إذن صار التحول الكبير بعد الحادي عشر من سبتمبر فقد تغيرت الخطط الاقتصادية الاستراتيجية ، وتم تحول كل القدرة الأمريكية الجبارة إلى الانشغال في القضايا الأمنية ، وكان الأثر في البداية غضبا عارما جعل الأمة الأمريكية تنام وتصحى على الانتقام من الأعداء الجدد ، الإرهابيين ، وبما أن هؤلاء أرادوا أن تكون صفتهم جهادا إسلاميا ، وأرادوا أن يصدقهم الناس ، فلماذا لايصدقهم الأمريكيون ؟! من نحارب نحن الأمريكيين؟ لم يكن هذا السؤال عسيرا ألبتة في أول تبعات الهجوم الكبير ، وحيث كان الغضب والحزن هو الذي يصبغ كامل الأمة وبوجود رجل كارزمائي متعصب في ذلك الوقت عمدة لنيويورك، ورئيس جديد لم يكد يصدق نفسه أنه على سدة أكبر كرسي في العالم وأقواه ، بعد انتخابات أكدت حتى إجتماع فلوريدا المشهور أن غريمه الديموقراطي (جور) كان سيكون الرئيس الجديد. لايمكن أن يزعم أحد بأن أيا منهما كان يود أن يحدث شيء بهذا الحجم لكي يعززا به شعبيتهما ، على أن الدور قد وجد كاملا وصار "الجراوند زيرو" رمزا للألم الوطني ، وأراده القائمون في الإدارة وقتها أن يكون رمزا لردة فعل وطنية. لايعقل بالطبع أن يحدث أمر فاجع مثل هذا ثم نأمل أن يتعامل الأمريكان بالبسمات، واللغة الديبلوماسية المنتقاة .. غير أن الذي حدث أن العدو الجديد لم يكن الإرهاب بحد ذاته وتقبل الرأي العام أنها حرب دينية ، أي أن الأمريكان المسيحييين لابد أن يثأروا من أعدائهم المسلمين، وأججت هذا المفهوم صرخة الرئيس الأمريكي حينما هدد بالحملة الصليبية ، مع أنه برر أن لها معنى آخر في اللغة الإنجليزية غير المعنى الديني ، وهذا صحيح لغويا على أن الأرضية النفسية العامة في كلا المعسكرين لم تفهم ولم تقبله إلا برؤيته الدينية. لذا كان جواب "من نحارب نحن الأمريكيين؟"،جاهزا تلقائيا! إذن تحولت الاستراتيجية الدينية إلى استراتيجية حرب أمنية ، ولم يغمض جفن العالم بعدها حتى جاءت حرب افغانستان وتفهمها جزء من العالم ، ثم حرب العراق ومضت فيها الولاياتالمتحدة وحيدة تقريبا إلا مع رئيس الوزراء البريطاني الذي تبنى مفاهيم بوش كفرد صادف أن يكون رئيسا لوزراء بريطانيا ، حيث كانت الرؤية العامة غير موافقة في الغالب، لذا رجعت الجيوش مرة ثانية إلى الفلبين بل إلى مناطق جديدة في العالم الإسلامي مثل افغانستان وتوسعت في قواعدها بالخليج ورأت اليمن القوات الأمريكية. ويوم 11 سبتمبر مازال طويلا مستمرا.. نجيب..