عادت اسرائيل والولايات المتحدة الى لعبة النيل الذاتي من ياسر عرفات، ببث تقرير تلفزيوني يدعي أن رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية يقوم شهريا بتحويل 100 ألف دولار من أموال الشعب الفلسطيني الى حساب خاص لخدمة زوجته سهى وابنته زهوة وحماته ريموندا الطويل اللاتي يعشن في فرنسا. وزعم برنامج 60 دقيقة الذي تبثه قناة (سي بي إس) التلفازية الأمريكية اليوم الأحد أن عرفات يقوم باقتطاع هذا المبلغ شهريا من أموال السلطة الفلسطينية ويحوله الى حساب خاص في باريس تستخدمه عائلة الرئيس. وقالت مراسلة التلفزيون ليزلي ستال لمراسل صحيفة نيويورك ديلي نيوز إنها تلقت معلومات تفيد بأن السلطات الفرنسية توقفت عن تأمين الحماية الشخصية لزوجة عرفات، ويقوم الآن حراس فلسطينيون بحراستها. ولم تذكر القناة التلفازية مصادر تقريرها لكنه قطعا يستند الى التسريبات التي تحبكها اسرائيل بين فينة وأخرى في محاولة للتقليل من شعبية أبي عمار الذي أثبت قدرته على أن يقف على قدميه أمام المحاولات التي تسعى لتهميشه. ويتزامن نشر التقرير مع الاعلان الفلسطيني يوم أمس عن اتفاق عرفات ورئيس وزراء السلطة أحمد قريع على صيغة لتشكيل حكومة فلسطينية تعقب حكومة الطوارئ التي انتهت فترتها وما زال مفعولها ساريا. كما يأتي بثه بعد خيبة الأمل الأمريكية والاسرائيلية من القدرة التي أبداها رئيس السلطة الفلسطينية خلال الشهور الماضية في التمسك بمنصبه كقائد يصعب اقتلاعه بسهولة، خاصة بعد فشل رهان واشنطن وتل أبيب على محمود عباس (أبو مازن) الذي حاز على رضاهما لكنه لم يستطع الصمود أمام انتقادات القيادة الفلسطينية له فسقط أمام إصرار حركة فتح على تنحيه. ويزعم التقرير أن المبلغ الإجمالي الموجود حاليا في الحساب الخاص لعرفات في باريس يبلغ حوالي 800 مليون دولار، وأن هذه المبالغ قدمت من الدول المانحة لمساعدة السلطة الفلسطينية على تسيير أعمالها. وتزعم مصادر اسرائيلية أن ممتلكات عرفات الشخصية تتراوح بين مليار دولار وثلاثة مليارات دولار. وفي محاولة لتوصيل رسالة ملغومة، يحاول التقرير المجهول المصادر، أن يقول لدافعي الضرائب الفلسطينيين أن عائلة عرفات تتمتع بأموالهم في فرنسا في حين يعانون هم في الضفة الغربية وقطاع غزة تحت سلطة الحكم الذاتي التي تسيطر عليها حركة فتح بزعامة عرفات. لكن التقرير لم يقدم تفسيرا حول الكيفية التي تجبي بها السلطة الفلسطينية أموال الضرائب في الوقت الذي تضع فيه اسرائيل يدها على الأرصدة الفلسطينية في البنوك الفلسطينية الخاضعة للرقابة. وكان عرفات قد أعلن العام الماضي أن إسرائيل تجمد في بنوكها حوالي مليار دولار قيمة ضرائب جمعتها السلطة الفلسطينية من سكان مناطق الحكم الذاتي. وقبل شهور عدة أفرجت اسرائيل عن جزء ضئيل من هذه الأموال لتصل الى وزارة المالية الفلسطينية. وليست هذه المرة الأولى التي تسرب فيها اسرائيل تقارير عن الوضع المالي الشخصي لعرفات، فخلال الحملة العسكرية التي أطلقت عليها اسرائيل الدرع الواقية وأسفرت عن انتشار الفقر المدقع في الضفة الغربية وقطاع غزة نشرت الصحافة الاسرائيلية ما يشير الى أن أبي عمار يقوم بتحويل مبالغ طائلة الى زوجته. وآنذاك وصف عرفات هذه الادعاءات بأنها حملة دنيئة تستهدف النيل مني شخصيا وقال: الكل يعلم أن هذه الأكاذيب هي جزء من حملة الإساءة والإهانة التي توجهها الحكومة الإسرائيلية بما في ذلك مكتب رئيس الحكومة، أرئيل شارون، إلي شخصيا .