تتولد قناعات متزايدة لدى الدول العربية قاطبة بأهمية العمل على تفعيل الاتفاقيات الاقتصادية فيما بينها وتفعيل آليات تنفيذها ايضا وذلك من اجل التوصل الى الهدف المنشود وهو تعزيز التبادل التجاري بين الدول العربية خاصة وان هذا التبادل شكل نسبة ضئيلة من مجمل التجارة الخارجية للدول العربية. لهذا يلاحظ أن المجلس الاقتصادي العربي لدى وضعه آليات اقامة المنطقة الحرة راعى اوضاع واحتياجات الدول العربية واتفاقها مع احكام منظمة التجارة العالمية عن طريق تفعيل اتفاقية تيسير وتنمية التبادل التجاري بين الدول العربية ومن خلال برنامج تنفيذي يشتمل على خطة عمل وجدول زمني محدد لانشاء هذه المنطقة. وتشمل المبادئ الاساسية للبرنامج التنفيذي تفعيل اتفاقية تيسير وتنمية التبادل التجاري بين الدول العربية وصولا الى المنطقة الحرة العربية الكبرى ومعاملة السلع العربية التي تنطبق عليها قواعد المنشأ العربية معاملة السلع الوطنية والتحرير التدريجي لكافة السلع المتبادلة بين الدول الاطراف من الرسوم الجمركية وبحيث لا تخضع السلع العربية التي يتم تداولها في اطار البرنامج لأي قيود غير جمركية تحت أي مسمى كان كما تشمل مراعاة الاحكام والقواعد الدولية فيما يتعلق باجراءات الوقاية والدعم والاغراق والخلل في ميزان المدفوعات الناجم عن تطبيق البرنامج ومنح معاملة تفضيلية للدول العربية الاقل نموا. ان العديد من الاوساط السياسية والاقتصادية العربية متفائلة بأن هذه الخطوة الجديدة تحمل عوامل النجاح لعدة اسباب من اهمها ظهور نظام دولي جديد للتجارة بعد انشاء منظمة التجارة العالمية يسعى الى تحرير التجارة الدولية من القيود والاعتماد على السوق الامر الذي فرض وضعا جديدا وتحديا امام معظم دول العالم خاصة للدول النامية يتطلب معه العمل على الاستفادة من ايجابياته والتقليل بقدر الامكان من سلبياته. كذلك فإن تحرير التجارة الدولية وعولمة الانتاج أسهم في تعظيم الاعتماد المتبادل بين دول العالم ودفع بالدول الى العمل على تحرير اقتصادياتها واملاء اهمية خاصة لقطاع التصدير وتعزيز القدرة التنافسية لصادراتها من اجل التمكن من الدخول الى الاسواق العالمية والاستفادة من الاستثناء الذي توفره منظمة التجارة الدولية من شرط الدول الاولى بالرعاية للتكتلات الاقتصادية عموما والمناطق التجارية الحرة بوجه خاص. وعليه فان الدول العربية واذا ما رغبت في تبادل بعض الافضليات التجارية فيما بينها لابد، لها من اقامة منطقة التجارة الحرة العربية وخلال الفترة الزمنية التي حددت لها وهي 10 سنوات. ومن العوامل المحفزة على نجاح التجربة الجديدة التقارب الذي حدث في نماذج نمو واصلاح الاقتصاديات العربية اذ اصبح معظمها تتبع نظام الاقتصاد الحر الى جانب التزام عدد من الدول العربية ببرامج اصلاحات نقدية. كما ادى انشاء عدد من المؤسسات المالية العربية في السنوات الاخيرة الى دعم تنمية المبادلات التجارية فيما بين الدول العربية وعلى رأسها برنامج تمويل التجارة العربية التابع لصندوق النقد العربي وبرنامج ضمان وائتمان الصادرات التابع للمؤسسة العربية لضمان الاستثمار0 وأدى التحسن في قطاع المعلومات التجارية واتاحتها للمصدرين العرب الى تسهيل مهمة التعرف على الاسواق العربية واحتياجاتها حيث أنشأ برنامج تمويل التجارة قاعدة المعلومات التجارية اضافة الى المعلومات التي توفرها نقاط التجارة الدولية الموجودة في عدد من الدول العربية. ان من شأن جميع هذه العوامل وغيرها وخاصة ماتواجهه الدول العربية مجتمعة ومنفردة من تحديات تطول حاضرها ومستقبل أجيالها لابد أن يدفعها للارتقاء الى مستوى التحديات واتخاذ خطوات الحد الادنى التي تضمن تماسكها وتجسد تعاونها وتكاملها .