كم من الأشياء التي تعظ بها تمارسها بالفعل ؟؟؟ تقريبا القليل لدى الكثير. فمن السهل أن نجعل من أنفسنا مثاليين حتى تأتي اللحظة التي تتطلب منا موقفا ، فيثبت القليل منا على ما قال. اسأل نفسك كم مرة طلبت من الآخرين أن يسامحوا ويعفوا وعندما واجهك موقف ما شعرت بغصة لأن تفعل ما تقول لأن ذاك الشخص أو هذا أساء إليك كثيرا. وتناسيت أن الآخرين أيضا تعرضوا لمواقف إساءة مثلك. لكن الحقيقة أننا عندما نسامح فنحن لا نصنف أنفسنا من الآخرين ... نحن بالتأكيد الأفضل. لأننا استطعنا أن نتخطى هوى أنفسنا... ونقول بأن حبنا لله أعظم . نحن لسنا بهذه المثالية لكننا بهذا الحب والإيثار العظيم . حيث أننا نرى حب الله ورسوله أعظم من رغباتنا . الإنسان المتسامح يعرف بأنه قادر على الانتقام لنفسه ولكنه يعرف أيضا بأنه الخاسر لو استمر الحقد يوغر قلبه. فكم من الأجر يخسره بضعفه أمام نفسه التي تزين قوته في عدم تسامحه. وكم من الوقت يستنفذه وهو يشفق على ألمه دون أن تعي حواسه بأنه يدمر نفسه فقط. وكم من العلاقات الهامة يفقدها لأنه يظن بأنه أقوى بهذا الكبر ، وأن لا جرح يعادل جرحه . أن انعدام القدرة على العفو كالتدخين يلوث القلب وأواصر المحبة . فكم من الآلام تحصدها وأنت تستدعي الماضي بكل صوره دون إن تفكر أن تلك الأخطاء ( التي قد يكون ارتكبها في حقك شخص ما ) قد تعود لأسباب وقتية معينة وربما زالت وزال حقد ذلك الآخر ومازلت تحتفظ له بكل أنات اللحظة. وقد تجد أبا يعلم أولاده التسامح بالقول والموعظة الحسنة وحينما يأتي موقفا ما يتطلب تطبيقا يفقد مصداقيته ويصر على عدم مسامحة من آذاه . من هنا كان على الوالدين تنشئة أبنائهم على هذه الفضيلة بالقدوة وبالمواقف التي يقدمونها لهم من أنفسهم كنماذج. ولعل من المهم أيضا أن نتذكر بأن التسامح ليس موقفا تتخذه بهذه البساطة ، إنها فضيلة تنمى بتربية روحك على الصبر وقوة الإرادة . فإن لم تكن بدأت بممارسة هذا الخلق العظيم فلتبدأ اليوم وخاصة في ظل هذه الأيام المباركة من شهر رمضان الكريم ، واقرنها بالدعاء ليعينك الله على كبح جماح هواك وطي الماضي فلا تعلم نفس ماذا تكسب غدا ولا تعلم نفس بأي أرض تموت. لؤلؤة : اللهم ... إني أستغفرك لكل ذنبٍ يدعو إلى غضبك، أو يُدني إلى سخطك، أو يميلُ بي إلى ما نهيتني عنهُ ، أو يباعد ني عما دَعَوتني إليه.