يجد أحمد فهد العكروش صعوبة كبيرة في مقارنة اليوم بالأمس، كل شيء في سنوات طفولته مختلف عن اليوم، الدراسة، التربية، العادات الاجتماعية، حتى شوارع بلدته الطرف اختلفت كثيراً. عانى العكروش الفقر والضنك في طفولته، فلقد كان والده معاقاً، وعمل منذ سنوات طفولته المبكرة فلاحاً، ولكنه التحق بالدراسة، وواصل مشواره فيها، وشق طريقه حتى أصبح مديراً. وبعد سنوات من الخدمة تقاعد، ليلتحق بالعمل التطوعي، رئيساً لمجلس إدارة جمعية الطرف الخيرية للخدمات الاجتماعية.. نبشنا في ذاكرته فكان هذا الحوار: مواطن عادي بسيط @ من أنت ؟ أنا مواطن عادي بسيط، اسمي، احمد فهد سعيد العكروش، من قرية تسمى الطرف وأسرة فقيرة، إلى الله من أب كان يعمل في الحقول متزوج، ولدي من الأبناء 6 (4) أولاد وبنتان وعدد اخوتي 6 ، أيضا جد لأحفاد ، معلم سابقاً، محال على التقاعد حالياً، أترأس مجلس ادارة جمعية الطرف الخيرية . حلاوة ومرارة @ حدثنا عن بداية مشوارك مع الحياة ؟ أنا أعتبر نفسي مخضرماً ، عاش الحياة القديمة والحديثة بحلاوتها ومرارتها وصعوبتها، حيث كنت أعمل مع الوالد في الفلاحة منذ أن كنت طفلاً، لكسب لقمة العيش، حيث كنا نجلب الماء على الحمير للزراعة والسقي، وشرب الماء والغسيل وكنا نعمل ليل نهار لطلب الرزق، حتى أن الواحد منا كان يحصل على وجبة واحدة يومياً. أولا لا يحصل إلا على النزر القليل أو عدمه، وأحياناً من كان يتغدى لا يحصل على العشاء أو العكس . هكذا كانت الطرف @ كيف تصف الحي الذي عشت فيه ؟ أولاً الطرف مثل القرى الأخرى، وكانت الطرف بعيدة عن النخيل نوعاً ما، حيث كانت البيوت قديمة ذات تصاميم بسيطة، مبنية من الحجر والطين، والماء، ومنازل مهدمة ومتساقطة، وشوارع ضيقة ودهاليز متفرعة، وكان، الجيران على قلب واحد، لا ينام الواحد منهم حتى يقسم الخبز مع جاره . وصلة الرحم بين الأقارب قوية في التعاون والتكاتف والوقوف معهم في المحن والمصائب والشدائد، أما الآن فقد تغير الوضع . @ ماذا عن طفولتك ؟ كانت الطفولة حلوة جداً، تقوم على البساطة وحب اللعب، حيث نشأت وترعرعت في كنف الوالدين، وكنا نمارس اللعب في الشوارع التي مازال بعضها قائماً . ابتدائية الطرف @ من هم الأصدقاء الذين تتذكرهم ؟ أتذكر أحمد الناجم، سالم السعد، عيسى الجمعة، ومشاري عبد العزيز الدهام ....الخ @ ماذا عن الدراسة وهل درست عند المطوع ؟ لم أدرس عند المطوع ، حيث درست الابتدائية في مدرسة نظامية، تسمى مدرسة الطرف الابتدائية، وهي المدرسة الأولى والوحيدة، في ذلك الوقت، وكان المدرسون يجتهدون في الحرص على الطالب وتدريسه وتعليمه حباً في التعليم وتربية الطلاب، ورجعت بعد فترة مدرساً ثم وكيلاً، ومن المدرسين الذين أتذكرهم خليفة عبد العزيز السليم، وإبراهيم علي الحادي، عبد العزيز الحمد، حيث كان المبنى قديماً ، وقد تغير موقعه، وأعيد ترميمه. معهد إعداد المعلمين @ ماذا بعد الابتدائي ؟ انتقلت إلى معهد إعداد المعلمين بالهفوف، وكنا نذهب يومياً بالباص حيث كنا مجموعة من الطلاب قمنا باستئجار حافلة لنقلنا إلى هناك . @ ماذا تدرسون في المعهد ؟ كانت الدراسة تربوية، وأيضا علمية، بالإضافة إلى أننا كنا ندرس علم النفس وإسلاميات، واللغة العربية، واجتماعيات وأيضا طرق التدريس، والتي تعتبر الأساس فيها، والتي يتم التركيز عليها . مشوار التدريس @ ماذا بعد ذلك ؟ في الصف الثاني نطبق التدريس، أي في التربية العملية، وواصلت مشواري في المعهد وكذلك زملائي المدرسون، حتى تخرجنا من معهد المعلمين، ثم عملت في مدرسة الجفر الابتدائية لمدة سنتين، ثم انتقلت إلى الطرف لمدة سنة، وبعد أن أكملت دراستي في معهد مركز الدراسات بالرياض اتجهت إلى مدرسة أخرى هي معاذ بن جبل ثم ذهبت إلى الدمام للدراسة في الكلية المتوسطة، وبعد العودة انتدبت للعمل خارج المملكة لمدة 4 سنوات في سلطنة عمان، حيث عملت في منطقة سمايل، وبعد الانتداب رجعت لمدرسة معاذ بن جبل حيث أصبحت وكيلاً . @ كم سنة عملت في التدريس ؟ عملت في التدريس لمدة 35 سنة مدرساً ووكيلاً ثم مديراً وأنا الآن محال على التقاعد . @ ماذا عن التعليم سابقاً ؟ التعليم في السابق أفضل بكثير من الوقت الحالي، من ناحية حب التلاميذ للمعلم، وحرص الأهل على الأبناء، وكذلك التعاون والاحترام والتقدير للمعلم أما الآن فقد أختلف الوضع . ظروف مختلفة @ ما الصعوبات التي كنتم تواجهونها؟ كنا نعمل طوال اليوم من الصباح حتى بعد المغرب، حيث نعمل في الفلاحة مع الوالد، وكان الوقت المستغرق للتعليم قليلا جداً، أما الآن فقد تغير الوضع، فسبل الراحة متوفرة في مقابل ضعف الإمكانيات سابقا، وأنا واحد من 6 إخوان كان والدنا معاقاً وعلى قد حاله فكنا نتحمل المسؤولية ونحن صغار جداً، فالوالد في الصف السادس كان يعتبر رجلاً في ذلك الوقت، وتلقى عليه المسؤوليات حيث تبدأ الرجولة مبكرة، غير الآن فالوضع مختلف جداً فالطالب ينهي الكفاءة او الثانوية ولا يعتمد عليه، وأيضا صعوبة المعيشة التي عشناها وظروف الدراسة وعدم توفر من يساعد على الدراسة، فالوالدان لم يكونا متعلمين، بعكس الطلاب اليوم. أسواق زمان @ حدثنا عن الأسواق ؟ كانت الأسواق تعتمد على محلات معينة، يمكن أن تعد على أصابع اليد الواحدة وهي في الواقع بقالات، مثل بقالة عبد الرحمن أحمد وسعد علي المانع ، الذين كانوا أصحاب دكاكين صغيرة، كنا نشتري منهم الدهن والسمن والصابون والصلصل والمواد الغذائية، التي نحتاجها ليومنا، وكانت تغلق بعد صلاة العشاء، وأحياناً نطرق الباب على بيوتهم حتى نشتري منهم، وكذلك سوق الطرف الشعبي، الذي يعقد يوم الجمعة، وكان موجوداً عند مدخل الطرف، ويعرض فيه كل شيء ويأتي له من الحضر والبدو، والبعض لا يشتري بالكيس، حيث كان السعر مرتفعا على الفقراء، أتما يشتري بالكيلوات . @ كم يصرف لك ؟ غالباً لا نحصل على شيء أو قرشين في الأسبوع، حيث تمر الأام نأكل التمر فقط مع الماء أو خبز بر . @ ماذا عن الأعياد ؟ العيد جميل عندما ترى الناس في بهجة وسرور من أهل الحي والأهل والأقارب، وكنا نحصل على المال كعيدية، ولا يتعدى مجموعها 5 ريالات. @ ما هي المشاهد التي تتذكرها وتثيرك ؟ كل المشاهد العاطفية وخاصة من ذوي القربى وصلة الرحم . @ فيم كنتم تفكرون سابقاً ؟ الواحد يفكر في رزقه وسكنه، كانت الطموحات محدودة على قدر الأنكار أي أن أحلام الواحد على قدر إمكانياته . @ هل سافرت وإلى أين ؟ نعم سافرت إلى عدة دول منها العراق ، سلطنة عمان، ومصر والهند والفليبين ... الخ بعضها للسياحة وأخرى لاستقدام الأطباء . @ ماذا تعمل الآن ؟ لا أعمل شيئا سوى عملي التطوعي، الذي أسعى به لمرضاه ربي سبحانه وتعالى في جمعية الطرف الخيرية. @ ماذا عن الجمعية؟ قفزت الجمعية قفزة كبيرة نحو الأحسن والأفضل، حيث تعددت مواردها وهذا لا يغني عن الدعم والتبرعات من محبي الخير. العكروش يتحدث ل "اليوم"