عمل محمد عثمان علي البريك (76 عاماً) في عدد من الأعمال، بدأ رحلة العمل منذ أن كان عمره 8 أعوام، تنقل بين عدد من الأعمال، وسافر إلى الكويت للبحث عن عمل وهو صغير، ثم ذهب إلى البحرين ليصبح هناك تاجراً، ومنها عاد إلى المملكة ليعمل في رأس تنورة، عاش قسوة الطفولة. التقيناه، فروى لنا الكثير من الذكريات، ذكرياته الشخصية وذكريات الأحساء.. فكان هذا الحوار: مسجد الدبس أين كانت أيام الطفولة؟ طفولتي كانت في حي الكوت، بجانب مسجد الدبس، وكان مؤذن المسجد أحمد العسعوس، وتعلمت قليلا من القرآن الكريم، بعد ذلك رافقت الوالد في الفلاحة منذ أن كان عمري 8 سنوات. ما اسم هذه المدرسة؟ كانت مدرسة لتعليم القرآن الكريم، وكانت جزءا من مسجد الدبس. نخل ابن عكاس أين كان يقع النخل الذي عملت به مع الوالد؟ كان في الشارع الملكي الآن (أم خريسان)، وهو الآن تحول إلى دكاكين، وهو في الأصل لابن عكاس، الذي كان يصلي بالمسجد الذي يقع في دروازة الخميس. وهل واصلت العمل في النخل؟ نعم، ولكن بعد فترة مرض والدي، وجلس في المنزل، وعملت في هذا النخل مع نسيبي محمد الحمدان، وكنا نذهب من بعد صلاة الفجر حتى صلاة المغرب، وكنا نسقي النخل بواسطة الحمير، وزاد مرض الولد فباع النخل قبل وفاته، وحينما توفي والدي كان عمري 10 سنوات. دراويز الكوت كيف كانت الكوت في تلك الفترة؟ كانت تحيط بها عدد من الدراويز، هي دروازة الكوت والخيل والبدع والخميس والخباز والصالحية، وكانت تغلق بعد صلاة العشاء، وكان هناك عسكري عند البوابة، وكنا نلعب ألعابا شعبية، مثل الحيزكة والشعابة، وهي لعبة بالحصى، ويلعب بها 4 أطفال، ولم تكن هناك كهرباء ولا تلفزيون ولا راديو. وبعد صلاة العشاء لا تجد أحدا في الشارع، كما في الوقت الحاضر. هل تتذكر الجيران؟ نعم منهم الفلاح، المقرن، الدوس، البشير والسماعيل. هاتف أبو محالة إذا لم يكن يوجد كهرباء في ذلك الوقت؟ لا، لم يكن هناك كهرباء، كما ذكرت لك، ولكن كان هناك كهرباء للإمارة والبلدية بواسطة ماطور كهرباء، وكان محمد السقوفي هو الذي يقوم بتشغيل الماطور، وكان هناك هاتف واحد (أبو محالة) في الأمارة، وكنت مع صالح الصياح نأخذ 30 سراجاً، ونقوم بعد صلاة الظهر بوضعهم في سوق القيصرية، ولكن بعد أن كسرت يدي تركت العمل. كسرت يدي كيف كسرت يدك؟ كنا نقوم بأخذ الأكل إلى الصرامة، وفي الطريق سقطت من فوق الحمار فكسرت يدي. هل ذهبت إلى المستشفى؟ يبتسم كثيراً، ويقول: يا أبني لم تكن هناك مستشفيات. اذن أين ذهبت؟ ذهبت إلى سيدة كبيرة في السن، تسكن المبرز، وأتذكر أنني ذهبت الساعة الثانية ليلاً، من شدة الألم، ولم يتجاوز عمري 11سنة، وطلبت من هذه السيدة تجبير يدي، وقامت بوضع البيض وجريد النخل، وقالت لي اتركها 40 يوما، وبعدها الحمد لله طابت يدي. من هذه السيدة؟ لا أعرفها. الضياع في الصحراء أين عملت بعد ذلك؟ يتنهد، ويقول: كان بعض الزملاء يريدون الذهاب إلى رأس مشعاب، وقررت الذهاب معهم، للبحث عن العمل، وكان عمري 12 عاماً فقط، وكان معنا سيارات فور باي فور (دمنتي)، وكان معي شخص من عائلة القصيبي، وآخر من المبرز من عائلة العويصي، وحينما توسطنا البر غرزت السيارة، ومكثنا يومين في البر، ومن شدة العطش قمنا بحفر الأرض لاستخراج الماء، حيث كنا على مقربة من الشاطئ، وشربنا ماءً مالحاً، كما أكلنا جميع المعلبات التي كانت معنا من شدة الجوع، ولقد شاهدنا الموت في هذه السفرة، ولكن في اليوم التالي جاء أحد المسافرين، وسحب السيارة، وكأننا ولدنا من جديد. رحلة البحث عن عمل ماذا بعد وصولكم رأس مشعاب؟ بعد الوصول إلى رأس مشعاب قررنا الذهاب إلى الكويت، وكان معي صديقي عبدالله المرزوق، وكان هناك سور يحيط بالكويت، ووصلنا في الليل، فمكثنا خارج السور، وفي الصباح دخلنا الكويت، وتوجهنا إلى قهوة ضاحي، للبحث عن سكن، ووجدنا منزلا ب 60روبية، وذهبنا إلى موقف سيارات الأجرة، وسمعنا رجلا ينادي إلى الأحمدي، وقررنا الذهاب إلى هناك، حيث قابلنا رجلا إنجليزيا، وقال (لا يوجد عمل)، وقررنا الذهاب إلى الفحيحيل، وكانت عبارة عن منازل من الخشب، لا يوجد بها بناء، وقابلنا رجلا كويتيا، وأخبرناه بأننا نريد العمل، وقال لصديقي (ماذا تريد تعمل؟) قال (أريد أن أكون كاتباً)، وأنا اخترت ان أكون صباغاً، ولم أكن أعرف الصبغ، ولكن كنا نريد عملا فقط، والكاتب كان أسمه (تن كيبر)، وسكنا في الفحيحيل.. يصمت الضيف البريك قليلاً وهو يتذكر ذلك اليوم، ثم يواصل حديثه ويقول: كنا نذهب يوم الجمعة إلى الكويت. كم كان الراتب؟ كان الراتب 8 روبيات في اليوم، وكان لها شأن كبير، وعملت في الكويت سنة كاملة. بدون علم أمي هل أخبرت والدتك قبل السفر إلى الكويت؟ سافرت دون علم والدتي وأخي، حتى أن والدتي ظلت تبكي كثيراً لفراقي، وأرسلت أمي أخي للكويت يبحث عني، وجاء للقهوة يسأل عني، وكنت للتو خرجت منها، ولكن الصبي الذي يعمل في القهوة قال لأخي (لا يوجد لدينا شخص بهذا الاسم)، وعاد أخي إلى الأحساء دون رؤيتي. التوجه للبحرين وأين ذهبت بعد الكويت؟ قررت الذهاب إلى البحرين مع صديقي البحريني عبدالله المرزوق، وذهبنا عن طريق البحر، وفي وسط البحر دخل علينا الماء، وعشنا في خطر حتى وصلنا إلى البحرين، وهناك قمت بشراء محل لبيع المواد الغذائية، وجاء إلى البحرين اثنان من الأحساء، وحينما شاهدوني قرروا أن يخبروني بنبأ وفاة والدتي، التي لم أرها طوال هذه الفترة، حيث كنت في الكويت حينما توفيت، وقد تلقيت خبر وفاة والدتي مثل الصاعقة، لأنني تمنيت أن أراها قبل وفاتها (الله يرحمها). العودة إلى المملكة هل قررت العودة إلى المملكة؟ نعم، ورجعت عن طريق الخبر، وكان معي ما تبقى من البضاعة، وفي ميناء الخبر تم مصادرة البضاعة، ومكثت في الخبر 15 يوماً أنتظر الإفراج عن بضاعتي، وبعد ذلك تم إعطائي البضاعة، وعدت إلى الأحساء، وذهبت إلى الرقيقة، حيث تقف سيارات الأجرة، وكان حي الرقيقة في ذلك الوقت عبارة عن نخيل وعيون، وحينما أقبلت على الكوت كانت الدروازة مغلقة، وتوسلت إلى العسكري، ووافق على دخولي، وكان ذلك في وقت متأخر من الليل، وطرقت الباب على أخي، الذي لم يصدق حضوري، وفي اليوم التالي قررت البحث عن عمل، وذهبت إلى بقيق للعمل في إحدى الشركات، وعملت في تغيير الزيت، لمدة شهر فقط، وكانت اليومية 3 ريالات. الزواج أين ذهبت؟ رجعت إلى الأحساء، وقرر أهلي تزويجي، وبالفعل تزوجت، وكان عمري 14 سنة، وكان المهر 950 ريالاً، وكانوا يأخذون العريس في ذلك الوقت إلى العين، ويقضي يوماً كاملاً هناك. هل كان العريس يرى زوجته في ذلك الوقت؟ يبتسم كثيرا، ويقول: لا يرى العريس زوجته سوى ليلة الدخلة، وكان الزواج يستمر 3 أيام، ويمكث العريس 7 أيام في منزل الزوجة. كم عدد الأولاد؟ 10، 8 أولاد وبنتان. العمل في رحيمة أين عملت بعد ذلك؟ عملت مع المقاول العرادي في البناء، وكان يعمل مع البلدية، وعملت معه لمدة شهر واحد فقط، وكانت اليومية 8 ريالات، ولكن قررت الذهاب إلى رحيمة، للعمل هناك مع المقاول عبدالله بن مسلم من الكوت وخالد الدبل من الجفر وعبدالمحسن المؤمن من المبرز، وعملت في رحيمة لمدة 8 سنوات، وكان الراتب 7ريالات في اليوم، وهناك رزقت بأبني عثمان. إذا تركت العمل في رحيمة؟ نعم، وعملت في إحدى المدارس في الأحساء حتى التقاعد، والحمد لله رزقت عددا من الأبناء الصالحين، وأحمد الله على الصحة والعافية. البريك مع اولادة واحفاده