(يجب ان نوقظ الطفل في اعماقنا).. تلك مقولة يرددها علماء الاجتماع والأطباء النفسيون كلما وجدوا السوداوية في أعين الناس تكاد تنهش اعماقهم وتحيلها الى أنقاض.. انها مقولة لها دلالتها الصحية كما انها دعوة لربط الماضي بالحاضر واستشراف المستقبل وبتلك الرؤية المثالية قد نستطيع ان نستشف واقعنا ولا يجعلنا ذلك السراب في صحراء العمر والحياة نمضي نحو الفشل الذي يعمق الهوة بين الممكن وغير الممكن.. ان الممكن في حياة المسلم هو ان يسعى في هذه الحياة سعيا دؤوبا من اجل التعمير وعليه ان يستنهض الهمم من اجل ذلك شريطة ان يكون ذلك السعي شريفا ونظيف المعدن.. فالله سبحانه وتعالى مطلع على عمله ومقصده من ذلك العمل لذا فان المسلمين كانوا ومازالوا ينالون جزاء الدنيا والآخرة ان هم ارادوا بعملهم ذلك المقصد المتميز اما غيرهم فلهم جزاء الدنيا ان احسنوا نالوا ما يستحقونه من المنظور المادي وتلك سنة الله العادلة في هذا الكون.. لذا فان على المسلم ان يتكىء دائما على البعد الديني اذا اراد ان ينجو بنفسه من الهم والغم ولعله ليس بحاجة الى ان يوقظ ذلك الطفل ولا يستدعيه بأي شكل من الاشكال فهو قد تحصن بالإيمان بالقدر خيره وشره.. ذلك الايمان يمنحه الرضا بما آل اليه الحال من خير او شر.. ولذا فان الرسول - صلى الله عليه وسلم - تعجب من أمر المؤمن فهو في كلا الحالين نال من الله الجزاء ونفى عن نفسه السخط وما ادراك ما السخط.. ذلك الداء العضال الذي ما دخل في نفس الا أتلفها وأحالها الى شيطانها وأبعدها عن صوابها.. نعم أيتها الهموم والغموم.. لقد هزمك رجال عرفوا الله حق المعرفة فكنت في داخلهم نورا وبرهانا على عظمة الابتلاء.. فأحالوك الى جسر به عبروا الى الحسنات فاستزادوا منها استزادة غير متناهية فلما رأيت نهمهم غادرت صدورهم خوفا من شوقهم اليك ان تضمحلي في ذاكرتهم.. فانتهيت الى غيرهم فأبنت لأولئك السعادة وضللت الغير بقوتك المصطنعة وما علم اولئك المحزونون انك أسد عليهم وفي قلوب اولئك الرجال نعامة تهرب من صفير الصافر.. ولو علموا لجعلوا من اسلامهم ايمانا به يتسربلون حتى يأتيهم اليقين.