب كما يجب؟ بالرغم من التحسن النسبي على الأداء الإعلامي إلا أنه بكل صراحة دون مستوى التعامل الجاد مع مشكلة الإرهاب لسببين : الأول: المصداقية التراكمية المهزوزة التي تجعل القليل من أصحاب هذه الأفكار يميلون إليه كمصدر للتلقي. الثاني: إن الشخصيات التي يستضيفها إعلامنا لتنوير الناس تظهر أحيانا بتطرف لا يقل عن فكر المسلحين أنفسهم الذين يستخدمون نفس الألفاظ التي ينعتها بها علماء المؤسسة الرسمية أو من يحذو حذوهم من المشاركين في إعلامنا المحلي كالخوارج والمارقين والمفسدين فأصبحنا أمام ظاهرة تكفير مزدوج لا متناه وبسبب الأعلام تحول بعض المطاردين الى مجرمين لمجرد انه صعد الحملة ضدهم دون تمييز بين متلبس بجريمة حقيقية ومغرر به ممن قد يفهم ألا مهرب له غير الموت بعد ان يتسبب في ضرر المسلمين وأولى لنا ولهم أن نلقى طوق النجاة على من لم يقع في جريمة وبالمقابل فقد جعل الإعلام المحلي من بعض المجرمين بطلاً مقداماً بسبب المغالطات والمبالغات التي لا تستند إلى مصدر موثوق. مرونة المفاهيم قضية الولاء والبراء من القضايا المهمة في عقيدة المسلم فكيف يمكن التعامل مع هذه القضية عندما نعلم انها من أهم الشعارات التي يرفعها مرتكبو العنف؟ إثارة هذه المصطلحات لا تقتصر على مدلولاتها دون الحديث عن الأجواء التي تطرح فيها وفي الأجواء السلمية الهادئة تكثر المخارج مع مرونة المفاهيم ولكن تبقى مسألة الولاء والبراء قضية شرعية دقيقة ولا يمكن التعامل معها إلا من خلال المنظور الشرعي المتخصص الذي يدركه الراسخون في علم العقيدة بحيث يعرضون هذه الشبهة بكل تجرد خاصة أنها أصبحت مشجبا تعلق عليه المبررات او لغما ممكن تفجيره في أي خصومة فكرية او سياسية أو أمنية، ومرة أخرى بالرجوع الى سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم سنجد بما لايدع مجالا للشك ما يغنينا عن فهم فلان او فلان ممن يضيقون الواسع او يوسعون الضيق والله المستعان. الحوار والسلاح الدولة ترفض فكرة الحوار مع حملة السلاح كيف ترون هذا المنهج وانتم من دعاة الوسطية والاصلاح؟ ليس من الانصاف ان تطالب الدولة بالتخلي عن سياساتها المطردة المبنية على معطيات تخصها في وقت لم نتقدم بشيء مدروس ومفصل يلاقي قناعتها وموافقتها، ولا اعتقد ان ما نسمع من رفض للحوار سيكون على إطلاقه ولا يتوقع اننا لسنا مع الجميع بأن حملة السلاح الذين ارتكبوا جنايات خاصة او عامة لهم علينا فقط ضمان المحاكمة العادلة وتوكيل محام ويتحملون جراء ما اقترفوه، لكننا ندرك أيضا أن الغالبية ممن يحملون السلاح ولما يتورطوا بعد يجب علينا انقاذهم بأية وسيلة مشروعة تحفظ لهم حياتهم ومستقبلهم دون ان تقلل من هيبة الدولة التي من مصلحتنا جميعا أن تبقى قوية مهابة. حرمات النفس حملة السلاح لم يعلنوا عن مطالبهم الى الآن فلماذا تفسرون ذلك بأن لهم مطالب ومن يدعمهم من وجهة نظرك من الخارج؟ حملة السلاح خليط غريب من مشارب متباينة جمعهم الهدف أكثر مما يجمعهم الفكر وأعتقد أنه ليست لهم مطالب محددة ولكن عندهم شبهات خطيرة قادتهم الى هذا المأزق فهم يظنون بما يفعلونه انهم يقاتلون في سبيل الله وفيه من خارج المملكة من جنسيات مختلفة لا تقتصر على ابن لادن وحده كله تغذى هذا التيار فكريا أو بالاحرى تورطه في المجهول فعلى سبيل المثال يزعمون انهم يجاهدون امريكا التي قاتلت الأمة في العراق وافغانستان ويفترضون ان الدولة حالت بينهم وبين الجهاد المشروع فانقلبوا الى اهلهم وذويهم مصوبين سلاحهم للداخل مع كل أسف غير مبالين بحرمات النفس والممتلكات حمى الله العباد والبلاد من عناصر التخريب والفساد.