خطت ألمانيا خطوة تاريخية على طريق الاصلاحات الاقتصادية التي يقودها المستشار الالماني جيرهارد شرودر بعد موافقة مجلس النواب يوم الجمعة على برنامج الاصلاح الاقتصادي والاجتماعي الذي تقدمت به حكومته. وجاء التصويت على هذه الاصلاحات في أعقاب أسابيع من التوتر السياسي في ألمانيا خاصة مع تمرد عدد من أعضاء الحزب الاشتراكي الديموقراطي الذي يتزعمه شرودر ورفضهم لهذه الاصلاحات. و نجح شرودر في استقطاب هؤلاء المتردين الستة بعد أن قدم لهم مجموعة من التنازلات في اللحظة الاخيرة. والحقيقة أن شرورد راهن بمستقبله السياسي على هذه الاصلاحات لدرجة أنه هدد بالاستقالة من منصبه إذا فشل الحزب الذي يتزعمه في مساندة هذه الاصلاحات التي تتضمن تخفيض الضرائب بمقدار عشرين مليار يورو وإجراء تعديلات جذرية على قوانين العمل في ألمانيا وتقليص إعانات البطالة. يقول أدولف روزنيستوك المحلل الاقتصادي في مؤسسة نيمورا الاستثمارية اليابانية في ضوء التاريخ فهذه قفزة كبيرة بالنسبة لالمانيا. هذه أول مرة منذ ثلاثين عاما تتراجع فيها دولة الرفاه الاجتماعية بهذه الدرجة الكبيرة. ففي الماضي كان يحدث تقليص ولكن كان هناك وبشكل أساسي توسيع لدولة الرفاه الاجتماعية . من ناحيته ينظر المجتمع الصناعي في ألمانيا إلى هذه الاصلاحات باعتبارها اختبارا حقيقيا لقدرة الاقتصاد الالماني وهو أكبر اقتصاد في أوروبا على الخروج من نفق الركود الذي يمر به منذ ثلا ث سنوات. وينتظر هذا المجتمع المزيد من الاصلاحات. ولكن الحكومة الالمانية التي تتمتع بأغلبية ضئيلة في البرلمان قد تواجه تمردا من داخل صفوفها في حالة السعي إلى إقرار المزيد من الاصلاحات المماثلة. ورغم المعارك الشرسة التي يخوضها شرودر من أجل إقرار هذه الاصلاحات إلا أن مجتمع الاعمال مازال يرى أنها الاصلاحات أقل بكثير من تلك الاصلاحات التي أعادت تشكيل الهيكل الاقتصادي في عديد من الدول قبل عشرين عاما وتلك التي تتبناها دول وسط أوروبا من أجل الانضمام إلى الاتحاد الاوروبي. يقول كين فاريت المحلل الاقتصادي في بنك بي.إن.بي باريبا الفرنسي "الاسوا ق تريد المزيد من التغييرات الجذرية والاقتصاد يحتاج إلى المزيد من التغييرات الجذرية". ويضيف أنه مهما تكن الامور فإن الاصلاحات الاخيرة في ألمانيا مهمة لانها تقدم إشارة إلى الاتجاه الذي تسير فيه الدولة. والحقيقة أن شرودر حصل على بعض الاشادة من مجتمع الصناعة الالماني بسبب هذه الاصلاحات حيث قال مايكل روجوسكي رئيس اتحاد الصناعات الالماني أن هذه الاصلاحات تتمتع "بمصداقية عالية" وأن شرورد قام "ببداية شجاعة" بهذه الاجراءات.