لامفر من التليفزيون والتفقيس بين محطاته، فكثير منا تنطبق عليه الأغنية الساخرة لسميح شقير: (أنا شخصيا من جمهور التليفزيون طبعا لأني مقبور بيتي ومطحون).. وفي هذا الملل بين جدران المنزل وفائض الأخبار النازلة بالدم وبالفضائح، (يفتر) الريموت باحثا عما يكفكف الوقت ويطامن من سقف الضجر.. يتوقف بين محطة وأخرى وينط منزلقا الى بعض الهواء والرذاذ الساخر من برنامج لاذع ولاسع تبثه فضائية إل.بي.سي اللبنانية: (بس.. مات وطن).. مخرج فيديو كليب ومساعده وفنانة تريد صعود درج الشهرة بسرعة الضوء، أمام مشهد لمدينة بنت جبيل وقلعتها التاريخية. هنا يمتهن التاريخ والأثر ويزاح إلى خلفية تتطوح عليها الأجساد اللينة المكشوفة. الفنانة الصاعدة في كامل ما يسمى بالحشمة بمقاييس تختلف من بلد إلى آخر (!!).. المخرج لا تروق له هذه (الحشمة) التي لا يمكن أن تصنع (نجمة!!).. يقرر المخرج ألا توافق بين الحشمة والنجمة!!.. يتسلل مساعد المخرج، ليقنع الفنانة الصاعدة، المتمسكة حتى الآن بأذيال ما يسمى بالحشمة: شو بدّك تشتهري؟ أكتر من هيفا ونانسي وأليسا. صار؛ بدك تشلحي أكتر منُّن!! والبقية معروفة. كسب المخرج ومساعده الجولة، و(شلحت) الفنانة كل شيء!! أليست تريد شهرة وحضورا في الفضائيات وبين الجمهور أكثر من هيفاء وهبي ونانسي عجرم وأليسا. هذه الطريقة الواضحة، لا امكانيات صوتية ولا مقدرة فنية.. المهم أكبر مساحة من الجسد تظهر، وأكثر حركات الإغراء والاثارة؛ تفتح العين وتسيل الريق وتسد الأذن (؟!) ومن يتحدث عن الغناء وعن شروط صعود سدرة الفن العالية التي باتت واطئة ومقززة تعافها النفس، في ظل هذا العري والتفسخ و(التفصخ) دون مراعاة لا للقيم ولا للذوق.. هجمة استهلاكية تتردى بالفن وتحيله إلى (ستربتيز) يخاطب الغرائز وينحط بها، و(المخرج عاوز كده، والمنتج عاوز كده)، ويظنون الجمهور الفقير (عاوز كده). والمسألة كلها عوز مدقع وانتهازية فاقعة . والكل مسخر لهذه البهيمية التي تجول في الفضائيات.. في ليلة الاحتشاد للتصويت الأخير لمسابقة سوبر ستار، بثت محطة ميلودي رسالة (أسفل) الشاشة كشريط متكرر؛ تستنهض السعوديين (!) لصالح رويدا عطية النحيفة ضد منافستها ديانا كرزون السمينة: (السعوديون ما بدهم منسف، بدنا مقبلات شامية؛ رويدا عطية)!! فهل نحن سنأكل المطربات أم سوف نستمع إليهن؟! ويا ليل الفن العربي ما أطولك.. وروح يا ليل!!