كانت هناك قبيلة قديمة في إفريقيا اشتهرت بمهارتها الشديدة في اصطياد القرود وذلك بنصب شرك من ثمار جوز الهند حيث يثقبونها ويملؤنها بالأرز الطري ، وتجئ القرود وتمد مخالبها داخل الثمرة وعندما تعلق مخالبها داخل الثمرة تصرخ طلبا للنجدة ولكن هذا ما جناه طمعها . إن القرود لم تفكر إلا في طعم الأرز اللذيذ ..بل وفضلته على حريتها . هنا بيت القصيد ، لقد علقت يد الإدارة الأمريكية في ثمرة جوز اسمها " العراق" رغبة منها لتسيطر على البترول وتتحكم في البلد .وها هي الآن تجد صعوبة في الخروج منه لقد وقعت في الشرك بسبب جشعها وها هي الآن تصرخ طلبا لمساعدة الأممالمتحدة - التي كانت قد أعلنت في وقت مبكر وسابق أن الأمر لم يكن بإذنها وإنها غير مسئولة عنه - وها هي الادارة الامريكية وقد اتضح أمامها خيار تنازلها عن بعض السلطة بل وقد تنسحب ولكن بوقارها . إن ما حدث لا يتلاءم مع شيم امتنا وروحها التي تحرص على المصالحة بيننا وبين الرأي العام العالمي . ولكن إدارة بوش هي التي نصبت الشرك أولا في جوز الهند وذلك بوقوفها ضد النصائح الدولية والقومية بأننا من الصعب أن نتصرف في أمر كهذا بطريقة أحادية . وألمحت الإدارة الأمريكية أخيرا الى أملها في نشر قوات متعددة الجنسية لمساعدة القوات الامريكية والبريطانية في العراق ، وامدادهم بأموال تكفي لإعادة بناء هذا البلد المحطم كليا .ان الإدارة الأمريكية ترغب في أن تكون حرة اليد ولا تدخل يدها في جوزة الهند لكنها تريد أيضا الأرز الذي بداخلها . ان معظم العراقيين يؤمنون بان مجلس الحكم المحلي لم يشكل بأيد عراقية إنما شكلته الولاياتالمتحدة ..وتفسر الولاياتالمتحدة بأنه لم يحن الوقت المناسب بعد لتولي العراقيين كل المهام وتحويل التحكم والسيطرة لايديهم وحتى ذلك الحين فان أمريكا هي التي ستدير الأمور . من هنا فانه بالفعل لم يعد واضحا ما ترغب فيه أمريكا تحديدا حرية يدها أم ثمرة الجوز . الادارة الامريكية ترغب في أشياء مختلفة ويرجع ذلك لوجود العديد من المؤثرين في سياسة الادارة الامريكية . وهناك صراع داخل الادارة بين المذهب العملي والمذهب الإيديولوجي بمعنى آخر .فالإدارة الأمريكية منقسمة لطريقتي تفكير : -مجموعة منها ترى أن الوجود الأمريكي في العراق يرجع لقدراتها واهتماماتها بإتمام بعض الأمور مثل التجارة والبضائع والعلاقات مع الجيران وقواعد الدفاع الدولية . المجموعة الأخرى تنظر للأمور من منطلق أن الولاياتالمتحدة هي قوة بلا منافس وان السماء قد أرسلتها لقيادة العالم ، أو على الأقل أن تحكم الجزء الذي يسمى الشرق الأوسط ، وهذا هو ما جعله يسند ترتيبات واعدادات ما بعد الحرب لمستشارة الأمن القومي كونداليزا رايس ويبعد عن الساحة رامسفيلد وتشيني وولف الذين اعتبرهم محور الغرور. ولكن الرئيس بوش سيجد نفسه في القريب العاجل مضطرا للاختيار بين هل يريد الأرز الذي هو البترول ومكاسب عقود امتيازات إعادة البناء لأصدقائه السياسيين في هاليبرتن وبيتل أكثر مما يريد أن ينجو بنفسه من هذا الإهمال وسوء التصرف والعربدة التي ألقى نفسه داخلها؟ وأخيرا يبدو أن الأمر سينتهي به للوقوع في شرك آخر لاصطياد القرود . @ واشنطن بوست